مارس 15 2011

هل بدأت السلطة الفلسطينية بتغيير استراتجيتها?

نشرت بواسطة الساعة 4:00 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلم داود كتاب

لأول مرة منذ أشهر بدأ المتحدثون باسم السلطة الوطنية الفلسطينية بالتلميح إلى أن الإستراتجية السياسية الفلسطينية قد تتغير خلال الفترة القادمة؟ ولا يزال هناك غموض حول ما هي الطريق الجديد التي ستسلكه الدبلوماسية الفلسطينية ولكنه أصبح من الواضح أن التحرك التقليدي والمتمحور حول استحقاقات أيلول القادم وإعلان الدولة الفلسطينية من اتجاه واحد صار مشكوكا فيه وفي نجاعته، وقد يكون أهم مؤشر لهذا التفكير الجديد قيام رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الزعنون بالدعوة المفاجئة الأربعاء لانعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في 16 آذار الحالي.

التحرك التقليدي الفلسطيني كان متمحورا على هدف الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية خلال الدورة القادمة للأمم المتحدة في أيلول 2011. وهذا الاستحقاق جاء مترافقا مع خطة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض والمطالبة بإقامة مؤسسات الدولة الفلسطيني في فترة أقصاها أيلول 2011. وقد تحول هذا التاريخ إلى استحقاق عالمي عندما تمنى رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل الصلاحية خلال الدورة السنوية القادمة للأمم المتحدة والتي تبدأ في أيلول من كل عام.

منذ انطلاق خطة فياض والعمل الفلسطيني يسير على مسارين متوازيين. فمن الناحية الإدارية تم الشروع في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية وتم العمل على إرساء الأمن والنظام وتطوير المؤسسات القانونية، ومن الناحية السياسية، عملت الدبلوماسية الفلسطينية على إقناع الدول الصديقة بالاعتراف بالدول العتيدة أو رفع المستوى الدبلوماسي للممثلية الفلسطينية في بلادها. وقد بدا هناك نجاح للمسارين، فقيادة فياض لبناء مؤسسات الدولة جلبت زيادة ملحوظة من الدعم الخارجي وقد بدا واضحا للمواطن في الضفة الغربية زيادة ملموسة في الأمن الداخلي وفي حكم القانون.

وسياسيا كان الاختراق الأول في أمريكا اللاتينية والتي توالت دولها بالإعلان فيها عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967. وأعلنت النرويج على لسان وزير خارجيتها والذي زار المنطقة الأسبوع الماضي أن دولته ستعترف بفلسطين في حال الإعلان عنها بغض النظر عن نتائج المفاوضات. كما ورفعت عدة دول بينها المملكة المتحدة مستوى التمثيل الفلسطيني، وقد عبر أحد المسؤولين الفلسطينيين أن أكثر من 150 دولة ستعترف بالدولة الفلسطينية فور الإعلان عن إقامتها. إلا أن هذه النجاحات على الأرض، وفي الجانب الدبلوماسي لم يكن كافيا لصانعي القرار الفلسطيني وذلك لتخوفهم من عقم التحرك إذا لم يشمل وضوح في الموقف الأمريكي والذي بقي مترددا.

وقد زاد التخوف الفلسطيني التراجع المرحلي للرباعية من تنفيذ وعودها باعتبار حدود الـ 1967 أساسا ومرجعية لحدود الدولة الفلسطينية. ففي الأسبوعيين الماضيين رفضت إسرائيل إرسال مندوب لها لحضور اجتماعاتها والتي كان من المقرر أن تعلن خلالها موقفها من حدود الدولة. كما زاد التخوف الفلسطيني من تردد الرباعية قيامها بإلغاء اجتماعها الذي كان مقررا في الخامس عشر من آذار في باريس على خلفية التسريبات الإسرائيلية بقرب الإعلان عن خطة سلام جديدة سيعلنها نتنياهو قريبا.

ورغم أن الجانب الفلسطيني متأكد من أن أية خطة إسرائيلية جديدة لن تلتقي بالحد الأدنى الفلسطيني فقد كان التسريب الإسرائيلي بأن نتنياهو مصر على تواجد قوات إسرائيلية مع أي قوات أجنبية على مدى غور الأردن والذي من المفترض أن يشكل الحدود الشرقية للدولة الفلسطينية المستقبلية.

سلسلة التراجعات الرباعية شكل تخوفا حقيقيا لدى صناع القرار السياسي في رام الله بأنه من شبه المستحيل أن يشكل الإعلان الفلسطيني أحادي الجانب تغييرا جذريا لدى البيت الأبيض و حتى العاصمة الأوروبية بروكسل. وقد زاد التخوف الفلسطيني ما تردد من أقوال خبراء عسكريين إسرائيليين في مؤتمر هرتسليا الاستراتيجي بأن إسرائيل لن تنزعج كثيرا من أي إعلان أحادي فلسطيني وحتى إقامة دولة محدودة الحدود لأن ذلك سيغير طبيعة العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية. فيدلا من علاقة محتل بشعب تحت الاحتلال ستكون علاقة بين دولتين مما سيعفي إسرائيل من كافة التزاماتها السياسية حسب القانون الدولي.

خلال الأشهر الماضية كان النقاش منحصرا داخل أروقة المقاطعة في رام الله. ولكن استمرار التراجع والتردد الأمريكي أقنع القيادة الفلسطينية بضرورة رفع النقاش إلى مستويات أعلى.

وفي هذا الإطار قام رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون بدعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد في رام الله في السادس عشر من آذار. وقد كان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي واضحا في لقاء صريح له مع راديو فلسطين الثلاثاء 8/3 عندما أوضح أن هناك حاجة للأطر الفلسطينية العليا للمشاركة في اختيار أي من الطريقين يجب العمل بها. هل يستمر العمل على التحضير للاستحقاق المتوقع في الخريف القادم والتعامل مع نتائجه مهما كانت أم أن على الجانب الفلسطيني الاستعداد لحل السلطة الوطنية.

من الواضح أن قرار حل السلطة وإعادة المسؤوليات عن الشعب الفلسطيني المحتل لدولة الاحتلال الإسرائيلي سيكلف إسرائيل ثمنا باهظا فمن الواضح أنها مستفيدة من تحميل السلطة مسؤوليات إدارة الأراضي الفلسطينية في حين تستمر إسرائيل بسياسات الاحتلال والاستيطان دون أية جدية في إنهاء حقيقي للاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومترابطة وقابلة للحياة.

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .