أكتوبر 09 2016

مواقف بيريز من وجهة نظر فلسطينية

نشرت بواسطة الساعة 11:11 ص تحت فئة مقالاتي -

Al-Rai logo

بقلم داود كُتّاب

غالباً ما سيتم تذكّر شمعون بيريز للسبب نفسه الذي من أجله يتم تذكّر رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل اسحق رابين وهو أن كلاهما مهندسي اتفاقية أوسلو للسلام التي من أجلها قد حصلا مع ياسر عرفات على جائزة نوبل للسلام.

رابين وبيريز كلاهما كان صهيونيإاسرائيليا متصلبا ملتزميا بتلبية الحاجة إلى «دولة يهودية»، وكانا لا يأبهان كثيراً ما إذا كانت قراراتهما تؤثر على الفلسطينيين أم لا.

أسس بيريز البرنامج النووي وكان مؤيداً للمشروع الاستيطاني، ولكن في السنوات الاخيرة من عمره أصبح يدعم عملية السلام وقبِل معايير اتفاقية أوسلو. والفرق الوحيد بين رابين وبيريز كان في الأسلوب وليس في الجوهر.

كان بيريز يركز كثيراً على مظاهر السلام بدلاً من واقعه. هجماته على لبنان، بعد أن أصبح رئيساً للوزراء في عام 1996، أعقاب اغتيال رابين، كانت من أكبر أخطائه. فبعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 1985، أراد الجيش الإسرائيلي ردع الإعتداء على إسرائيل. ضربت المدفعية الإسرائيلية موقعاً للأمم المتحدة في كفر قانه في جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 شخص حاولوا أن يلتجئوا إلى موقع تابع للأمم المتحدة كان يرفع علماً دولياً لحماية أنفسهم من الهجوم الإسرائيلي.

هذا الهجوم دفع المواطنين الفلسطينيين من حاملي الجنسية الإسرائيلية بالتحول ضد بيريز. ففي وقت الانتخابات صوّت العديد ببطاقات بيضاء احتجاجاً على عمليات القتل في قانا.

العديد من المحللين يرجحون أن الأصوات غير المؤهلة لسكان الجليل والمثلث كلفت بيريز بأن يخسر الانتخابات لصالح الشخصية الصاعدة آنذاك من حزب الليكود بنيامين نتنياهو.

مع خسارة بيريز الانتخابات، ألغيت اتفاقات أوسلو للسلام عملياً، واليوم وبعد مرور أكثر من 20 عاماً، فإننا في وضع أسوأ بكثير مما كنا عليه آنذاك.

مناقشة ما كان سيحدث لو أن رابين لم يُقتل أو أن بيريز لم يخسر في الانتخابات لصالح نتنياهو قد تكون غير مجدية. ولكن الحقيقة هي أن الأمل الذي اخترق أوسلو لم يختفِ فقط، بل إن الفلسطينيين هم أسوأ حالاً الآن مما كانوا عليه قبلاً، مع وجود المستوطنات التي ازداد عددها إلى ثلاثة أضعاف ونجاح إسرائيل في إيجاد صيغة حيث ليس عليها أن تحكم المناطق الفلسطينية المأهولة الرئيسية بينما، في الوقت نفسه، لا تقدم أية تنازلات بشأن السيادة والسلام الشامل. قد يقول المؤرخون والنقاد إن الفلسطينيين قد عملوا هم أيضاً الكثير من الأخطاء وإن استخدام غياب رابين وبيريز للتقاعس عن العمل ما هو إلا إيجاد كبش فداء.

وأياً كانت الأسباب، فإن موقف الفلسطينيين نحو بيريز يختلف تماماً عن موقف الإسرائيليين وعن الكثيرين في المجتمع الدولي الذين يعتبرون الرجل الحائز على جائزة نوبل ذا مكانة عظيمة وصانع سلام.

في حين كان بيريز مهندس اتفاقات أوسلو، فإنه كانت لديه، قبل ذلك، وبعد اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل ببعضهم البعض، أحلام بضم الأردن في أي اتفاق طويل الأجل.

في عام 2007، وبعد مذكرة التفاهم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بفترة طويلة ذكر بيريز من جديد الخيار الأردني في شهادته أمام لجنة فينوغراد التي كانت تنظر في قضية الحرب على لبنان. وقال «علينا أن نبحث عن بنية جديدة مع الفلسطينيين. ما زال على قلبي أن نعود إلى الاستنتاج الذي آمنت به دائماً في حياتي وهو أن نأتي بالأردنيين، لا يمكننا تحقيق السلام فقط مع الفلسطينيين». كان بيريز قائداً صهيونياً إسرائيلياً ذكياً، يحظى باحترام دولي. وأعظم ما حقق كان اتفاقات أوسلو، ولكن بالنسبة لمعظم الفلسطينيين، فإنه كان دائماً قادراً أن يتحدث عن السلام، إلا أنه كان غير قادرٍ على إحلال السلام.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .