نوفمبر 08 2016

في معالجة خطأ بلفور يجب على بريطانيا أن تعترف بفلسطين

بقلم داود كُتّاب

يوم الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر هو يوم مظلم محفور في ذاكرة الفلسطينيين والعرب. يحيي الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2017 الذكرى المئوية عندما وعد مسؤول بريطاني قائداً صهيونياً بدولة يهودية في بلد كان يسكنه فلسطينيون، بما في ذلك يهود فلسطينيين.

الفلسطينيون ومؤيدوهم يخططون بإجراء سلسلة من الأنشطة على مدى السنة احتفالاً بهذا التاريخ بهدف تذكير العالم بالظلم الذي ألمَّ بالفلسطينيين منذ قرن من الزمان.

في عام 1917ØŒ وعد وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بإقامة دولة لليهود، في رسالة إلى اللورد روتشيلد، وهو رئيس اتحاد الهيئات الصهيونية في بريطانيا العظمى وإيرلندا، لكنه كان وعداً مشروطاً بطلب أن لا “تتحامل” تلك الدولة على المجتمعات القائمة.

ينص الإعلان “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”.

جاء وعد بلفور قبل انهيار الدولة العثمانية التي حكمت فلسطين والمشرق العربي، واستعيض عنها بالانتداب البريطاني، مما ساعد (ولو في بعض الأحيان بتردد) بتهيئة الظروف التي من شأنها أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء قسري لدولة في فلسطين ضد رغبة شعبها. 

في حين كان اللورد بلفور يوعد روتشيلد ب “خدمة”ØŒ فإن مسؤولاً بريطانياً آخر كان يقدم دعماً متناقضاً للعرب، مرة أخرى عشية انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.

مراسلات حسين – مكماهون هي رسائل متبادلة خلال الحرب العالمية الأولى، بين شريف مكة الحسين بن علي والمفوض السامي البريطاني في مصر السير هنري مكماهون (من 14 تموز/ يوليو 1915 إلى 30 كانون الثاني/يناير، 1916) بشأن الوضع السياسي للأراضي التي كانت تحت سيطرة الدولة العثمانية.

وقد أدى تنامي الشعور بالقومية العربية إلى الرغبة في الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية.

وافقت بريطانيا في الرسائل الاعتراف باستقلال العرب بعد الحرب العالمية الأولى “ضمن الحدود المقترحة من قبل شريف مكة”ØŒ والتي كانت تشمل فلسطين.

الانتداب البريطاني، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الأولى، كان سيمتد حتى شهر أيار/مايو 1948، وخلاله كان الصهياينة يستقرون في فلسطين، غالباً تحت أعين المسؤولين البريطانيين الذين كانوا يغضون النظر عن أفعالهم وعن الهجرة غير الشرعية، مما أدى إلى قيام دولة إسرائيل والنكبة الفلسطينية، إذ أصبح الفلسطينيون أمة من اللاجئين، يقيمون في خيام وفي مخيمات في المناطق المحيطة بالدولة التي أنشئت حديثا ًوفي جميع أنحاء العالم.

حدث الكثير خلال المئة سنة ومنذ تلك الوعود البريطانية المتناقضة، ولكن هناك شيء واحد واضح ألا وهو أن الشعب الفلسطيني قد فقد وطنه وأصبح لاجئاً ويعيش تحت الاحتلال الاستعماري العسكري.

الحكومة البريطانية ومعها دول غربية، التي مكّنت اليهود الصهاينة من إنشاء دولة إسرائيل ووقفت ساكنة إلى حد بعيد بينما ابتلعت إسرائيل فلسطين بأسرها، عملت شيئا يذكر لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي وتوسعه مدة قرن من الزمان.

لم تعترف بريطانيا ولا إسرائيل ولا حتى اعتذرتا في أي وقت مضى عن دورهما التاريخي في خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين.

إسرائيل لم ترفض فقط الاعتراف بدورها فحسب، بل فعلت كل ما هو ممكن لمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى أراضيهم أو حتى من إقامة دولتهم المستقلة على 22 في المائة من أرض فلسطين التاريخية.

إن النظر إلى الوراء، إلى هذه الأحداث التاريخية، له أثر ضئيل في استعادة مباشرة لحقوق الفلسطينيين، ولكنه سيوفر فرصة للناس في عام 2016 للتذكر وتذكير أنفسهم بسلسلة من الأحداث والمؤامرات التي وقعت والتي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم.

يحتاج الفلسطينيون أن ينظروا إلى الأمام وأن يقنعوا العالم بأن الحل الأنجع اليوم لصراع دام قرن من الزمان يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل وفي حل متفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

هذه الأهداف المعتدلة يمكن تحقيقها إذا كانت هناك إرادة دولية، بما في ذلك جهود جادة من قبل دول مثل المملكة المتحدة.

الخطوة الأولى في تصحيح الظلم الذي عانى منه الفلسطينيون هي في الاعتراف والاعتذار عما حدث لهم نتيجة وعد بلفور.

ومع ذلك، فإن العمل السياسي الأكثر فعالية، سيكون للحكومة البريطانية أن تصغي إلى برلمانها وتعترف بدولة فلسطين على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في شهر حزيران من عام 1967.

وهذا من شأنه أن يكون خطوة صغيرة نحو معالجة الأذى والألم اللذين تسبب بهما وعد بلفور الجائر.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .