مارس 06 2009

من كواليس مؤتمر اعمار غزة

نشرت بواسطة الساعة 2:43 م تحت فئة أميركا والشرق اﻷوسط -

حظيت بفرصة حضور مؤتمر إعمار غزة الذي عقد في شرم الشيخ بحضور 74 دولة والذي حصلت فيه غزة على خمسة بلايين دولار لاعمارها. ولقد تابعت وسائل الإعلام أولا بأول الأخبار من مكان المؤتمر ونقلتها للجمهور. أما في مقالتي هذه فاخترت ان أركز على الكواليس التي غالبا ما تحمل في ثناياها حقائق مهمة.

مُنحت فرصة لقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، لوقت قصير جدا وطلب مني طرح سؤال واحد فاخترت ان أسالها بعد ان تحدثت كلينتون بقوة عن حق أطفال وأمهات فلسطين في العيش الكريم. (هل أنت مستعدة لانتقاد العقاب الجماعي الذي انتهجته إسرائيل بحق أبناء غزة؟) فرفضت السيدة كلينتون الخوض في الموضوع واضعة اللوم على حماس وصواريخها.

ومما يختص بمشاركة السيدة كلينتون لوحظ التردد عليها، فلم تتحدث بحرية عن السياسة الجديدة لإدارة اوباما في الشرق الأوسط. كما أنها لم تقدم للصحافيين الأميركيين المرافقين لها أي إجازة في الرحلة من أميركا (والتي توقفت في ايرلندا للتزود بالوقود) ولا حتى مساء الأحد قبل بدء المؤتمر.

بعض الصحافيين أرجعوا ذلك لعدم وصول السيدة كلينتون لمستوى الخطوات الواثقة والثابتة في المنطقة. وكان أول لقاء أجرته كلينتون فور صولها الى شرم الشيخ مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل. الأخير كان المتحدث الرئيسي في لقاء الرباعية حيث أكد ضرورة تثبيت الهدنة ودعم الوحدة الفلسطينية شريطة الالتزام بحل الدولتين وضرورة تنشيط المفاوضات السورية مع إسرائيل. وفي لقاء خاص أجريته مع ميتشل قال لي انه ينوي فتح مكتب دائم في القدس وسيكون لديه عدة مساعدين لمتابعة الأمور الأمنية والسياسية كافة.

على الصعيد الأميركي السوري لم يكن مقررا أي لقاء بين الجانبين، وعند سؤال احد الصحافيين الأميركيين وزير الخارجية السوري وليد معلم إذا كان سيتحدث مع كلينتون أجاب “لم تتصل بي وما جرى لقاء مصافحة في غرفة الطعام والأميركيون يقولون انه صدفة وهناك من يقول انه مرتب”. ومن الملفت ان عددا من الصحافيين الأميركيين انتقدوا حكومة بلادهم لأنها قدمت ثلثي مساعداتها للضفة الغربية والسلطة الفلسطينية والثلث الباقي لإعادة اعمار غزة بشروط كثيرة ومعقدة.

أما كارين أبو زيد المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، فقد أعطيت ثلاث دقائق فقط للحديث في الجلسة قبل الأخيرة. وفي لقاء خاص أجريته معها قالت أبو زيد ان موظفي الوكالة الأجانب والعرب كانوا أبطالا حقيقيين يستحقون التكريم للمخاطر الحقيقية التي خاطروا بها لمساعدة المواطنين.

أما الوفد الفلسطيني برئاسة سلام فياض فقد حظي بمديح عال من الوفود المشاركة وقد وزعت كلمة سلام فياضعبر الانترنت باللغتين العربية والانجليزية مع العلم ان كلمة كلينتون وزعت بعد ساعة من إلقائها أمام المشاركين.

أردنيا فقد كانت هذه المشاركة الأولى لناصر جودة بصفته وزيراً للخارجية. هذا بالإضافة الى مشاهدة العديد من وزراء الخارجية العرب والمسؤولين وهم يتجولون في ردهات المؤتمر من دون أي اهتمام بما يجري، ومنهم على سبيل المثال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، ووزير خارجية فلسطين رياض المالكي، ومدير وكالة الإنماء الأميركية للتنمية في الضفة والقطاع هاورد سمكا. كما قوبلت مشاركة الحكومة الكندية بازدراء المشاركين لعدم تقديمها أي دعم جديد لإعمار غزة.

كما تجدر الإشارة هنا الى أن الحاضر الغائب عن المؤتمر كان حركة حماس وإسرائيل. ورغم ان هذا المؤتمر لم يدم أكثر من ثماني ساعات إلا انه حظي بتغطية أكثر من 700 صحافي من مختلف أنحاء العالم مع العلم ان الصحافية تغريد الخضري مراسلة نيويورك تايمز في غزة هي الوحيدة التي خرجت من القطاع الجريح للمشاركة في المؤتمر، ومن اللافت انه عند الإعلان عن المبلغ النهائي للتبرعات هنأها الزملاء الصحافيون وكأن المبلغ سيكون تحت تصرفها الخاص. انتهى المؤتمر بتوزيع أحد المسؤولين المصريين كتابا على الصحافيين العرب يتحدث عن مصر والقضية الفلسطينية.

في المحصلة، إدارة أميركية جديدة تأتي الى المنطقة بوزيرة خارجية خطواتها متثاقلة، ربما لان المنطقة مليئة بألغام خطرة خلفتها الإدارة السابقة. وبحكومة فلسطينية مدعومة خارجيا وتعاني من قصر يدها في الداخل الفلسطيني. وإقصاء لحماس عن المشاركة في اعمار غزة إذا لم تلبِ شروط المانحين وخلاف عربي ظاهر في المنطقة ومعابر تغلقها إسرائيل التي تتشدد في مسألة دخول الأموال الى غزة خوفا من استخدامها لأغراض عسكرية. معطيات ربما تقف بقوة أمام إنجاح الإعمار وتتطلب تحركا سياسيا قويا من الإطراف كافة حتى لا توضع نتائج المؤتمر وانجازاته على الرف بانتظار الانفراج.

تعليق واحد حتى الأن

تعليق واحد ل “من كواليس مؤتمر اعمار غزة”

  1. walidjawad في27 مارس 2009 الساعة 10:15 م -

    أخي الكريم داود كتاب
    تحية طبية

    أنا لا أدري كيف يمكن وصف عمل الوزيرة كلينتون بـ “المتردد” بعد الجهود التي بذلتها لتأمين مبلغ 900 مليون دولار قدمته الولايات المتحدة في مؤتمر الإعمار. بالإضافة إلى ذلك فإن كلينتون تقود الجهود الأمريكية لمساعدة الأطراف المتصارعة على حل قضية الشرق الأوسط وهو التوجه الذي جعلت منه أولوية للسياسة الخارجية منذ اليوم الأول Ø› مثل ذلك التوجه لا يمكن وصفه إلا بأنه واثق الخطى.

    بشكل عام ، إن السياسة الأمريكية واضحة: أطراف الصراع تملك مفاتيح حل النزاع وتبقى الولايات المتحدة متلهفة للمساعدة بتمهيد الطريق والتخفيف من وطأة التنازلات الصعبة والمؤلمة التي يحتاج الطرفان لتقديمها من أجل تحقيق السلام.

    وبالمناسبة الولايات المتحدة لا تملك إلا أن تجاري السرعة التي يعمل بها الطرفان.

    مع تحياتي

    وليد جواد
    فريق التواصل الإلكتروني
    وزارة الخارجية الأمريكية

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .