يناير 07 2009

الوجه اﻵخر لرد فعلنا لرامي بوش بالحذاء

نشرت بواسطة الساعة 10:15 م تحت فئة مقالاتي -

الوجه اﻵخر لرد فعلنا لرامي بوش بالحذاء

بقلم: داود كتاب*

لن ابوح بسر لو قلت انني مثل الملايين حول العالم استمتعت برؤية زوجي الحذاء العراقي تطير باتجاه الكاوبوي الامريكي المتعجرف ومجرم الحرب جورج بوش.

ولكنني فكرت بعد مرور الوقت واستمرار استحواذ الامر للمعلقين والسياسيين، للبرلمانيين والشعراء، للنقابيين واصحاب الاموال واولياء امور الفتيات في سن الزواج ان الامر اكثر بكثير من طرفة او مصدر ابتسامة عابرة.

من الواضح ان الناشط السياسي الذي يعمل في مجال الصحافة العراقية قد فجر امرا ما لدى فئات عديدة خاصة في عالمنا العربي وكأنة بحركته الاحتجاجيه قام بعمل فشل العسكريون والمقاومون السياسيون والمتظاهرون في القيام به.

لم يعكس الاهتمام المستمر لمحاولة ضرب بوش بالحذاء احتجاجا من نوع اخر ولكنه عكس قشلاً من نوع اخر.

فالمتظاهرون والمعارضون مصاهرة قاذف الحذاء يعبرون عن فشل عربي . فقلة الانتصارات العربية وقلة النجاحات في محاولة وقف آلة الحرب والعربدة الامريكية لم تترك لنا من الافتخار من نجاحات سوى المحاولة (غير الناجحة كليا) لا يلام الرئيس الامريكي جسمانيا ورمزيا . فرغم معرفة المحتفلين بعملية الحذاء ان المحاولة لن توقف الاتفاق الامني بين المالكي وبوش ولن تخرج الغزاة من ارض الدجلة والفرات ولن تحل القضايا العربية ولن تحرر فلسطين من الاحتلال الاستيطاني الاسرائيلي الا انهم سهروا الليالي وملأوا الشوارع اعتزازا بهذا العمل الخارق؟

لقد صفق العرب بقوة لمنتظر الزيدي في نفس الوقت الذي تم الاعلان رسميا ان مؤسسة الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون تلقت 25 مليون دولار تبرعا من المملكة العربية السعودية و مبالغ كبيرة من دول عربية اخرى في نفس الوقت الذي كان يلقى باللوم على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بإفشال مفاوضات كمب ديفيد الثانية وفي نفس الوقت الذي كانت زوجته تزاود على حزب الليكود في دعم سياسات اسرائيل والاستيطان والجدار وفي تاييد الحصار على غزة.  فنشرات الاخبار العربية والفضائيات لم يكن عندها الوقت لتغطية هذا الخبر لانشغالها بالمظاهرات المؤيدة لرامي الحذاء العراقي.

ومهنيا ابدى الاعلاميون العرب تضامنا مبالغا مع الصحفي العراقي الذي لا شك انه أثر سلبا على مهنية الاعلام العربي وصورة الصحفي العربي ودعم الاتهامات الموجهة لنا ان صحافثتا وصحفيينا العرب يقومون دائما بتسييس العمل الاعلامي على حساب الجانب المهني.

الاستثاء لهذا الدعم الصحفي الاعمى كان موقف رئيس مركز حرية وحماية الصحفيين نضال منصور الذي كان له وجهة نظر مغايرة حيث قال في حديث لراديو البلد ونشر على موقع عمان نت انه “ليس من مسؤولية الصحفي خلع الحذاء وضرب بوش” موضحا انه “من الاحرى بالصحفي مقاطعة مؤتمر الرئيس الامريكي جورج بوش او الاعتصام امام مقر اقامة المؤتمر الصحفي ليعبر عن رأيه من خلال شعارات، ويستطيع الصحفي ان يذهب اكثر من ذلك ليسأل اسئلة قاسية واضحة تدين جورج بوش التي ارتكبها في العراق ويستطيع ان يقول لبوش وجها لوجه ويجب ان يدافع عنه الجميع انت مجرم حرب وقد اديت لمقتل الملايين”. ورغم ذلك فقد احتج منصور على اعتقال الصحفي العراقي وطالب باطلاق سراحه الفوري.

إن ما يستشف من الافراط في التضامن العربي مع قاذف الحذاء العراقي تشبت وتعلق الغارق بالقشة بدﻻً من البحث عن وسيلة نجاة عملية من خلال الموقف الموحد والتخطيط الجيد والتضامن الصادق المدعوم باعمال وليس بالاقوال.

لقد استمتع العرب وغير العرب للحظة بموقف منتظر الزيدي ولكن المبالغة في الاطراء وقصائد التاييد والدعم الاعمى تدل على الضعف والهزيمة التي وصلنا اليها بحيث نطيش على شبر من المياه بدل ما نبحث عن العمق من خلال انتصارات حقيقية وليس انتصارات رمزية.

انني لا اذنب كل من شعر بلحظة نشوة ورسم الموقف ابتسامة على وجهه ولكنني متخوف من معنى الاستمرار في التبجيح والتأييد لعمل رمزي بدل من البحث والعمل الجاد على الاعتراف بنقاط ضعفنا كعرب والعمل على تحسينها من خلال خطط عملية مدروسة وفعاله بدﻻً من وضع الجهد والطاقة في التعاطي مع غير المجدي كثيرا على المستوى الاستراتيجي.

 

*داود كتاب مدير عام شبكة الاعلام المجتمعي التي تضم راديو البلد وموقع عمان نت ومؤسسة بن ميديا.

info@ammannet.net

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .