فبراير 09 2003

الجميع في الوقت الضائع … التوقيت الحكيم يتطلب وقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة السياسة الفلسطينية -

قد يختلف الفلسطينيون كثيراُ حول أفضل وسائل النضال والمقاومة، فهناك من يؤمن بالنضال السلمي اللاعنفي وهناك من يعتقد ان العنف هو الأسلوب الوحيد لدحر الإحتلال، وهناك من يطالب بحصر العمليات العسكرية في مناطق ال 67 من يعتقد بضرورة حصر الأهداف بالجنود والمستوطنين في حين يرى آخرون تحميل كافة الأسرائليين مسؤولية اﻹحتلال.  لا خلاف. ولكن هناك أمراً يجمع عليه المؤيدون والمعارضون وهو موضوع التوقيت، فالنضال العنيف في الوقت السيىء يجلب عكس ما يريده الطرف الذي بادر بهذا العمل ويبدو ذلك واضحاً من خلال متابعة الرأي العام الفلسطيني، فهناك عمليات يتقبلها ويصفق لها الشارع الفلسطيني وتحصل على نسبة عالية من التأييد، في حين تحصل التنظيمات والجهات التي تتبنى عمليات أخرى على عدم رضا الجمهور بسبب سوء توقيتها، فتلك العمليات مثلا التي تمت قبيل إنسحاب عسكري مبرمج أدت الى تراجع الأسرائيليين إضافة الى أن توقيت بعض العمليات أدت الى نجاح الأسرائليين، والعديد من الدول الغربية وحتى الصديقة قامت بإنتقاد توقيتها إضافة الى إنتقاد طبيعتها وأهدافها .

مثال آخر حول التوقيت الخاطىء هو العمليات الإستشهادية الفلسطينية بعد احداث 11/9 في نيويورك وواشنطن فقد نجحت الحكومة الشارونية برسم صورة الإرهابي للمقاوم الفلسطيني برغم المحاولات الحثيثة للشعب والقيادة الفلسطينية الإبتعاد عن كل ما له علاقة بعمليات الهجوم على الولايات المتحدة .

فإذا كان موضوع التوقيت أمر لا ذو  أهمية كبيرة لما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني فعلينا طرح السؤال:  ما هي فائدة اي عمل عسكري في الوقت الحالي؟

يبدو أننا الان في الوقت الضائع على عدة محاور، ففي اسرائيل لن تقوم الحكومة الاسرائيلية الانتقالية بقيادة شارون و موفاز ونتنياهو بأي عمل سياسي لغاية الانتخابات ، الا ان هذه الحكومة التي قد تكون الأسوأ في تاريخ إسرائيل قد تستغل عمليات ضدها لزيادة الإستيطان ، اما بالنسبة للمحور الدولي فهناك إنشغال عالمي وشرق اوسطي في موضوع العراق ، وهو الأمر الذي يعطي للعديد مبرراً للتخوف انه من الممكن ان يتم استغلال الموضوع مع العراق لقيام اسرائيل بخطوات غير مسبوقة ضد شعبنا .لخلق حقائق جديدة على الأرض.

والساحة الفلسطينية ايضاُ تعيش مرحلة انتقالية سياسياً حتى بعد قيام المجلس التشريعي بفرض استقالة الحكومه تحت ضغط حجب الثقة ومنحه الثقه لا مؤخراً . كما وان الوضع الميداني والاقتصادي في فلسطين يمر بمرحلة صعبة جدا مع مرور اكثر من عامين على الانتفاضة وما رافق ذلك من اغلاق ومنع تجول وتحطيم للاقتصاد الوطني .

هذه الامور كلها تدعوالى السؤال عن جدوى العمليات العسكريه في الوقت الحالي .فأي عملية عسكرية في هذا الوقت الضائع لن ينتج عنه تراجع اسرائيلي ، ولن تؤدي الى تغيير لصالحنا في ميزان القوى ولن تزيد في الضغوطات الدولية ضد اسرائيل.

قد يقول البعض أن معظم العمليات الفلسطينية تأتي كرد فعل على البطش الأسرائيلي هذا صحيح ، ولكن آلة الإعلام الإسرائيليه نجحت في العمل على عكس الصوره بحيث تقوم برسم العنف الإسرائيلي كرد للعمل الفلسطيني .

الطريقة لوقف التدهور السياسي والإعلامي للشعب الفلسطيني تكمن في اتخاذ كافة الفصائل الفلسطينيه موقف جريء يشمل إعلاناً أحادي الجانب بوقف العمليات العسكريه لمده محدوده مثلاً ثلاثة أشهر أو 6 اشهر مع الإلتزام بذلك بصوره واضحه للعيان .

مثل هذا التوقف سيعيد المبادره السياسيه للجانب الفلسطيني ، وينجح في كشف طبيعة الإحتلال العنصريه القمعية إضافه الى ان ذلك سيساعد في التخفيف من الضغوط الإقتصادية والحياتيه التي تعكسها كل عملية فلسطينية ضد اسرائيلين. فالمناضل في كافة المعارك عبر التاريخ يحتاج الى استراحه واستراحة المناضل ليست تنازلاً عن الهدف الإستراتيجي بل تكتيكاً تفرضه ظروف المعركه الميدانية والسياسيه وإعلان التوقف من جانب واحد عن القيام بأعمال عسكرية ليس تكتيكاً جديداً فهناك عشرات الأمثله من نضال الشعوب في ايرلندا وجنوب افريقيا ، وحتى في جنوب لبنان تقدم لنا نماذج مماثله.

كما وأن التوقف عن العمل العسكري لا يعني التوقف عن النضال السياسي والجماهيري والإعلامي بل بالعكس فإن مثل هذا التوقف سيساعد في انجاح أعمال المقاومه السلميه ، وسيرفع من النظره الدوليه للشعب الفلسطيني كما سيساعد في تقوية حركات السلام الإسرائيليه.

إن التوقف المؤقت عن الاعمال العسكرية أمراً هاماً في الفترة الحالية وستكون له فوائده أكثر بكثير من أي سلبيات قد يعتقد البعض أنه يعكسها . فإي التزام بقرار حتى وإن كان التوقف عن الأعمال العسكرية يعكس انضباطاً وقدرة على السيطرة على العناصر وهذا امر يعكس مدى وحدة الشعب والمناضلين والتزاماتهم بقرار قياداتهم.

كما وأن قرارجريئاً بوقف مؤقت للعمليات العسكريه سيحضى بإجماع واسع من كافة فئات الشعب وسيجني ثماراً سياسيه وشعبية لمن يدعو له إضافة إنه سيعكس نسبه عاليه من الوعي وإعطاء أولويه لمصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي مصلحه حزبية خاصه .

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .