مارس 20 2001

هل توجد استراتيجية فلسطينية؟

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

التساؤل عن وجود استراتيجية فعالة، كان مثار حديث الوسط الفلسطيني في الأيام الاخيرة، خاصة بعد التصريحات الاميركية والإسرائيلية، وحتى كلينتون نفسه،عن إنتهاء مفعول مبادرة الرئيس الاميركي السابق، وإنتخاب شارون زعيم اليمين الاسرائيليرئيسا للحكومة الجديدة. وبدأت الاصوات في فلسطين تتسائل عن ماهية الاستراتيجية الفلسطينية.

وبالتأكيد فإن هناك العديد من الإجابات على هذا التساؤل، ولكن يظل التساؤل قائما لمعرفة أي الإجابات هي المقنعة. وبشكل اكثر تحديدا، يبقى التساؤل قائما لمعرفة الاستراتيجية الفلسطينية والتي يمكن أن تعطي نتائج ايجابية. والجواب الذي يتردد كثيرا يعتمد على شعار”إنتفاضة حتى النصر”.

ولم تسطع عملية السلام الجاريةمنذ سبعة سنوات، مع كل ساعات التفاوض والاتفاقات التي وقعت من نحقيق إلا القليل من طموحاتوأهداف الشعب الفلسطيني، خاصة حقه في الحرية والإستقلال. وفشلت كل جهود التفاوض في إحداث إخنراق فعلي للعملية السلمية، وذلك بسبب أن الامر يعود بالدرجة الاولى الى ما يطلقون عليه” الكرم الاميركي والاسرائيلي” وليس إعتمادا على عدالة القضية الفلسطينية أو حتى إعتمادا على القانون الدولي. والطريق الوحيد لتغيير أو الخروج من هذا الإطار هو ان يعتمد الفلسطينيون على أنفسهم وقوتهم الذاتية أولا وعلى إعادة تنشيط دعم العالمين العربي والاسلامي. ومع هذا فإن هذه العملية الخاصة ةالتي هي بحاجة الى تضحيات كبيرة من كل الأطراف تلقى قبولا ورواجا في التفكير الفلسطيني.

وقد قام ايهود باراك تعديلات جوهرية على اقتراحاته والتي قدمخا في مباحثات كامب ديفيد الثانية، عشية انطلاقة انتفاضة الاقصى. وقد شهد الشارع العربي حالة تضامن عالية واعترته فورة غضب عارمة، غداة نشر صور الشهيد الطفل محمد الدرة، كما أجبرت بقية دول العالم على الاعتراف بعدم وجود أثر للسلام في الاراضي المقدسة.

وبعد سبات دام عشر سنوات، يبدو ان الجامعة العربية قد إكتسبت شيئا من النشاط والحيوية،بحيث بات من المؤكد انجاز مؤتمرين للقمة العربية خلال فترة أقل من ستة أشهر وذلك بفضل انتفاضة الاقصى.

ولكن هل هذا الطريق فتح آفاقا للحل؟ وهل هناك امكانية لتأمين حق العودة؟ مثل هذه التساؤلات بدأت تظهر في فلسطين. وٌٌلأول وهلة وبعيدا عن العواطف، أين نقف الان؟ خاصة بعد ذهاب مقترحات وأفكار باراك وكلينتون. ونتيجة لدعم الشعب العربي الكبير لإنتفاضة الاقصى بدت الامور وكأنها تعود لطبيعتها، خاصة بعد ان أبدت العديد من دول العالم تعاطفا مع القضية الفلسطينية، ولكن ليس الى درجة تكثيف الجهود وممارسة الضغوط الكافية على اسرائيل للوصول الى حل للصراع.

ومنذ اللحظة الاولى لاندلاع الانتفاضة، بدأ بعض المفكرون الفلسطينيون بطرح بعض الاسئلة الصعبة: الى اين سيقود كل هذا؟ هل كان يجب القبول بمبادرة كلينتون؟ وإلى اين أوصلتنا الاطرؤحات الفلسطينية والعربية في فترة السبعينات والثمانينات؟ وهل دخلنا نفقا مظلما لا ضوءا في نهايته؟ وكيف يمكن الخروج من الورطة التي وجدنا انفسنا في وسطها؟.

وبدأ العديد من الفلسطينيين بالتساؤل حول قدرة الشعب الفلسطيني على تحمل كل هذه المصاعب الاقتصادية والاجتماعية الناشئة. وبدأت بعض المخاوف في التعبير عن نفسها والتساؤل فيمالو سقطت السلطة الوطنية أو ضعفت، هل يمكن أن تحل محلها قيادات الميليشيات المسلحة والجماعات الغير منظمة؟ وهل يمكن ان تحدث اشتباكات مسلحةبين قيادات الشارع الفللسطيني المتباينة؟ وهل يمكن ان يحل قانون الغاب محل سيادة القانون والشرعية الفلسطينية؟

وقد بدت مثل هذه المخاوف حقيقية بالنسبة للبعض، إلا أن البعض الأخر إعتبرها مخاوف مبالغ فيها كثيرا. وقد أبلغني أحد أصدقائي في الوفد الفلسطيني المفاوض في طابا، أن الفلسطينيين كانوا قريبون من التوقيع على إتفاقية أثناء مفاوضاتهم مع الاسرائيليين، إلا أن تعليمات واضحة جائتهم في اللحظة الاخيرة من إيهود باراك مباشرة منعتهم من التوقيع على أي شْئ. وأكد ان الرأي العام في الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لم يكن يعلم شيئا عن النتائج الايجابية التي توصل إليها المفاوضون، وأنه لو استمر التفاوض لفترة أخرى أو أطول لكان بالإمكان الوصول وبسرعة لاتفاق بين الطرفين.

وقد كان هذا المفاوض الفلسطيني متأكدا من أن اسرائيل نفسها لا تستطيع السماح لمثل هذا الوضع الغير مستقر بالاستمرار لأن ” استمرار هذا الوضع يؤثر عليهم مثلما يؤثر علينا”. وأضاف ان دول العالم قد أظهرت عدم إسنطاعتها ترك هذه المنطقة في حالة عدم إستقرار دائم.وليس صحيحا ما أعلنه احد اساتذة الجامعة المرموقين في فلسطين والذي كان أحد قادة الانتفاضة الاولى عندما قال أن” الاسرائيليين تأثروا ولكنهم قادرون على تجاوز المشاكل الصغيرة التي سببناها لهم. ولكننا في الجانب الفلسطيني بلا معين أو داعم”

وعليه الى أين يمكن ان تقودنا غيلب استراتيجية واضحة وفاعلة والتي يمكن ان تحقق نتائج فعلية؟ وهل أصبحنا يوما بعد يوم نعيش وسط دوامة عميقة لا نعرف أين ستقذف بنا؟ أم نحن نعيش لأشد لحظاتنا سوادا والتي تسبق بزوغ الفجر؟ وهل نحن بحاجة لإستراتيجية فلسطينية، أم ان الاستمرار في التعامل مع ردات الفعل والبقاء على هذا الحال هو أفضل استراتيجية ممكنة؟.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .