نوفمبر 03 2009

التدخل الخارجي يشكل عائقاً رئيسياً أمام التسوية الفلسطينية

نشرت بواسطة الساعة 11:39 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

*  بقلـم داود كتّاب
02 نوفمبر/تشرين الثاني 2009

كان الرئيس الراحل ياسر عرفات يؤكّد، عندما كان في المنفى، على موضوع “القرار الفلسطيني المستقل”. لم يكن لتصريحاته عن الاستقلال علاقة بإسرائيل، فقد عرف هؤلاء الذين تمكنوا من حلّ رموز هذه الكلمات أن عرفات كان يشير إلى معارضته للتدخل العربي في الشؤون الفلسطينية. تلك الأيام ولّت منذ فترة طويلة.

يجري تضخيم النزاع الحالي بين حماس وفتح التي تترأس منظمة التحرير الفلسطينية، وتعقيده نتيجة لتدخل الدول العربية وغير العربية في السياسة الفلسطينية. ويتجسّد ذلك في تصريحات المسؤولين والناطقين باسم الفصيلين، إذ لا يؤكد أي من الطرفين على استقلالية عملية صنع القرار لأنه أصبح من الواضح الآن أن هذه الاستقلالية، في غياب دور ما للدول العربية أو الأجنبية لم يعد قائماً. يقرر القرب الجغرافي والسلطة الإقليمية والقوة المالية الدول التي تملك التأثير الأكبر.

أصبح التدخل الأجنبي من قبل العرب وغيرهم من غير الفلسطينيين واضحاً جداً بعد فترة قصيرة من نجاح أعضاء مرتبطين بحماس بالفوز بغالبية الأصوات في انتخابات عام 2006 للمجلس التشريعي الفلسطيني. وقد نتج عن جهد بقيادة الولايات المتحدة سحب الشرعية عن السلطة الفلسطينية الجديدة. جرى إخبار المجتمع الدولي وبشكل مباشر وجوب عدم الاعتراف بتوقيع وزير المالية الفلسطيني. فجأة لم يعد بإمكان الفلسطينيين تحريك الأموال من الضفة الغربية إلى غزة أو من أي مكان في العالم إما إلى غزة أو الضفة الغربية. ولم تجرؤ البنوك الإسلامية على تحدي هذا الحصار الذي تقوده الولايات المتحدة.

شكّلت صفقة مكة محاولة قامت بها المملكة العربية السعودية لتحقيق التسوية بين حماس وفتح، وقد احتوت على تفاهم مفاده أن يقوم زعماء فتح والسعوديون بجهد للحصول على رفع كامل أو جزئي للحصار على قيادة حماس في غزة. وعندما أصبح من الواضح أنه لن يتم رفع الحصار تسلّم الجناح المتصلّب في حماس القيادة وقام بالانقلاب الذي نتجت عنه سيطرة الحركة الإسلامية على غزة.

شكّلت مصر، بحكم حقيقة حدودها المشتركة مع غزة وعلاقاتها الممتازة مع منظمة التحرير الفلسطينية، القائد الواضح في محاولات التسوية بين حماس وفتح. لم يقدّم السوريون والإيرانيون، الذين يُنظَر إليهم عادة على أنهم المساندون السياسيون والماليون لحماس، الدعم الكافي. كذلك اتخذت قطر، ومعها قناة الجزيرة التلفزيونية موقفاً مسانداً لحماس أيضاً، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة في أواخر العام 2008. ساند معظم بقية العرب محمود عباس والزعامة المتمركزة في رام الله.

والآن تغير موقف بعض القوى الأجنبية. تسبب التقارب بين إدارة الرئيس أوباما مع دمشق، وكذلك مع إيران (رغم كونه أقل وضوحاً) بالقلق لدى حماس. كذلك راقب حكام غزة وقياداتهم المقيمة في دمشق عن كثب زيارة العاهل السعودي الملك عبد الله المفاجئة لدمشق.

ورغم أن الأطراف المتنافسة أظهرت لبعض الوقت عدم اهتمام بالرأي العام المحلي الفلسطيني والعربي، إلا أن احتمالات إجراء انتخابات في وقت لاحق جعلت القادة أكثر وعياً بأعمالهم وتصريحاتهم. وهذا يجعل الشهور المقبلة فرصة سانحة للمستقلّين وزعماء المجتمعات المحلية ليرفعوا أصواتهم ويضغطوا على كل من الطرفين لتحقيق التسوية. ولهذا السبب نرى هذه الفصائل وقد ركّزت اهتمامها على كيف يَنظر إليها الجمهور، ولهذا يجري التلاعب بكل تصريح أو تصرف بأسلوب يجعل كل طرف يظهر وكأنه يدعم التسوية، بينما يقوم بتصوير الطرف الآخر على أنه معارض لها.

ورغم أنه قد يكون بالإمكان خداع الجمهور الفلسطيني لبعض الوقت، إلا أنه من الواضح أنه لا يمكن خداعه طوال الوقت. فبينما يزداد الجمهور الفلسطيني قوة، ويستطيع عرض قضيته المتعلقة بالمناداة بالتسوية بين الأطراف المتحاربة، سوف تضطر هذه الأطراف للوصول إلى الوحدة رغم الضغوطات الخارجية. وإذا فشلت جميع الجهود بتحقيق التسوية بين الطرفين، يتوجب وضع تاريخ محدد كموعد أخير، يعلن هؤلاء القادة بحلوله أنهم سيفضحون الطرف الذي يؤخّر الوحدة الفلسطينية، برأيهم.

 

* داود كتّاب صحفي فلسطيني حائز على جوائز، وأستاذ سابق بمنصب فيريس في الصحافة بجامعة برنستون، يمكن الاتصال به على العنوان الإلكتروني info@daoudkuttab.com. كُتب هذا المقال لخدمة Common Ground الإخبارية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .