مارس 07 2004

لن يؤخر الإصلاح في العالم العربي حل القضية الفلسطينية

نشرت بواسطة الساعة 12:00 ص تحت فئة مقالاتي -

فجأة وبدون مبرر حقيقي أصبح الزعماء العرب أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية. السبب هو المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير.

قبل الخوض في هذا الموضوع لا بد من تأكيد امتعاض كل عربي وطني عن فكرة التدخل الخارجي في شؤوننا . كما ولا بد من الإشارة بخط عريض ضرورة استنكار التحيز الأمريكي المستمر للجانب مجرم الحرب الإسرائيلي ارئيل شارون وحكومته الإستيطانية التي تخالف القانون الدولي وحتى الموقف الرسمي الأمريكي . ولكن هناك ضرورة للمصارحه حول موضوع الإصلاح العربي والقضية الفلسطينية . فمطالبتنا من أمريكا بأن تكون لها دور في وقف الظلم والإعتداء ضد الشعب الفلسطيني لا يعني بالضرورة أن موضوع الإصلاح للأنظمة العربية يجب رفضة مهما كان مصدرة .

فالإصلاح في الأنظمة العربية مطلب وطني عربي منذ عشرات السنوات ولكن للأسف فإنه عندما يكون المطلب صادر من جهات محلية ترفض بدون خجل ولكن يتم التعامل مع المطلب الأمريكي بالتحليل السياسي .

لا شك أن المواقف الرسمية العربية بمطالبة أمريكا إدخال بنود القضية الفلسطينية ضمن خطتها الإصلاحية أمراً يدغدغ مشاعر الشعب الفلسطيني . ولكن هل هذا المطلب صادق . فلو كان الزعماء العرب معنيون فعلاً في الوضع الفلسطيني لما وصلنا الى ما وصلت اليه قضية العرب المركزية من قتل وحصار واحتلال واستيطان تحت أنظر الجميع . ولو كان الزعماء العرب فعلاً مخلصون لفلسطين لما سمحوا بإبقاء زعيم فلسطيني منتخب ديمقراطياً من شعبة تحت حصار لأكثر من سنتين .

الواقع هو أن الإصلاح الحقيقي في الأنظمة العربية سيكون أفضل هدية للشعب الفلسطيني . فلو تم الإصلاح تحت أي بند وبإقتراح من أي جهه فإن الموقف العربي الداعم لحقوق الفلسطينين سيصبح موقفاً فعالاً للأنظمة العربية .

فالإصلاح اذا تم تطبيقة فعلاً في عالمنا العربي لن يضر القضية الفلسطينية بأي شكل من الأشكال بل ستزيد من التلاحم الشعبي والحكومي دعماً لها . فأكثر ما يتمناه الفلسطينيون هو وجود حكومات عربية تمثل فعلاً وليس قولاً رغبات شعوبها .

لقد مر الشعب الفلسطيني في فلسطين تجربة مماثلة فلفترة طويلة كان المطلب الفلسطيني هو ضرورة المشاركة في صنع القرار من خلال تشكيل منصب رئاسة للوزراء وإصلاح النظام المالي الذي كان يشكو من الفساد وتعدد مصادر الدخل المربوطه برئاسه الدوله إضافة الى تعدد الإحتكارات . وقد حاول نشطاء المجتمع المدني الضغط على الجهازين التنفيذي والتشريعي من أجل هذه الإصلاحات ولكن بدون نتيجة الى ان جاءت نفس المطالب عبر جهات دولية مثل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فبعد التردد الأولي تم قبول هذه الإقتراحات الإصلاحيه وتم تعديل القانون الأساسي وتنفيذ شفافية في النظام المالي. طبعاً لم تكن هذه الإصلاحات نابعة عن قناعه بل جاءت بسبب الضغوط الخارجية ولذلك فإنها تعثرت وقد كان أفضل مثال على ذلك ما حدث لرئيس الوزراء الفلسطيني الأول محمد عباس ( أبو مازن ).

قد يكون ما حدث لأبو مازن مثالاً على محدودية الإصلاح الناتج من الخارج ولكنه لا يعفي المسؤولين العرب من ضرورة التحرك الجدي والسريع لإجراء إصلاحات حقيقية في انظمتها بحيث يتم اشراك أوسع للمواطن العربي في صنع القرار العربي بعيداً عن احتكار مجموعة أشخاص أو طبقة صغيرة من المنتفعين .

لقد مرت سنوات طويلة على القضية الفلسطينية دون حل وقد بات واضحاً أن الضغوط العربية لربط القضية الفلسطينية بضرورات الإصلاح هو مجرد تهرب من الزعماء العرب من مسؤلياتهم فلو أخذنا مثلاً قرار القمة العربية الأخير بدعم السلطة الوطنية شهرياً بعشرات الملايين من الدولارات الأمر الذي استمر لشهرين وثم توقف سنفهم أن الفجوه كبيرة جداً بين القول والفعل لمعظم الزعماء العرب .

مطلب الإصلاح في الأنظمة العربية مطلباً وطنياً شعبياًً يطالب به كل عربي غيور وتأخيره سيزيد من التخلف والتراجع العربي . أما القضية الفلسطينية وضرورة حله حل عادلاً فسيبقى مطلباً عربياًً كان ضمن خطه أمريكا امر لم تكن .

لقد اعتاد الزعماء العرب على ركب موجة القضية الفلسطينية للتهرب من الإستحقاقات الوطنية لشعوبهم ولا شك أنه عندما يتم الإصلاح العربي الحقيقي والديمقراطي فإن القضية الفلسطينية ستكون في حاله أفضل بكثير مما هي علية الأن والإصلاح في العالم العربي سيعجل في حل القضية الفلسطينية ولن يؤخرها.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .