أغسطس 18 2001

خطورة السياسة الأمريكية في المنطقة

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

جاءت المواقف الأخيرة لإدارة الرئيس بوش اتجاه مشكلة الشرق الأوسط لتصب الزيت على النار المشتعلة. فنائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، وفي مقابلته مع شبكة فوكس التلفزيونية، أعطى المبررات لسياسة الاغتيالات الإسرائيلية والتي وصفها “بالدفاع النشط عن النفس”. رغم الإدانة الدولية لهذه السياسة الإسرائيلية ضد المقاومين الفلسطينيين. ففي الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل بصواريخ طائرات الأباتشي الأمريكية الصنع قتل ثمانية فلسطينيين من بينهم طفلين. ويعتبر تصعيد إسرائيل لعدوانها وعمليات القتل اليومية تحدي نوعي للقانون الدولي وحتى القانون الأمريكي نفسه. وهذا الدعم الأمريكي الضمني للسياسة الإسرائيلية (والذي احتل العناوين الأساسية لوسائل الإعلام في الشرق الأوسط) ضار بالولايات المتحدة ويلحق الضرر بمصالحها في الشرق الأوسط. وبدلاً عن ذلك يتوجب على الولايات المتحدة أن تستثمر جهودها لوقف إطلاق النار والذي جرى التوصل إليه بواسطتها.

وبإمكان الولايات المتحدة باعتبارها المورد الرئيسي للسلاح الإسرائيلي الثقيل والنوعي، أن تستخدم تأثيرها ونفوذها بعدم استخدام إسرائيل لهذا السلاح بطريقة مخالفة لشروط تزويدها وهو أن يكون دفاعياً. إن استخدام إسرائيل لهذه الطائرات والأسلحة الأمريكية وعلى نطاق واسع في عمليات الاغتيال قد حوّل الجيش الإسرائيلي إلى الحكم والجلاد في الوقت نفسه.

ولا يمكن بأي حال تفسير هذه السياسة، على أنها دفاع عن النفس. إذ أن القانون الأمريكي نفسه يدين بوضوح عمليات الاغتيال السياسي. والحديث عن شرعية عمليات الاغتيال والذي يجري تحضيرها سلفاً، يعتبر أكثر استفزازاً خاصة أن هذه المحاولات تأتي لدحض حقائق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

والأهداف التي تضعها إسرائيل على قائمة الاغتيال والقتل، هم فلسطينيون يناضلون من أجل حريتهم واستقلالهم وعلى أرضهم الوطنية. وبالاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة (والمعترف بها من الولايات المتحدة وباقي دول العالم) يعمل الفلسطينيون على التخلص من الاحتلال الأجنبي لأراضيهم. وكل محاولات الوصول إلى اتفاق عن طريق التفاوض قد باءت بالفشل، بسبب إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بأجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة وبعدم الاعتراف بمسؤولياتها اتجاه مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وبحقهم في العودة أو التعويض والتي نظمها القانون الدولي. وحتى حق المقاومة واللجوء إلى السلاح من قبل الشعب المحتلة أرضه، أمر يضمنه القانون الدولي. في الوقت الذي يحرم هذا القانون سياسة الاغتيالات والقتل المتعمد.

ويجب على الولايات المتحدة أن تفرق بين السياسات اللاشرعية لإسرائيل ونشاطاتها كسلطة احتلال، مثل بناء المستوطنات، وعمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين، وبين تمسك الفلسطينيون بحقوقهم المشروعة، في الوقت الذي تؤكد الولايات المتحدة يومياً على ضرورة انصياع العراق مثلاً لكل قرارات الأمم المتحدة، فلماذا لا تخضع إسرائيل للقانون نفسه.

وبوضوح شديد، فإن إدارة بوش ترتكب خطأ قاتلاً بعدم إدانتها لسياسة إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل. فمثلاً وعندما تقوم دولة باغتيال أحد معارضيها في الخارج، فإن الولايات المتحدة وحلفائها يدينون مثل هذا العمل والذي يتم في وضح النهار، ويقوم الأمريكيون بالدفاع عن حقوق الإنسان والضحايا الأبرياء والذين تنتهك حقوقهم. وعلى أقل تقدير يجب على الولايات المتحدة أن تطلب وقف مثل هذه الأعمال وتدينها وتبذل جهوداً كبيرة لوقف العدوان والعنف.

ولا مصلحة للسلطة الوطنية الفلسطينية في استمرار العنف لأن شعبها هو الذي يدفع فاتورته الباهظة من أرواح أبنائه. وما العمليات العسكرية التي قام بها الفلسطينيون ضد المستوطنين والجنود الإسرائيليين إلا عمليات دفاع مشروع ضد استمرار العدوان والاحتلال العسكري الإسرائيلي. وهذه العمليات يقوم بها النشطاء والمنظمات الفلسطينية والذين ضاقوا ذرعاً بالاحتلال الإسرائيلي لأرضهم والمستمر منذ أربع وثلاثون عاماً، ولكل السياسات اللامشروعة التي تقوم بها إسرائيل وفي المقدمة منها عمليات الاستيطان المستمرة. إن إسرائيل نفسها تقوم بكل النشاطات اللامشروعة ابتداء من عمليات الاغتيال أو الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، ولكن النشطاء والمنظمات الفلسطينية والذين يمارسوا العمليات العسكرية ضد إسرائيل هم ليسوا جزءاً من الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وعليه تتهم إسرائيل السلطة الفلسطينية بعدم القيام بالإجراءات اللازمة لضبطهم أو إبقائهم تحت السيطرة.

ومثل هذا الاتهام كان مفهوما عندما كانت إسرائيل تسير في العملية السلمية وعندما وافقت على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. رغم أن الفلسطينيون وعلى مدار سبعة سنوات من عمر اتفاق أوسلو وجهوا العديد من الاتهامات للرئيس عرفات على سياسته ضد بعض المنظمات الفلسطينية ووصلوا إلى حد تخوينه واتهامه بأنه حامي المصالح الإسرائيلية.

وكان رد القيادة الفلسطينية لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ، والرئيس عرفات الآن ومعه القيادة الفلسطينية يواجهون صعوبات كبيرة في إقناع شعبهم بأي خطوة يمكن أن تتخذ على هذا الصعيد مادامت إسرائيل مستمرة في عدوانها العسكري وضد العودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة شارون تحاول أن تجر معها الإدارة الأمريكية إلى فرض شروط مستحيلة للعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين.

واليمين الإسرائيلي الذي يقود الحكومة الحالية يؤكد على ضرورة مرور عدة أشهر من الهدوء في المناطق الفلسطينية قبل العودة إلى المفاوضات، في الوقت الذي لا يشيروا أبداً إلى سياسة الاغتيالات التي يقوموا بها أو إلى إنهاء الحصار وعدم فرض حظر التجول أو وقف سياسة تدمير المنازل الفلسطينية. وسينتظر الفلسطينيون كثيراً على الرغم من قبولهم بالموقف الدولي والذي يقول بأن الحل هو قيام دولتان على أرض فلسطين، ولن تقوم الحكومة الإسرائيلية بأي خطوات عملية أو جادة اتجاه تحقيق السلام ما دام شارون والليكود في الحكم.

وللولايات المتحدة نفوذ سياسي ومعنوي للتأثير في الوضع الراهن وتغييره. وعليها أن تمارس سياسة نشطة وفاعلة لتحقيق وقف إطلاق النار والبدء في اتخاذ خطوات سياسية جادة للبدء في المفاوضات للوصول إلى اتفاق وحل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

والقاعدة الأساسية للحل وضعها الرئيس الأسبق بوش وبوضوح قبل عشر سنوات في مؤتمر مدريد، عندما دعا لمبادلة الأرض بالسلام. والفلسطينيون راغبون، بل جادون في إعطاء إسرائيل سلام آمن، ولكن مقابل عودة الأراضي الفلسطينية المحتلة لأصحابها الشرعيين وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .