فبراير 27 2011

ما يميز الديمقراطية هو دفاعها عن حقوق المعارضة

نشرت بواسطة الساعة 10:37 م تحت فئة مقالاتي -

داود كتاب

بعكس ما يعتقد البعض في الأردن والدول العربية، فالديمقراطية ليست حكم الأغلبية فحسب, بل أهم ما يميز الديمقراطية هو ضمان الحكم الديمقراطي لحقوق الأقلية ومن بين هذه الحقوق حق الأقلية بالتظاهر والتعبير عن رأيها.

فما يحدث في العديد من الدول العربية من مظاهرات هزيلة مضادة لأشخاص يؤيدون النظام يعكس تخوفاً غير مبرر ويضر النظام أكثر مما يفيده. ففي الأردن مثلا لم يطالب أي من المتظاهرين بإنهاء الحكم الملكي في حين أن المظاهرات المؤيدة ركزت على تأييد الولاء وكأن المطالبون بالإصلاح معارضين للوطن.  وقد بدا ذلك الموقف واضحا في منشيت الرأي على ثمانية أعمدة من الصفحة الأولى يوم السبت 26/2 والذي حاول تزوير ما جرى بوصفه “مسيرات كرنفالية تجدد الولاء والانتماء للوطن والقائد”.

إن قارئ مثل هذا العنوان العريض خاصة وإن كان يعرف حقيقة ما جرى يوم الجمعة سيشعر أن المظاهرة المعارضة والتي قدر قائد الشرطة بأن عدد المشاركين فيها وصل إلى ستة آلاف ترفض تجديد الولاء والانتماء للوطن والقائد. بينما لم يتجاوز عدد المشاركين في ما أسمته الصحيفة المملوكة من الحكومة الأردنية بأنها مسيرات كرنفالية، المئتي شخص فإن الانطباع الذي قد يأخذه المراقب لما يجري في الأردن أن المعارضة للنظام أكبر بكثير من الموالاة.  ولكن هذا غير صحيح حتى باعتراف المعارضة والتي أصرت لإثبات ذلك على رفع علم واحد في مظاهرات الجمعة وهو العلم الأردني.

لقد شكلت ثورات تونس ومصر ودول عربية أخرى “فزعة” غير مبررة في الأردن . فلا يوجد أي داع للخروج بمسيرات تؤكد ما هو معروف ومتفق عليه.  فهناك إجماع أردني حول ما جاء في الدستور الأردني بأن النظام في الأردن هو نيابي ملكي.

قد يقول البعض أنهم يريدون للقسم الأول من هذه المعادلة أن يكون ممثلا أفضل للشعب من خلال إصلاحات في قوانين الانتخاب لمجلس الأمة. كما وقد يقول البعض  إن الحكم الملكي قد يحتاج إلى إصلاح تماشيا مع رغبات الشعب بأن يترفع جلالة الملك عن الأمور اليومية مثل حل وتعيين الحكومات والبرلمان ويترك تلك الأمور لبرلمان منتخب بصورة  تمثيلية صادقة.

أكاد أن أجزم أن ما حدث يومي الجمعة الماضيتين يثبت بدون أي شك عدم تورط الدولة الأردنية في المظاهرات المعاكسة وأنها فعلا من بنات أفكار سياسي مبتدئ  أو نائب مستوزر.  فلو كانت الدولة الأردنية ونظامها السياسي مهدداً، لخرج مئات الآلاف يتصدرهم كافة القيادات الشعبية والسياسية يما فيها المثقفون والأعيان والنواب والوزراء وكبار شخصيات الدولة. أما الخروج الهزيل فضرره على الدولة الأردنية أكبر بكثير من فائدته. فالمراقب المحايد والذي يتابع التحرك الشعبي في الدول المجاورة سيخرج بانطباع عكس ما هو المراد.  فالانطباع الذي سيخرج به أن الدولة ونظامها حقيقة ضعيفان ومهزوزان يعتمدان على حفنة صغيرة من المستفيدين تدعمهم وسائل إعلام رسمية مملوكة من الحكومة تصطنع العناوين وتزور الحقائق.

لقد آن الأوان لوقف مسيرات “التأييد” غير المفيدة وغير المقنعة والتي تعكس ضعف وتخبط الدولة وقيادتها. فالدولة القوية تدافع عن حقوق الأقليات والمعارضة في التعبير، وتعتبر ذلك تأكيدا على الثقة بالنفس وعلى معرفة أين يقف الجمهور الواسع من الشعب والذي لا يحتاج أن يخرج للشارع للتعبير عن موالاته.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .