مارس 12 2010

على الأميركيين أن يوجهوا اللوم لأنفسهم بشأن صفعة بايدن

نشرت بواسطة الساعة 9:42 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلم داود كتاب

إن الحرج الذي واجهه نائب الرئيس الأميركي خلال زيارته لإسرائيل هذا الأسبوع عندما تم الإعلان عن إنشاء مستوطنة جديدة كان ينبغي ألا يفاجئه، فقائمة الصفعات الإسرائيلية في وجه المسؤولين الأميركيين لا نهاية لها، وقد أصبحت الحالة على هذا الوجه مما أدى بالكثيرين إلى القول أن الدعوات إلى تجميد أنشطة الاستيطان يجب أن تتوقف لأنها أدت إلى بناء مزيد من المستوطنات اليهودية.

وبينما تشكل قضية المستوطنات بالنسبة للإسرائيليين قضية أيديولوجية، فهي تمثل للفلسطينيين مسألة وجود، فكل وحدة استيطانية بنيت في الأراضي التي ستصبح جزءا من دولة فلسطين المستقلة هي خنجر في قلب الفلسطيني.

ويرى كثيرون في قضية المستوطنات جزءا من المحاولات الإسرائيلية الطويلة المدى لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وكثيرا ما يشير الفلسطينيون إلى حكاية جحا الفولكلورية كوسيلة لتوضيح سبب صلابتهم في رفض المستوطنات، ففي هذه الحكاية يبيع جحا بيته مع شرط واحد هو أن يبقي مسمار في إحدى الغرف ملكا له، ولم ير المالكون الجدد أية مشكلة في مسمار صغير فوافقوا على الشرط ليدركوا لاحقاً أن جحا سيأتي في جميع الأوقات ليلا ونهارا ليعلق على المسمار ملابسه الرطبة وذات الرائحة الكريهة أحياناً حتى وصلت المشكلة إلى مرحلة أدت بأصحاب البيت المحبطين إلى التخلي عن المنزل بسبب مسمار جحا.

في حين أن الفلسطينيين يحبذون أن يروا بداية تفكيكً المستوطنات غير القانونية، فإن اقتراح التجميد يعتبر حلا وسطا، كما ورد في خارطة الطريق التي تنص أن يشمل تجميد الاستيطان كل المناطق التي تم احتلالها عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، وحتى ما يسمى “بالنمو الطبيعي” للمستوطنات.

تبدو مشكلة المستوطنات بين الفلسطينيين والإسرائيليين مستعصية على الحل، فعندما انتخب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة وعيّن جورج ميتشل مبعوثه الخاص للسلام تفاءل الفلسطينيون بأنه سيتم أخيراً التعامل مع هذه القضية بحزم، ولكن، مرة أخرى، لم يكن لدى الأميركيين الجرأة على مواجهة إسرائيل، وكانت خيبة الأمل بالأميركيين كبيرة جداً بسبب التوقعات العالية من أوباما وخطاب إدارته في الأشهر القليلة الأولى بالتحديد.

في بعض الأحيان، يحدث أمر ما في أية علاقة صعبة تساعد على تحديد معالمها، وهذا هو بالضبط ما حدث بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتانياهو، فكل منهما تسلق شجرته المعارضة في مسألة تجميد الاستيطان الكلي كشرط مسبق لبدء محادثات السلام.

وعندما اجتمعا في نيويورك في 20 أيلول الماضي تراجع أوباما أولاً، تاركاً الرئيس الفلسطيني محمود عباس محرجاً، وتراجع الرئيس الأميركي في بيانه العام من دعواته ودعوات وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، لتجميد الاستيطان إلى قبول عرض إسرائيل بـ “تحديد” بناءالمستوطنات، وبمجرد أن أصبح واضحاً ان الأميركيين لن يواجهوا إسرائيل بخصوص المستوطنات، عرف كل واحد موقعه في هذه العلاقة.

أما بشأن الإحراج الذي واجهه بايدن، فإن إدارة أوباما عليها ألا تلوم إلا نفسها، حيث أن إعلان إسرائيل، في 9 آذار، ببناء 1600 وحدة أخرى في القدس الشرقية، لتضاف إلى الـ 112 وحدة التي تمت الموافقة عليها قبل بضعة أيام في مستوطنة خارج بيت لحم، فضلا عن الإعلانات الأخرى التي قدمت منذ التحفظ في شهر أيلول، ما هو إلا نتيجة لضعف الرئيس الاميركي.

لقد استمر الانحدار المنزلق الذي بدأ في ذلك اليوم من شهر أيلول وهو سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحويل الأهداف الأميركية عن مسارها بشأن إحلال السلام في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

إن رفض القيادة الفلسطينية إجراء محادثات مباشرة حتى يتم تجميد حقيقي في بناء المستوطنات في جميع المناطق المحتلة عام 1967 يدل على أن محرري قرار مجلس الأمن رقم 242 كانوا على حق عندما قالوا في مقدمته عدم القبول “بالاستيلاء على الأراضي بالحرب “.

إن استرضاء ومكافأة إسرائيل على استيلائها على الأراضي الفلسطينية عن طريق الحرب أسفرت عن دفع السلام بعيدا، وإذا كان الرئيسان جورج بوش وأوباما يعتقدان حقا – كما صرحا علنا – أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة مجاورة قابلة للحياة تصب في “المصلحة الوطنية” للولايات المتحدة، على واشنطن أن تقر مرة وإلى الأبد أن أية مستوطنة يهودية بُنيت على أراض فلسطينية تم الاستيلاء عليها بالقوة في عام 1967 هو أمر لا يمكن احتماله، وحالما تبدي أميركا حلاً في هذا المجال، عندئذ يمكن المضي قدما في قطار السلام إلى وجهته.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .