سبتمبر 22 2007

عائق ام فرصة

نشرت بواسطة الساعة 7:29 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلـم داود كتّاب 03 ابريل/نيسان 2007 رام الله –

عندما اخترع هنري كيسنجر تعبير “الغموض البنّاء” أثناء محاولاته التفاوض على سلام عربي إسرائيلي لم يكن يتوقع أنه في يوم من الأيام سيستخدمه الفلسطينيون في مبادرات سلام يقدمونها. الغموض في أجندة حكومة “الوحدة الوطنية” الفلسطينية الجديدة يعتمد على ما إذا كان المرء ينظر إلى النصف الممتلئ أو النصف الفارغ من الكأس. إذا أرادت الولايات المتحدة وإسرائيل السير قدماً في عملية السلام فالكأس نصف مليء. ولكن إذا لم تكن هناك نيّة صادقة لدفع ثمن السلام فالكأس نصف فارغ.

قبل أكثر من سنة وبتشجيع دولي، تبنى الشعب الفلسطيني الديمقراطية الانتخابية حتى قبل أن يتمتع بالسيادة وانتهاء الاحتلال الإسرائيلي. ألقوا جانباً بقادتهم العلمانيين من فتح منذ فترة طويلة واستبدلوهم بحماس. التجميد غير العادل للمعونة الفلسطينية الذي تبع ذلك أثار ثورة اجتماعية وبداية حرب أهلية، أوقفت مؤخراً نتيجة تحالف بين فتح وحماس أفرز حكومة الوحدة الوطنية. “للمرة الأولى في تاريخ النزاع الفلسطيني تعرب غالبية من الفلسطينيين، بمن فيهم الإسلاميين، عن استعدادها لقبول دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 المعترف بها دولياً” يكتب داود كتاب. “الاعتراف الضمني بإسرائيل في هذا السياق تدعمه عبارات وردت في اتفاقيات بين منظمة التحرير الفلسطينية Ùˆ إسرائيل احتوت على اعتراف متبادل واحترام للقرارات والمعاهدات العربية والدولية. مطالبة إسرائيل وغيرها باعتراف واضح وصريح قبل بدء المفاوضات أمر غير منطقي. ليس هناك من شعب واقع تحت الاحتلال لا سيادة له أُجبر على الاعتراف بمحتل حدوده غير واضحة. بقبولهم دولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة يكون الفلسطينيون قد أعلنوا حدود دولتهم وقدموا احتمالات الاعتراف المتبادل من خلال المفاوضات.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس القائد العسكري الأعلى طالب بوضع حد للاحتلال من خلال المفاوضات ورفض بشكل صارم وواضح استخدام العنف. رغم إصرارها على حق الشعب بمقاومة الاحتلال عبر أي أسلوب ممكن تضع حكومة الوحدة الوطنية المقاومة اللاعنفية كأول خياراتها. إضافة إلى ذلك تقدّم الحكومة الجديدة غصن زيتون إلى الإسرائيليين حتى قبل بدء المفاوضات من خلال السعي إلى توسيع وقف إطلاق النار من غزة إلى الضفة الغربية. سياسياً، توفر الحكومة الجديدة عملية منطقية فيما يتعلق بالمفاوضات من أجل حل دائم للنزاع. وهي تعطي عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية التي يرأسها كامل السلطة للتفاوض على اتفاق سلام مع إسرائيل. عندما يتم الوصول إلى اتفاق، يتوجب المصادقة عليه من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني أو من خلال استفتاء عام. الاستطلاعات الفلسطينية تُظهر بشكل دائم دعماً قوياً للسلام على أساس حل الدولتين. إذاً فإن صفقة سلام يرتبها عباس ويوافق عليها الشعب الفلسطيني أمر ممكن حتى بوجود حماس في السلطة. سلام كهذا يتفاوض عليه فلسطيني معتدل وتوافق عليه الأغلبية الصامتة له حظ كبير في البقاء. البديل، وهو توقيع صفقة سرية دون دعم جماهيري، لا بقاء له ويمكن إفشاله بسهولة، كما رأينا في اتفاقيات أوسلو.

معارضو السلام يجدون العديد من المبررات لرؤية نصف الكأس الفارغ. رئيس الوزراء الفلسطيني مثلاً ينتمي إلى حركة إسلامية لم تعلن بعد عن موقفها الاستراتيجي بعيد الأمد فيما يتعلق بإسرائيل. هؤلاء الذين لا يهتمون بالسلام يبرزون رفض حماس الاعتراف بإسرائيل. ولكن مؤيدي حماس يذكّرون أن منظمة التحرير الفلسطينية استغرقت فترة ثلاثين عاماً حتى اعترفت بإسرائيل، وأنه خلال الشهور الاثنى عشر الماضية قطعت حماس شوطاً بعيداً بقبولها حدود عام 1967 كحدود للدولة الفلسطينية المستقبلية. كما أن التزام حماس بوقف إطلاق للنار في غزة فقط يظهر أنه يمكن الوثوق بها لتحقيق التزاماتها.

في حزيران عام 1967 احتلت إسرائيل أراضٍ فلسطينية وعربية. بعد أربعون عاماً، وفي تحدٍ صارخ لقرارات الأمم المتحدة، ما زال الجيش الإسرائيلي يحتل الأراضي ويضطهد الشعب، وما زالت الحكومة تدعم بناء المستعمرات غير القانونية في المناطق الفلسطينية. بعد الاحتلال الإسرائيلي بقليل قال موشى ديان أن الإسرائيليين ينتظرون مكالمة هاتفية من زعيم عربي. بدلاً من ذلك تعهد العرب بعدم الاعتراف بإسرائيل أو التفاوض معها أو عقد سلام معها. منذ ذلك الحين، عكس الفلسطينيون وغيرهم من العرب مواقفهم وعرضوا السلام والتفاوض والاعتراف مقابل الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود عام 1967. سوف توافق الحكومة الفلسطينية التي تنوي المشاركة في القمة العربية المقبلة على مبادرة السلام العربية التي طرحت للمرة الأولى في قمة بيروت عام 2002 والتي نادت بمبادلة الأرض بالاعتراف والتطبيع.

آن الأوان لإسرائيل والمجتمع الدولي لأن يروا أن نصف الكأس مليء. من خلال اختيار العمل من أجل السلام، يمكنهم ملؤه كاملاً، أو أن يقفوا ليتفرجوا على ما تبقى به من نقاط الأمل وهي تجف.

 

*داود كتّاب صحفي فلسطيني ومدير معهد الإعلام العصري بجامعة القدس في رام الله. بريده الإلكتروني info@daoudkuttab.com. تقوم خدمة Common Ground الإخبارية (CGNews) بتوزيع هذا المقال المختصر، ويمكن الحصول عليها من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org. مصدر المقال: الواشنطن بوست، 26 آذار/مارس 2007، www.washingtonpost.comلقد تم الحصول على تصريح حق إعادة الطباعة والنشر.

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .