أبريل 06 2010

الخلاف الأمريكي الإسرائيلي سببه غياب الثقة

بقلم داود كتاب

لا يختلف اثنان أن الولايات المتحدة هي القوة العالمية الوحيدة القادرة على مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين في تحقيق السلام. قليلون يشككون في مكانة أميركا الفريدة في منطقتنا. ولكي تكون الولايات المتحدة قادرة على المساعدة في رعاية عملية سلام جدية، فإن ثقتها بنوايا ووعود كل من الطرفين في الصراع هو أمر في بالغ الأهمية. فغياب الثقة أكثر من الإعلان عن المزيد من المستوطنات قد يكون السبب الحقيقي وراء غضب إدارة أوباما الحالي تجاه أهم حليف لها في الشرق الأوسط.

إن الدروس المستفادة من فشل المحاولات السابقة لتحقيق انفراج في عملية السلام تشير إلى غياب الثقة. الفجوة بين ما هو متفق عليه وراء جدران البيت الأبيض أو وزارة الخارجية وما يحدث على أرض الواقع في إسرائيل وفلسطين عملت أكثر من أي عامل آخر على تسميم العلاقات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وكذلك بين إسرائيل والولايات المتحدة.

دعا دبلوماسيون ومراقبون مراراً وتكراراً الولايات المتحدة وغيرها من أعضاء اللجنة الرباعية (أوروبا وروسيا والأمم المتحدة) للتحديد علناً من هو الطرف الذي ينتهك الخطوات المتفق عليها نحو السلام. عندما تصبح التفاهمات وراء الأبواب المغلقة والواقع على الأرض متزامنة عندئذ فقط يمكن استعادة هذه الثقة الصعبة المنال.

أعطى السفير الأميركي السابق دان كيرتزر وسكوت لاسنسكي من المعهد الأمريكي للسلام هذه المشورة نفسها إلى الإدارات الأميركية السابقة والحالية. وذلك على أساس بحث شامل حول ما هو مطلوب من أجل أن تكون القيادة الأميركية فعالة. إن كتابهما بعنوان “التفاوض على السلام العربي الإسرائيلي: القيادة الأميركية في الشرق الأوسط” يبرز 10 دروس تمت الاستفادة منها حول فشل محاولات الولايات المتحدة في التوسط لإحلال السلام.

ينص الدرس الخامس: “إن الالتزامات والاتفاقات المبرمة التي تعهدت بها الأطراف يجب أن تُحترم وتُنفذ. ويجب على الولايات المتحدة ضمان الالتزام من خلال المراقبة ووضع معايير للمساءلة والإعلان عن الانتهاكات من قبل الطرفين والعواقب الصارمة عندما يتم انتهاك الالتزامات أو الاتفاقات التي لا تنفذ.”

هذا ما أصر عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما عندما التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في أيلول الماضي حيث ذكّر كل منهما بالتزاماته وفقاً لخارطة الطريق واتفق مع كلي الزعيمين على المسار الجديد.

ومنذ ذلك الحين، واصل الفلسطينيون على الوفاء بالتزاماتهم خاصة على الصعيد الأمني. وعملت قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل جيد للغاية. وأشاد مسؤولون أمريكيون وجنرالات إسرائيليون بتلك الجهود بما في ذلك نجاح الفلسطينيين المدربين حديثاً.

وعلاوة على ذلك، فقد حصلت إستراتيجية سلام فياض، رئيس وزراء السلطة الفلسطينية، بشأن تنفيذ خطة إقامة دولة بحكم الأمر الواقع حصلت على الدعم من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الكلمات الإيجابية من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي والذين التقوا مع فياض.

إن فكرة تقيد الزعماء بالتزاماتهم عن طريق مراقبة الوضع على أرض الواقع لم تبدأ مع إدارة أوباما. ففي شهر كانون الثاني من عام 2008، عيّن الرئيس الأميركي جورج بوش الجنرال وليام فريزر الثالث، مساعداً لرئيس هيئة الأركان المشتركة، لمراقبة التقدم في تنفيذ خارطة الطريق. وفي حديث له في جامعة برنستون في شهر نيسان 2008، كان كيرتزر مسروراً بأن فكرة كتابه قد تم اختيارها من قبل إدارة بوش. ومع ذلك، شكا من أن واشنطن لا تطبقها بحذافيرها. وأوضح أن إرسال الجنرال لمدة يومين في الشهر غير كاف لان تعتبر هذه الزيارة زيارة مراقبة.

لم يكن كيرتزر الشخص الوحيد الذي يرى أن بوش لم يكن جدياً في الرغبة في مساءلة الأطراف. فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وبشكل واضح لا يبدو أنها قد اتخذت مسؤولياتها على محمل الجد.

في شهر أيار من عام 2008، ووجه فريزر بالواقع. ذكرت إذاعة إسرائيلية أن مستوطناً يهودياً قاد سيارته الجيب نحو الموكب الذي يرافق فريزر. واصطدمت إحدى مركبات الموكب بالجيب. وأعقب ذلك شجار بين الحراس الأمريكيين والمستوطنين اليهود قبل أن يقرر الأميركيون قطع الزيارة. والنتيجة؟ تُرك المستوطنون أحراراً للمشاركة في الأنشطة غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في حين تم تناول هذه القصة على نطاق واسع في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الشعب الأميركي وبشكل واضح لا علم له بها أو بالأفعال الإسرائيلية العديدة المذلة تجاه المسؤولين الأميركيين. ومن الملفت للنظر أنه ما زال يتم منع الأميركيين وبانتظام، من السفر بحرية أو من القيام بالمراقبة أو بأي عمل آخر في المجال الإنساني.

تحتاج أميركا كوسيط نزيه في عملية السلام في الشرق الأوسط إلى استعادة الثقة مع الطرفين قبل أن تبدأ عملية جادة حقاً.

لقد برز التوتر الحالي بين إسرائيل وواشنطن بسبب إخفاقات حقيقية شهدها الأميركيون على الأرض. وإحدى أكثر الاختبارات أهمية هي ما إذا كانت أطراف الصراع حقاً تريد السلام. وبمجرد تحقيق ذلك، فإن الولايات المتحدة والعالم سوف يكونون قادرين على مساعدتهم على ترجمته في أرض الواقع.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .