يوليو 18 2009

على فياض الاعتماد على عدالة المحاكم لا الرغبة بالانتقام من “الجزيرة”

نشرت بواسطة الساعة 6:31 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

*  بقلم: داود كتاب

رغم انه من الخطأ تحميل ناقل الأخبار بمسؤولية قائلها إلا إن تصريحات فاروق القدومي الأخيرة لم يكن سهلا تقبلها بدون رد. فنشر وإعادة نشر أقوال تدعو للتخوين كالتكفير أمر مرفوض ومخالف للمواثيق والأخلاق.

من المعروف انه من الصعب تحميل وسائل الإعلام مسؤولية تصريحات يتم بثها خلال برامج حية ولكن يصعب التساهل مع وسائل الإعلام التي تكرر تهم يفهم منها بالخيانة العظمي دون توضيح ووضعها في إطارها المناسب. فعلى وسائل الإعلام الجماهيرية إن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية وعدم تكرار أقوال مشكوك في مصداقيتها مهما كان مصدرها مهم إلا من خلال تحذير المشاهدين وإعطاء مجال للطرف المتضرر إن يوضح موقفه بكل وضوح.

من الطبيعي تقهم موقف الرئاسة بالغضب من تلك التصريحات. وفي هذا المضمار كان مناسبا موقف رئيس الوزراء الفلسطيني الذي طالب من المدعي العام بالبحث عن وجود أو عدم وجود مخالفة للقانون الفلسطيني وبالذات قانون المطبوعات الفلسطيني.

ولكن قرار رئاسة الوزراء بإغلاق مكاتب وعمل فضائية الجزيرة جاء مخالفا لتوجهات فياض في دعم سيادة القانون والتأكيد على الشفافية وضمان حقوق الإنسان. لقد عبر العديد من سكان الضفة الغربية وبحق في الآونة الأخيرة عن ارتياحهم لسياسات فياض لترسيخ الأمن والأمان وقد نشرت صحيفة النيورك تيمز مقال من نابلس عبر فيه السكان عن ارتياحهم للخطوات الأخيرة لحكومة فياض.

ورغم سمعة حكومة فياض الطيبة وغياب أي شكاوي صارخة لانتهاك حرية التعبير في فلسطين إلا إن القرار الأخير جاء مخيبا لأمل الذين دافعوا عن حكومة رئيس الوزراء سلام فياض في مجال احترام الحريات العامة في فلسطين. فالمعروف إن البند التاسع عشر من الإعلان الدولي لحقوق الإنسان ينص بوضوح على ضرورة صيانة عمل الإعلام في الحصول على المعلومات ونشرها وبكافة الوسائل.

لقد قامت فضائية الجزيرة خلال السنوات العشر الماضية بإنجاز كبير من خلال فرقها الإعلامية المنتشرة في كافة أراضي فلسطين التاريخية بما فيها غزة والجليل إضافة إلى الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف. من المؤسف إن حيادية الجزيرة فيما يخص الخلافات الفلسطينية الداخلية تعرض لهزة قوية خلال السنوات التالية وبالذات منذ إحداث غزة في حزيران 2007. وقد بدا واضحا تحيز “الجزيرة” خلال الاعتداء الإسرائيلي على غزة حيث تتطابق موقف الجزيرة مع حكومة قطر والتي أعطت موقع الرئاسة الفلسطينية للحركات الإسلامية المعارضة خلال قمة الدوحة غير المكتمل نصابه.

هذه المواقف قد تكون شكلت تراكماً معيناً في رام الله ضد فضائية الجزيرة أدى إلى خطوة الإغلاق الأخيرة رغم إن مراسلو الجزيرة شاركوا في أكثر من نشاط وطني فلسطيني وقامت الفضائية بتغطية واسعة لعمل السلطة الوطنية بما في ذلك مقابلات خاصة للجزيرة مع الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء فياض.

لقد عملت السلطة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات الماضية بتحسين وضع الجهاز القضائي من حيث التجهيز والتدريب والمباني والوضع الإداري وقد بداء المواطن الفلسطيني يشعر في تحسن ملموس بتوجه جدي للفضاء نحو الاستقلالية والمهنية والعدالة. ومن المعروف انه عندما يبت القضاء في أي موضوع فيعمل على ترسيخ العدل بصورة عمياء و بغض النظر عن إطراف القضية.

لقد عقدت حكومة سلام فياض خلوة هامة في الأسبوع الماضي تم مراجعة انجازاتها وإخفاقاتها ووضعت الخطط والبرامج لرفع من مستوى أدائها في الأشهر القادمة ولغاية عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية المنوي عقدها في وائل العام القادم. وقد خرج المجتمعون بمجموعة قرارات كان منها تشكيل مكتب إعلامي خاص برئاسة الوزراء وتم نعيين المفاوض السابق و الأستاذ الجامعي غسان الخطيب مدير لمكتب الإعلام الحكومي الفلسطيني. وفي هذا المضمار شكل قرار إغلاق مكاتب الجزيرة في فلسطين صفعة كبيرة في محاولة رفع مستوى العمل الإعلامي الفلسطيني.

من الواضح أن قرار إغلاق مكاتب الجزيرة مضر بالعمل الفلسطيني على كافة المستويات كما ويضر محاولات حكومة فياض الحثيثة إقناع المجتمع الدولي بمهنيتها والتزامها بالمعايير الدولية. لقد انتقدت مؤسسات حقوقية فلسطينية وعربية ودولية قرار إغلاق مكاتب الجزيرة والذي بدا واضحا انه عكس الرغبة بالانتقام بدل من العدالة.

من الضروري أن يسارع رئيس الوزراء الفلسطيني بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وإعطاء المجال للسلطة القضائي المستقله بمعالجة الموضوع وإطلاق سراح السلطة الرابعة للاستمرار في عملها الإعلامي المستقل وبدورها الرقابي كمراقب لعمل السلطات الثلاث.

 

* إعلامي فلسطيني وأستاذ إعلام سابق في جامعة برنستون الأمريكية. dkuttab@ammannet.net

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .