يونيو 23 2007

حل إشكال غزة ممكن بالطرق الديمقراطية

نشرت بواسطة الساعة 3:29 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلم: داود كُتّاب*

من المعروف أن الديمقراطية هي أداة لحل الخلافات بين المواطن و الحاكم أو بين أجنحة الحكم بطرق سلمية. و لما كان ما حدث مؤخرا في غزة من الأمور التي بدت انها محاولة حل خلافات بين أجنحة الحكم الواحد فان السؤال المطروح حول إيمان حركة المقاومة الإسلامية بالديمقراطية أمر مهم.

حقائق ما جرى في غزة لا خلاف عليها. فقائمة التغيير و الإصلاح المدعومة من حركة حماس ربحت في أوائل هذا العام بانتخابات تشريعية حرة و نزيهة جائت بعد انتخاب الرئيس محمود عباس بانتخابات حرة و نزيهة في عام 2006 و بعد مرور المدة القانونية لرحيل الرئيس ياسر عرفات. ومن الحقائق أن مرشح القائمة المدعومة من حماس ربح لمرتين بثقة المجلس التشريعي الفلسطيني.

ايضا من الحقائق المؤسفة أن مسلحين مقربين من حركة حماس (التنفيذية و القسام) قامت بشكل مخالف للقانون بالاعتداء على مراكز أمنية وسيادية تابعة للسلطة الفلسطينية و للرئاسة و احتلتها بقوة السلاح. تقول حركة حماس أنها كانت مضطرة للقيام بذلك بسبب تمادي رجال امن تابعين لحركة فتح و للرئاسة و بالأساس الأمن الوقائي و المخابرات. ألرئيس الفلسطيني قام بحل حكومة هنية و إعلان حالة الطوارئ بسبب ما اسماه عصيان إقليم غزة وقام بتشكيل حكومة نفاذ حالة الطوارئ.

حركة حماس تقبل بحق الرئيس حل الحكومة و إعلان حالة الطوارئ (مع أنها اعتبرت ذلك امرأ متسرعا) ولكنها تعتقد أن حكومة هنية يجب أن تبقى كحكومة تسيير الأمور لغاية تعيين مرشح جديد للرئاسة الحكومة و الذي سيحتاج كسابقه ثقة المجلس التشريعي. و هنا يقع الاختلاف القانوني.

ألسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟ حماس تطالب بحوار, الرئيس يرفض حوار مع من اسماهم انقلابيين و يطالب إعادة الوضع كما كان عليه و الاعتذار للشعب الفلسطيني من قبل حماس.

المعضلة معقدة لأسباب إضافية, فغزة معزولة عن العالم فهي محاطة بإسرائيل التي ترفض الاعتراف بحماس التي تسيطر على غزة و مصر في الجنوب و التي ترفض كما قال مسؤولون مصريون قبول إمارة إسلامية شمالها. و بسبب وجود إسرائيل شمال و شرق قطاع غزة فان غزة معزولة عن بقية المناطق الفلسطينية في الضفة. وما يعقد الأمور اكثر هو وجود عدد من نواب قائمة التغيير و الإصلاح في السجون الاسرائيلية وذلك كرد فعل إسرائيلي لحجز مسلحين من القسام التابعة لحركة حماس لجندي إسرائيلي.

هل للديمقراطية و آلياتها إمكانية لحل هذا الإشكال؟

هناك من يعتقد أن الكلام عن ديمقراطية قبيل التحرير الكامل من الاحتلال الإسرائيلي و بسط السيادة الوطنية أمر مستحيل. كما ان هناك من يقول أنه منذ نجاحها في الانتخابات لم تهتم حماس بتفعيل المجلس التشريعي . فمنذ الانتخابات التشريعية لم تعقد أي جلسة سوى للثقة ولم يناقش أو يتم يسن أي قانون ( هناك البعض الذي يعتقد أن الحركة الإسلامية لا تريد تسجيل سابقة سن قانون مدني). كما و رفضت حماس تشكيل المحكمة الدستورية التي قد تحل أي إشكال دستوري كما هو الحال ألان. كما ويفيد العاملون في المجلس التشريعي أن أيا من النواب لم يتقدم بسؤال لأي وزير حتى خلال فترة حكومة الوحدة الوطنية. و المعروف أن أهم مهام المجلس التشريعي هو سن القوانين و الرقابة على أداء الحكومة.

لا شك ان العمل الديمقراطي عمل شاق و يتطلب وقتا طويلا. فالديمقراطية ليست فقط انتخابات و استلام سلطة بل هي عملية متكاملة يشكل الانتخاب جزء منها. و يبقى للسلطات الأخرى و خاصة القضائية دورا مهما لم يتم استخدامه كثيرا.

الخلافات التي أدت إلى إحداث غزة كانت كبيرة و جادة و تحتاج إلى حلول, لكن الحسم العسكري ليس احد هذه الحلول. لان الحسم العسكري يعزز فقط الآراء التي تقول إن حركة حماس أصلا لا تؤمن بالديمقراطية بل استخدمت الديمقراطية للوصول إلى الحكم ليس إلا. المطلوب الآن العودة إلى الأطر الديمقراطية. لا تزال حماس و المنظمة متفقتين على سلطة الرئاسة و سلطة المجلس التشريعي. و بما أن حركة حماس تحظى بالرئاسة (من خلال نائب رئيس المجلس) فأن أفضل الطرق الديمقراطية للخروج من المأزق الذي وصلنا اليه هو الاحتكام للمجلس وحل الخلافات بالطرق السلمية بدل من فرضها بالحسم العسكري. أن الامتناع عن الدعوة لعقد اجتماع للتشريعي و بأسرع وقت يعني أن رئاسة التشريعي لا تريد حلا ديمقراطيا.

 

* مدير عام راديو عمان نت
ومدير معهد الإعلام العصري- جامعة القدس

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .