سبتمبر 25 2016

هل نجحت هيئة الانتخابات في إثبات استقلاليتها؟

نشرت بواسطة الساعة 2:15 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

Al-Rai logo

بقلم داود كُتّاب

في ختام عملية التصويت لمجلس النواب الاردني الثامن عشر تفاجأ الحضور عندما أعلن د. خالد الكلالدة، رئيس لجنة الانتخابات المستقلة بقوله: «لقد تم العبث بثمانية صناديق اقتراع في وسط البادية ونحن بصدد إعادة التصويت في تلك المناطق».

لم يعتد الصحفيون الذين حضروا المؤتمر الصحفي الختامي يوم 20 أيلول الطويل على هذه الشفافية وهكذا حسم. لم يتطرق مصدر رسمي كهذا في انتخابات سابقة إلى مثل هذه القضايا، ولا أحد يتذكر قراراً اتخذ في أي مكان في المملكة في ليلة الانتخابات يقضي بإعادة التصويت.

لجنة الانتخابات المستقلة والمحكمة الدستورية والحق في التجمع (دون الحاجة إلى إذن مسبق) كانت جميعها من بين الإنجازات الصغيرة التي حققها الربيع العربي في الأردن. لم يكن أداء المحكمة الدستورية جيداً تماماً والحق في التجمع دون الحصول على إذن مسبق بدأ يتلاشى، لكن، يبدو أن لجنة الانتخابات قد حققت تطلعات الأردنيين الذين أرادوا أن تكون هناك هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية للإشراف على الانتخابات وضمان إجراء العملية بشكل مستقل.

كما هو الحال في أمور كثيرة، فإن هذا النجاح يستغرق بعض الوقت لاستيعابه. فالأردنيون لا زالوا يشككون في استقلالية الانتخابات الحقيقية لأنهم يتذكرون تماماً كيف تم إصلاح الانتخابات السابقة.

يترجم هذا الشك الى حالة من اللامبالاة وبنسب عالية واستناداً إلى ما إذا كان قد تم احتساب الأردنيين الذين في الخارج أم لا، فإن نسبة الإقبال على التصويت للبرلمان ال18 لم تتعدَ ال 38% أو (إذا ما تم حذف الأردنيين الذين في الخارج) يبقى نسبة التصويت أقل من 50%. الشباب الذين يشكلون غالبية السكان في الأردن يشكلون أعلى نسبة من الناخبين والذين أظهروا عدم إكتراث تجاه عملية التصويت.

كون أن لجنة الانتخابات قد حاولت قصارى جهدها العمل بشكل مستقل لا يقلل من الانتقادات الموجهة لقانون الانتخابات الجديد، ففي كل دورة انتخابية جديدة يُطلب من الأردنيين أن يصوتوا مستخدمين قانوناً مختلفاً.

فالقانون الحالي هو معدل عن قانون الصوت الواحد الذي ساد على الثقافة الانتخابية في الأردن على مدى عقود القوائم النسبية المفتوحة أجبرت الأفراد والجماعات على خلق تحالفات، ولكن هذه الجهود أنتجت، إلى حد كبير، قوائم سطحية، تستند إلى مصالح مؤقتة بدلاً من البرامج الأيديولوجية القوية.

ما لم تكن المحاولة جادة لخلق أحزاب قوية تلتزم ببرامج واضحة وبناء أنفسهم من الأسفل إلى الأعلى، فإن العملية الانتخابية سوف تبقى مرتبكة وبطبيعة الحال، فإن القانون الحالي الذي يحظر التنظيم السياسي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي قد حرم ما يمكن أن يكون أهم قطاع في المجتمع من حقه الشرعي.

د. الكلالدة، الذي جاء إلى لجنة الانتخابات المستقلة من وزارة التنمية السياسية، والذي كان في السابق أحد النشطاء اليساريين المطالبين بالإصلاح، قد ساعد في استعادة ثقة الناس في استقلالية الاشراف على العملية الانتخابية.

رئيس اللجنة، الذي هو مهندس قانون الانتخابات هذا، كان قادراً على تفسيره للناس الذين كانوا (ولا يزالون) مرتبكين حول كيفية تطبيقه والأهم من ذلك كيفية احتساب النتائج وترجمتها إلى مقاعد البرلمان الثامن عشر.

وقد ساهم أيضاً المراقبون المحليون والمجتمع المدني الصغير الذي ينمو بسرعة في إنجاح الدورة الانتخابية الحالية. وكانت المنظمات غير الحكومية من ذوي الخبرة مثل تحالف راصد وائتلاف النزاهة قادرين على تدريب الآلاف من المتطوعين وتحديث بانتظام المجتمع المحلي والدولي بتقارير هامة وملاحظات عن يوم الانتخابات.

وتهدف هذه التقارير التي تم تداولها وتوزيعها من قبل وسائل الإعلام المحلية إلى المساعدة في تعزيز المحاولات في إقناع الرأي العام الأردني المتردد باستقلال الانتخابات الحالية. كما كان لوفد نقابة المحامين الاردنيين دور مهم في عملية الرصد المحلي.

وقد كان للمنظمات غير الحكومية المحلية أيضاً دور في ملء هذه الفجوة عن طريق تثقيف الجمهور باستخدام أدوات الاتصالات المختلفة. وقد وفرت هذه المنظمات غير الحكومية التغطية الإعلامية المجتمعية المستمرة في جميع أنحاء المملكة، وانتاج المواد السمعية / البصرية الهامة وتناولت موضوعات مهمة تحتاجها القطاعات المحرومة من المجتمع مثل الشباب والنساء والمعوقين وهؤلاء الذين يعيشون بعيداً عن نبض البلد.

والمراقبون الدوليون، الذين جاءوا من الولايات المتحدة وأوروبا، كانوا قادرين على العمل بحرية أيضاً مقدمين مستوى آخر من الرقابة التي أكملت دائرة عمليات التصويت المحايدة.

ومن المقرر إجراء عمليتين انتخابيتين في العام المقبل وهما الانتخابات البلدية واللامركزية.

وستكون تلك الانتخابات القادمة اختباراً عما إذا كانت الاستقلالية التي رأيناها في الدورة الانتخابية الحالية مجرد ضربة حظ أم أننا كنا نشهد عملية انتخابات تقدمية وجدت لتبقى.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .