سبتمبر 24 2001

ما هو مستقبل انتفاضة الأقصى بعد أحداث أمريكا

بعد مرور حوالي سنة للزيارة الاستفزازية ل أرييل شارون إلى المسجد الأقصى المبارك واندلاع انتفاضة الأقصى والرد العنيف الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية يبدوا أن انتفاضة الأقصى في وضع جديد ليس من الواضح إذا كانت ستستمر أم تتوقف أم تتجمد.

فأحداث نيويورك وواشنطن غيرت الكثير من المعادلة التي كان الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي مشتبكان بها فالإسرائيليون كانوا يطالبوا بوقف المقاومة ولفترة من الزمن قبل موافقتهم الشروع بالتفاوض السياسي في حين كان الجانب الفلسطيني يصر على احقية المقاومة وعدم القبول بالرضوخ لمطالب إسرائيل بإيقاف المقاومة الفلسطينية من جانب واحد وعدم قيام إسرائيل بفك حصارها وإيقاف سياسة الاغتيالات والاستيطان وإنهاء الاحتلال.

أحداث 11 أيلول غيرت من هذه المعادلة. فالجانب الأمريكي الذي يرغب أن يضم تحالفه الجديد دولاً عربية وإسلامية يعرفاستحالة مثل هذه المشاركة وشوارع فلسطين تسير في جنازات الشهداء يومياً. ومن هذا المنطلق جاءت الضغوطات الأمريكية ولأول مرة منذ فترة. شبه متساوي على الطرفين للتوقف عن العنف والحصار والاغتيالات.

الجانب الفلسطيني الذي وافق على وقف إطلاق النار انطلق من عدة معطيات. فالمطلب الأمريكي على الطرفين لا يوحي بتنازل أي من الفرقاء عن مطالبهم. كما ويعطي مثل هذه الهدنة فرصة للجانب الفلسطيني أن يلتقط أنفاسه دون أن يقدم أي تنازل لإسرائيل.

كما ويأتي المطلب الأمريكي في مناخ دولي لا يمكن لأي من الجهات الفلسطينية أن تقوم بأعمال عسكرية نوعية أو عمليات استشهادية وقد جاءت تصريحات حماس الأخيرة متجاوبة مع هذا المناخ الجديد.

من ناحية أخرى فإن الطرف الفلسطيني قد أثبت كل ما يريد اثباته. فقد قاوم الطروحات غير المنطقية الإسرائيلية في كامب ديفيد، وفي شوارع جنين ورام الله وبيت جالا ورفح. وقد أثبت للجانب الإسرائيلي صعوبة إعادة احتلال المناطق التي انسحب منها. ورغم أن الجانب الفلسطيني يعرف أنه لا يمكن هزيمة إسرائيل عسكرياً إلا أنه يشعر بارتياح أنه يمكن إعاقة أي تحرك احتلالي إسرائيلي وأنه يستطيع أن يوجع الطرف الآخر خاصة المستوطنين والقوات العسكرية المتقدمة. وقد كان النجاح الفلسطيني المحدود في ردع الإسرائيليين بمثابة خليط بين صمود المقاتلين وارتفاع وتيرة التغطية الإعلامية العربية والدولية.

وفي هذا الوقت الذي أصبح العالم الغربي وحتى العالم العربي منشغل بموضوع الإرهاب الدولي والرد الأمريكي المتوقع له فإن أعمال المقاومة الفلسطينية في هذه الأوقات لن تكون مجدية ولن يهتم بنا احد كما وأن الرد الإسرائيلي العنيف كما شاهدنا في الأيام الأولى بعد الهجوم على أمريكا سيكون دون ردع دولي.

لهذه الأسباب من المتوقع أن يتم تجميد أو انتهاء انتفاضة الأقصى كما عرفناها في السنة الماضية. إن مثل هذا التجميد لا يعني تراجع أو تنازل.

فالمدن الفلسطينية التي تسلحت خلال السنة الماضية ستبقى شوكة في حلق المحتلين والمستوطنين. حتى إذا توقف المقاتلون الفلسطينييون عن الأعمال الهجومية لن يتوقفوا عن الأعمال الدفاعية دفاعاً عن الأرض والإنسان الفلسطيني.

طبعاً رغم أن امكانية توقف أو تجميد الانتفاضة وارد (ولو أن أحد لن يعترف بذلك) إلا أنه علينا الاعتراف أنه إذا كان سهلاً نوعاً ما تجميد أو وقف انتفاضة الأقصى فلن يكون سهلاً إعادتها من جديد.

فتجربتنا في عشرات السنوات الأخيرة تشير أن الانتفاضات لا تنطلق بقرار شخص حتى لو كان زعيماً بل تنطلق الانتفاضات نتيجة لمجموعة من العوامل.

إن امكانية تجميد أو وقف انتفاضة الأقصى ستكون فرصة ذهبية لإسرائيل وأوروبا وأمريكا أن تعمل سريعاً لإيجاد حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية.

فالشعوب المقهورة قد تتآنى ولكنها ستثور مرة ثانية وكما شاهدنا في سنوات الاحتلال فإن كل ثورة جديدة تكون أقوى من التي سبقتها.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .