نوفمبر 30 2016

هدم منازل الفلسطينيين وإضفاء الشرعية على المستوطنين

بقلم داود كُتّاب

مجموعتان منفصلتان من المنازل التي بنيت من دون ترخيص في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتظر مصيراً مختلفاً كلياً.

الفلسطينيون، خاصة الساكنين في القدس الشرقية حيث لم تتم الموافقة على عمل التخطيط اللازم للأحياء الفلسطينية منذ 49 عاماً، يتعرضون إلى هدم بيوتهم في كل مرة يتجرأون ببناء مسكن لأسرهم دون الحصول على ترخيص إسكان إسرائيلي والذي يعتبر الحصول عليه من شبه المستحيل تقريباً.

لقد تم في هذا العام وحتى الآن تدمير حوالي 112 منزلاً فلسطينياً، وذلك بزيادة تصل إلى 74 منزلاً أكثر من تلك التي دمرت في عام 2015.

يعطي الإسرائيليون أصحاب المنازل خياراً، إما أن يهدموا بيوتهم بأنفسهم أو أن يدفعوا فاتورة باهظة للحكومة لكي تقوم هي بتدميرها.

يتم هدم المنازل وأبنية أخرى في أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة كذلك، لا سيما في غور الأردن وفي منطقة الخليل. هناك عدد من الأبنية التي بنيت بأموال من الاتحاد الأوروبي وغيره تم تدميرها من قبل الجيش الإسرائيلي.

وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة التي تأمر بتدمير المنازل الفلسطينية تعمل على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية التي بنيت من دون موافقة حكومية.

وافقت لجنة في الكنيست على مشروع قانون مثير للجدل من شأنه أن يضفي الشرعية على هذه المستوطنات بأثر رجعي.

يعتبر القانون الدولي كافة المستوطنات غير شرعية، ويمنع شعب دولة الاحتلال من الانتقال إلى المناطق المحتلة.  كما أن هدم بيوت الناس الذين يقبعون تحت الاحتلال ممنوع أيضاً إذ يعتبر عقاباً جماعياً.

المستوطنون الإسرائيليون، الذين هم مدعومون في كثير من الأحيان من الجيش والإدارة المدنية، ومن غيرهم من السياسيين والإداريين الحكوميين، يخططون ويستولون على الأراضي والمنشآت الموجودة في المستوطنات من تلقاء أنفسهم.

نشرت منظمات إسرائيلية وفلسطينية مختلفة، ووسائل الإعلام تقارير استقصائية واسعة ودراسات حول مدى تعاون المستوطنين والحكومة بهدف اتخاذ الأراضي الفلسطينية من أجل جعلها متاحة بشكل خاص للمستوطنين والمستوطنات اليهودية.

يعمل المستوطنون اليهود تحت حماية الجيش الإسرائيلي، على إنشاء هذه المستوطنات على أراضٍ لا يملكونها.  أحياناً يتم مصادرة الأراضي من الفلسطينيين بحجة المصلحة العامة؛ وفي أوقات أخرى، تتدعي إسرائيل بأن الأرض هي لإسرائيل على الرغم من أنها قوة محتلة يُحظر عليها بشكل واضح من القانون الدولي تغيير الوضع القانوني للمناطق التي تحتلها.

أحياناً يتم بناء المستوطنات الإسرائيلية على أراض فلسطينية خاصة.  إحدى هذه القضايا تنظر فيها المحكمة العليا الإسرائيلية في الوقت الحاضر.

تم بناء مستوطنة عمونا على أرض تعود إلى عائلة حمد الفلسطينية من منطقة سلواد (بالقرب من رام الله).  هذه إحدى الحالات القليلة التي حكمت فيها المحكمة لصالح مالك الأرض الفلسطيني، ورفضت الجهود التي بذلها المستوطنون الإسرائيليون والحكومة حتى يتم غض النظر عن حقيقة بسيطة ألا وهي أن الأرض هي ملك لعائلة فلسطينية.

يتم العمل داخل الكنيست والحكومة على محاولة تسوية بعض المستوطنات القائمة من أجل تجاوز  العراقيل القانونية الداخلية والمعارضة الدولية.

إدارة أوباما، التي وافقت على تقديم منحة ضخمة لعشر سنوات وقيمتها 38 مليار دولار احتجت علناً على المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، وحذرت على وجه التحديد من محاولة الموافقة وبأثر رجعي على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية التي تعتبرها إسرائيل نفسها غير قانونية.

التناقض بين تفاعل إسرائيل مع الفلسطينيين الذين يبنون بيوتهم على أرضهم وفي المناطق الفلسطينية وتفاعلها مع المستوطنين اليهود الذين يبنون مستوطناتهم التي تعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي يعبر بشكل واضح عن طبيعة التمييز العنصري للاحتلال.

قوة الاحتلال التي تغض النظر عن المستوطنات اليهودية وتوفر لهم الأمن والحماية والمياه والكهرباء، وتتستر على أعمالهم غير القانونية تتصرف بطريقة مختلفة تماما ًتجاه السكان الفلسطينيين في القدس.

كل المحاولات الإسرائيلية التي تدعي بأن الحكم العسكري على الفلسطينيين هو “احتلال للخير” تثبت يومياً بأنه غير صحيح.

لا يوجد تطابق بين فلسطيني أجبر على بناء منزل على أرضه دون الحصول على ترخيص من قوة احتلال  مصممة على حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، وبين المشروع الاستيطاني المدعوم بسلطة كاملة وبالمال من الجيش والحكومة ومن مجموعات المستوطنين.

الاحتلال العسكري هو انحراف، وليس حالة طبيعية.

لا يمكن التوصل إلى حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون الالتزام بإنهاء هذا الانحراف.

لا يمكن للاحتلال أن يستمر مهما بلغ عدد السنوات التي مرت، ومهما كانت بارعة حملة العلاقات العامة للمحتل.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .