ديسمبر 09 2005

خطف فريق السلام المسيحي هو خطف من يدافع عن المظلومين

نشرت بواسطة الساعة 3:40 ص تحت فئة مقالاتي -

بقلم: داود كتاب*

لقد عانى الشعب الفلسطيني لمدة طويلة بسبب المواقف الدولية المؤيدة لإسرائيل.

و في الوقت الذي عملت إسرائيل و مؤيدها على المحاولة من الاستفادة من التقارب الديني المسيحي – اليهودي كان الموقف العربي ضعيفا علما أن خمس الفلسطينيين عالميا و أكثر من 50% من العرب الأمريكان هم من المسيحيين. إضافة إلى ذلك فموقف الكنيسة المسيحية في باقي الخلافات العالمية كان دائما مع الشعوب المضطهدة و ضد الظلم و الاحتلال و التمييز العنصري.

منذ عدة سنوات حقق نشطا فلسطينيون اختراق كبير بإقناع كنائس ومؤسسات و أفراد من المسيحيين الغربيين بلعب دورا أكثر فعالية في أخذ موقف من الظلم الذي يسببه الاحتلال و الاستيطان و الجدار.

و قد تم ترجمة هذا التغيير بعدة طرق مهمة. أولا بدأت كنائس مسيحية في أمريكا و أوروبا بأصدر بيانات واضحة ضد الاحتلال و مع إقامة الدولة الفلسطينية. و استمر الضغط الفلسطيني على هؤلاء المسيحيين بالطلب منهم عدم الاكتفاء بالكلام بل ربط الكلام بالأفعال و فعلا بدأت المؤسسات المسيحية الغربية بالتبرع لمشاريع خيرية وتطويرية. و لكن الضغط الفلسطيني و العربي استمر باتجاه المطالبة بإتباع مثال ما حدث مع حكومة الابرتهيد العنصرية في جنوب افريقيا حيث دعت الكنائس آنذاك أعضائها إلى سحب استثماراتها من مشاريع يمتلكها البيض و تحويلها إلى دعم مشاريع للسود المضطهدين حتى لا تتحول المقاطعة الاقتصادية إلى ضرر للمظلومين.

إلا أن أهم اختراق فلسطيني مع الجهات المسيحية الغربية جاء في التسعينيات عندما قررت مجموعات مؤمنة ب اللاعنف بتحويلها مواقفها إلى تصدي جسماني على الأرض ضد الاحتلال الاسرائيلي. و بذلك تشكلت أو مجموعة مما أصبح فيما بعد يسمى ب فرق السلام المسيحي و التي أخذت من مدينة الخليل المحتلة مقرا لها و بدأت في التضامن مع العائلات المهددة بيوتها بالهدم بوضع أجسامهم أمام الجرافات الإسرائيلية. كما و شاركت فرق السلام المسيحية في حماية الأطفال الفلسطينيين من بلطجية المستوطنين و ذلك بمرافقتهم لمدارسهم و تشكيل فرق مزودة بكاميرات لتكون بمثابة شهادة حية لجرائم الاحتلال و المستوطنين و من ثم توزع الصورو الشهادات الحية عالميا من خلال كنائسهم و موقعهم على الانترنت.

و عند البدء ببناء الجدار الفاصل انتقل بعض فرق السلام للمشاركة الفلسطينيين بمظاهرات سلمية ضد الجدار و الاستيطان.

ولم يكن عمل فرق السلام المسيحية منحصرا في فلسطين. ففي الوقت الذي كان العالم صامتا بخصوص الحصار و المقاطعة ضد العراق قامت المجموعات المسيحي برفع صمتها و خرق الحصار للتضامن مع الشعب العراقي. وعند بداء طبول الحرب تظاهرت هذه المجموعات ضد الحرب في العديد من العواصم الغربية.

و مع احتلال العراق انتقلت مجموعة من فرق السلام المسيحية للتضامن مع الشعب العراقي و معارضة الاحتلال الأمريكي من خلال وجودهم كشهود عيان لجرائم الحرب التي ترتكب في العراق.

لم يكن أعضاء فريق السلام الأربعة الذين تم خطفهم في العراق جواسيس أمريكان كما جاء في بيان خاطفيهم بل كما شهد لصالحهم مفتي القدس و فلسطين الشيخ عكرمة صبري و ثمانية فصائل فلسطينية تعاملت معهم و راقبت دورهم الصادق في فلسطين المحتلة. لقد تطالب بإطلاق صارحهم وطنيين فلسطينيين عرفوهم شخصيا و راقبوا مواقفهم تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

إن عملية خطف فريق السلام المسيحي تعني بصورة أو بأخرى رفض الاستفادة من جهات طالما كان الشعب الفلسطيني يسعى لتقف وقفة صادقة مع شعوبنا المظلومة. إنها عبثية لا منطق فيها و علينا جميعا كمسلمين و مسيحيين علمانيين و مؤمنين أن نطالب الخاطفين أن يطلقوا صراح فريق السلام المسيحي و بأسرع وقت لما فيه مصلحة الشعوب المظلومة.

* مدير معهد الإعلام العصري في جامعة القدس- رام الله و مدير عام إذاعة عمان نت.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .