مايو 20 2007

اقتراحات للحركة الإسلامية الفلسطينية بشأن القدس

نشرت بواسطة الساعة 7:16 م تحت فئة السياسة الفلسطينية -

بقلم: داود كتاب

تمر القضية الفلسطينية في مرحلة حساسة من الصراع العربي الفلسطيني وتشكل قضية القدس الشريف أحد أهم محاور الصراع فيما لهذه المدينة من أهمية سياسية ودينية وثقافية وإستراتيجية. ولكن موضوع القدس يعاني معاناة خطيرة بسبب الإهمال المقصود وغير المقصود لها بسبب غياب أية إستراتيجية ناجعة وواقعية تتعامل مع الأمور كما هي وليس كما يريدها المزاودون ومطلقو الشعارات الرنانة داخل وخارج الوطن.

وتشكل صعوبة الوضع في القدس معضلة حقيقية نجحت إسرائيل في فرضها على الواقع من خلال سياسة الضم والتهويد من ناحية والفصل والتطهير العرقي من ناحية أخرى. وأخيراً جاء الجدار في محاولة أخيرة لتعزيز المكانة الإسرائيلية في القدس على حساب الحقوق الفلسطينية.

وقد شكل موقف القوى الوطنية من موضوع القدس مشكلة مزمنة بسبب التشبث بالرموز والشعارات دون البحث عن طرق واقعية للرد عليها. وقد جاء صعوبة موقف القوى الوطنية من القدس تركيزها على موضوع قانونية الضم الإسرائيلي للقدس الشرقية (وهو أمر غير قانوني حسب القانون الدولي) وتغيير الوضع القانوني للقدس كأساس للموقف دون محاولة إيجاد أية إبداعات سياسية لتجاوز هذه المعضلة والتي عطلت العمل السياسي الحقيقي في القدس حوالي أربعين سنة.

وكانت الأداة شبه الوحيدة لمحاربة قرارات إسرائيل غير الشرعية بخصوص القدس هو مقاطعة كافة وسائل العمل البلدي والسياسي. وقد شكلت هذه المقاطعة الفلسطينية موقفاً سياسياً ممتازاً ولكنه وفر للجانب الإسرائيلي يداً مطلقة في إدارة الشؤون اليومية والبلدية في القدس مما ساعد في عملية تهويد الشطر الشرقي وإرغام العديد من فلسطينيي القدس على الهجرة لخارج المدينة ولخارج الوطن ونجد أنفسنا اليوم بعد أربعين سنة من المقاطعة للعمل البلدي والسياسي في أسوأ وضع شهدته القدس منذ بداية العمل الوطني الفلسطيني. فسلاح المقاطعة سلاح قوي إذا تم استخدامه بطريقة معقولة بوجود بدائل موازية للخسارة التي تشكلها المقاطعة. أما استخدام سلاح المقاطعة لأربعين سنة دون البحث عن بدائل فهو أمر غير مفيد وبالعكس أصبح ضاراً. فالقوى الوطنية التي دعت للمقاطعة ولا تزال تطبقها تقوم نفسها بالتعاون مع البلدية الإسرائيلية تحت حجة الضرورة الحياتية.

أما الحركة الإسلامية والتي التزمت دون تفكير بمواقف الحركة الوطنية حول موضوع المقاطعة فإنها بحاجة إلى إعادة التفكير في هذا الموضوع. فعكس القوى الوطنية التي تطالب بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية فإن رؤية الحركة الإسلامية حول الدولة والقدس مغايرة ولا تفرق بين القدس الشرقية والغربية. كما وقد عودتنا الحركة الإسلامية فلسطينياً وعربياً أنها تفهم معنى العمل السياسي وهو أنها تعمل ضمن الممكن. فنرى الإسلاميين في مصر والأردن وإسرائيل يشاركون في انتخابات سياسية في دول يختلفون مع قيادتها خلافاً عميقاً كما ونرى الحركة تعمل في السياسة حتى في داخل الخط الأخضر من خلال المشاركة في الانتخابات البلدية وانتخابات الكنيست. وكانت الحركة الإسلامية دائماً تطالب بانتخابات بلدية حتى في أوج اتفاق أوسلو التي اختلفت جذرياً معه وكانت تقول دائماً أن الوضع البلدي يختلف عن الوضع السياسي العام وأن المشاركة في انتخابات بلدية لا تعطي شرعية سياسية.

وإذا كان هذا هو موقف حماس فيما يخص أوسلو، ما هو منطق الاستمرار في مقاطعة انتخابات بلدية في القدس الشريف بعد مرور أربعين عاماً على الاحتلال والضم؟

قد يشكل مثل هذه المشاركة تراجعاً مؤقتاً للسياسات والمواقف الفلسطينية التقليدية خاصة مواقف أهل القدس في موضوع الضم غير الشرعي ولكنه ينسجم انسجاماً تاماً مع موقف حماس من القدس الشريف ومن عدم تحميل الشؤون البلدية أمراً سياسياً.

وحتى مع قبول مثل هذه النكسة الرمزية إلا أن الفوائد من المشاركة في العمل البلدي وحتى السياسي في القدس وسكان المدينة المئتي ألف لا يمكن تقليله. فللنضال أساليب وأشكال مختلفة. فنضال النائب الإسلامي دهامشة لا تقل عن نضال عضو بلدية إسلامي في بلدية القدس. القانون المدني الإسرائيلي يسمح للمشاركة في الانتخابات البلدية وحتى العمل السياسي لمن لا يوافق على الشكل اليهودي لدولة إسرائيل. كما ونرى الأحزاب الحريدية اليهودية غير الصهيونية والتي لا يشارك أبناؤها في الجيش ويحرق بعض منهم الأعلام الإسرائيلية في عيد استقلال إسرائيل تعمل بالسياسة البلدية وفي الكنيست.

إن قيام الحركة الإسلامية بداية موضوع العمل السياسي والبلدي في القدس سيحرك الوضع ويخلق ديناميكية عملية تفرخ قيادات جديدة تستطيع أن تتعامل مع الأمور الواقعية وتعزز الوجود الفلسطيني في القدس لغاية وجود حلول على المستوى العام ولن يقلل من إسلامية أو فلسطينية أية حركة قيامها بإعادة دراسة العمل الحزبي والسياسي في القدس بعد أربعين عاماً من السياسة الفاشلة والتي شجعت التهويد والهجرة دون أن تزيد ودون أية فائدة ملموسة على الأرض.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .