يناير 09 2008

رفض ترخيص إذاعة للزرقاء يثبت ضعف قانون المرئي والمسموع

نشرت بواسطة الساعة 5:31 م تحت فئة اﻷردن -

بقلم: داود كُـتّاب*

كشف القرار الصادرعن حكومة معروف البخيت المنتهية ولايتها برفض ترخيص إذاعة محلية في الزرقاء واحدة من أهم نقاط الضعف الرئيسية في قانون المرئي والمسموع الأردني.

لم تقدم الحكومة تبريرا للرفض الذي صدر في الجلسة الثالثة عشرة و المنعقدة في 13 تشرين الثاني الماضي استنادا إلى البند (18 ب) من قانون المرئي والمسموع لعام 2004 الذي يجيز لمجلس الوزراء أن يرفض أي طلب لإنشاء إذاعة دون إعطاء أي تفسير. علما أن الطلب حدد أن الاذاعة ستكون غير سياسية أو أخبارية.

ضعف القانون ظهر بشكل واضح عندما ذكر مصدر حكومي مجهول الهوية السبب الذي أدى إلى اتخاذ هذا القرار. فقد أوضح ‘المصدر’ في خبر نشر في جريدة يومية أن مجلس الوزراء رفض الطلب لأنه هذا الثاني الذي يقدم من نفس المؤسسة (عمان نت) ولأنه قد تم منح مؤسسة أخرى ترخيصاً لإذاعة مجتمعية في الزرقاء قبل ذلك بأسابيع قليلة.

القانون الحالي لا يمنع بأن تتقدم نفس الجهه لاكثر من رخصة، كما لم يتم التطرق لهذا الموضوع خلال المناقشات المستفيضة والإجراءات الصارمة في مرحلة تقديم الطلب التي انتهت بإقرار هيئة المرئي والمسموع أن الطلب قد أستوفى جميع المتطلبات الإدارية والتقنية وعلى ذلك الأساس تم رفعه للحكومه حسب القانون كي يتم إقراره رسميا.

من الصعب مناقشة قرار حكومي غير مفسر من خلال الرد على خبر صحفي مجهول المصدر. ولكن إذا كنا سنقبل هذا التبرير عاكسا تفكير الحكومة المستقيلة فإن عدداً من الأمور يجب ذكرها.

إن إلقاء نظرة سريعة على الموقع الرسمي لهيئة المرئي والمسموع على الانترنت يكشف أن هناك اثنين على الأقل من مالكي محطات إذاعية قد حصل كل منهما على رخصتين إذاعيتين (غير سياسية وغير إخباري).

وعلاوة على ذلك، فإن الحجة الأخرى و القائلة بأن رخصة قد صدرت لإقامة محطة إذاعية مجتمعية في الزرقاء تحتاج إلى مزيد من التدقيق. ومن المؤسف أن يكون مفهوم الإذاعة المجتمعية غير موجود في أي قانون أو تنظيم للرخص الإذاعية الخاصة. فلو وجد هذا المفهوم، لكانت رسوم رخص الإذاعات المجتمعية اقل بكثير من الرسوم الباهظة الحالية وكان هناك نظام للرخص يتصف بالشفافية وفي متناول الجميع. أما الطلب المذكور فيشمل رخصة واحدة لمدينتي عمان والزرقاء وبناء عليه فإن القول أن الزرقاء سيكون لها إذاعة مجتمعية ليس أمراً دقيقاً تماماً.

إن إلقاء نظرة على العدد الكبير من المحطات الإذاعية المرخصة لعمان وغياب وجود أي ترخيص للزرقاء تحديداً، ثالث أكبر مدينة في الأردن، يضعف هذه الحجة.

هناك عدد من الأمور السلبية التي يتضمنها قرار حكومة البخيت المستند إلى بند مبهم في قانون المرئي و المسموع لعام 2004. فهذا القرار يؤدي إلى زعزعة ثقة الجمهور في الإجراءات التنظيمية ،و لا يسهم في إصلاح الاجواء السلبيه الموروثة من قانون الإعلام القديم. كمت يفشل في تعزيز دور المجتمع المدني و يبعد الاستثمار المحلي والأجنبي في وسائل الإعلام الالكتروني.

إن الشركات المحلية والأجنبية والمنظمات غير الحكومية المهتمة سوف تفكر الآن مرارا قبل التقدم للحصول على رخصة حيث أن صرف أشهر من البحث والتخطيط والاستثمار في دراسات السوق وفي الالتزامات المالية المبدئية الكبيرة (إذ يتوجب إيداع شك بنكي بمبلغ باهظ عند القيام بالإجراءات التقنية والإدارية للرخصة) سيذهب هباءً بجملة واحدة تعبر عن الرفض الحكومي دون الإدلاء بالأسباب. كل ذلك بسبب البند (18 ب).

من ناحية أخرى، فإن الوضع الحالي بحاجة الى الية لمعالجة مثل هذه القرارت. فمن البديهي ان يتم الطلب من الحكومة توفير آلية تنظيمية تتسم بالشفافية وتساعد المتقدمين للرخص على معرفة الأسباب التي أدت إلى رفض طلبهم، مما سيتيح لهم إجراء التغييرات الضرورية من اجل تقديم الطلب مرة ثانية والحصول على الموافقات اللازمة. وفي الحد الأدنى، فإن الحكم السليم يتطلب توفير خيار الإجراءات القانونية أو الإدارية للاستئناف. فالحكومة مطالبة بالسماح للمتقدمين الذين رفضت طلباتهم معرفة كيفية الرد على أسباب الرفض. إن غياب مثل هذه الية سيعيدنا الى مربع الوساطة والاتفاقات الجانبية قبل ان يقرر أي مستثمر الخوض في مثل هذة الامور.

وفي حال توفر الية شفافه للاستئناف فمن شأن ذلك أن يريح المتقدمين للرخص ويعيد الثقة في النظام. وعلاوة على ذلك، فإنه قد يردع جهات حكومية أو أفراداً من تقديم ذرائع غير مبررة إذا عرفوا أنه يمكن الطعن في قرارهم.

في تشرين الثاني / نوفمبر 2006، عقد مؤتمر الإذاعات المجتمعية العالمي “أمارك” ومركزه في مونتريال دورته التاسعة في عمان برعاية رئيس الوزراء السابق معروف البخيت. حيث أشاد الناطق باسم الحكومة السابقة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الحالي السيد ناصر جودة متحدثا باسم رئيس الوزراء بجهود إذاعة عمان نت وتعهد بدعم الإذاعات المجتمعية في الأردن. وأكد المتحدث باسم الحكومة رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني في إصلاح الإعلام بالقول “أن السماء هي حدود الإعلام الأردني.”

إن الترددات الإذاعية والتلفزيونية هي شأن عام يجب أن يتم توزيعها بدقة واعتدال من خلال عملية تتسم بالشفافية.و هنا يستحق أبناء الزرقاء وجميع المدن الأخرى والمجتمعات المحلية في الأردن نفس الفرص التي يشهدها أبناء العاصمة عمان الآن وذلك بهدف التفاعل العام. و إن حرمانهم من هذا الحق يضعف الهدف من التنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية كما يضر بالجهود المبذولة لتحقيق اللامركزية والمحاولات الرامية إلى وقف نزوح الناس إلى العاصمة.

إن القرار الذي اتخذته هذه الحكومة نفسها برفض منح رخصة إذاعة مجتمعية في الزرقاء بحق مؤسسة كان قد أشيد بإنجازاتها يناقض الالتزامات التي تم التعهد بها إلى تلك المنظمة الدولية “أمارك”. إن حكومة الذهبي الجديدة والوزير ناصر جودة الذي هو الآن مسؤول عن حقيبة الإعلام مطالبون بالعودة عن القرار برفض منحنا رخصة بث إذاعي في الزرقاء وتوفير شفافية في عملية الاستئناف من اجل استعادة الثقة في قانون المرئي و المسموع.

 

*استاذ الاعلام في جامعة برنستون _الولايات المتحدة الامريكية و مؤسس راديو عمان نت

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .