أغسطس 07 2016

حاجة فلسطين إلى استراتيجية إعلامية ناجعة

بقلم داود كُتّاب

كانت القصة كاذبة تماماً، ولكن هذا لم يوقف الآلة الإعلامية الإسرائيلية من استغلالها حتى النهاية.

لجنة التراث العالمي لليونسكو كانت تشارك في اجتماع في اسطنبول بين العاشر والعشرين من شهر يوليو/تموز لمناقشة عدد من القضايا، بما في ذلك الطلب الأردني / الفلسطيني لإدراج القدس كإحدى المواقع ال 55 العالمية التي هي في خطر.  وكان الأردن في عام 1982 قد أضاف مدينة القدس القديمة إلى القائمة وكان يجب التصويت على القضية مرة أخرى.

تقليدياً، يتم التصويت على القرارات خلال آخر يوم في الدورة بعد مناقشة ونقاش مستفيضين. ولكن اجتماع اليونسكو في اسطنبول ألغي بسرعة قبل أربعة أيام من التصويت بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة.

تأجيل قرار اليونسكو الذي هاجم إسرائيل بسبب الأخطار التي تسببها لتراث القدس وُصف بأنه “انتصار جزئي” لإسرائيل. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي والآلة الإعلامية الإسرائيلية غاضبين منذ شهر إبريل/ نيسان عندما وافقت اليونسكو على قرار يؤكد استخدام اسم الحرم الشريف/المسجد الأقصى المبارك للإشارة إلى ثالث الحرمين الشريفين.

غضبت إسرائيل بسبب رفض المنظمة الدولية تسمية منطقة المسجد ب “جبل الهيكل”ØŒ في إشارة إلى ما يعتقد معظم اليهود أنه الموقع السابق للهيكل الذي دمر عام 70 Ù… بحسب المؤرخين.

وفقاً لكبار المسؤولين الفلسطينيين، فإن الجهود المبذولة من قبل إسرائيل لإفشال التصويت لم تحرز أي تقدم، وكان من المتوقع أن هذه المسألة، بما في ذلك تأكيد لاسم المسجد أن يتم التصويت عليهما لصالح المطلب العربي.

ليس فقط أن قضية القدس تم تأجيلها، ولكن تم تأجيل جميع القضايا الأخرى التي كان من المتوقع أن يتم التصويت عليها  يوم 20 يوليو/تموز إلى الاجتماع القادم للجنة المتوقع انعقادها في أكتوبر/تشرين الأول في باريس.

ولم يكن هذا انتصاراً إسرائيلياً (جزئياً أو كاملاً).  الكلام الإسرائيلي بأن الأمر كان انتصاراً لرفضهم للموقف الفلسطيني هو عارٍ تماماً من الصحة، ومع ذلك بقي الموقف المعلن الإسرائيلي أنه انتصار جزئي دون منازع إعلامياً إلى ما يقرب 48 ساعة.

ولكي نكون منصفين، أصدرت المجموعات العربية في اليونسكو بياناً صحفياً في أعقاب الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة حول سبب تأجيل قرار القدس. البيان الصحفي الصادر عن مندوب الكويت الدائم لدى اليونسكو، لم يوزّع وفشل في الحصول على الكثير من الاهتمام ونُشر فقط في موقع فلسطيني على شبكة الانترنت بعد يومين من الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة.  كما ولم يرد أي ذكر له على الإطلاق في الصحافة الإسرائيلية، الأمر الذي جعل الادعاء الأول الإسرائيلي ادعاء كاذباً.

البحث على شبكة غوغل وفي وسائل الإعلام العربية والدولية لم يأتِ بنتائج أيضاً، وبالتالي تركت الادعاءات الإسرائيلية دون منازع إلى حد كبير.

حتى البيان الصحفي الصادر عن المجموعات العربية لا يبدو أنه قد تم توزيعه على نطاق واسع على الرغم من أهميته في فضح المزاعم الإسرائيلية الكاذبة.

ليس هناك شك في أن الآلة الإعلانية الإسرائيلية، التي تتألف من سياسيين ومسؤولين عن الدعايات ووسائل الإعلام، هي أكثر تطوراً بكثير من نظيرها من وسائل الإعلام الفلسطينية أو العربية.

يستمر الاحتلال الإسرائيلي (الذي لا يتم التطرق إليه الآن من قبل الحزب الجمهوري أو الديمقراطي في الولايات المتحدة) على جميع المستويات منذ نصف عقد من الزمان تقريباً.

في حين أن الجانب العسكري من هذا الاحتلال هو الجزء الأقوى، فإن من الواضح أن هناك احتلالاً سياسياً وإعلامياً يحتاج إلى معالجة.

يجري حالياً تصميم استراتيجية إعلامية فلسطينية في رئاسة الوزراء الفلسطينية، ولكن هناك حاجة إلى استراتيجية أكثر شمولاً على مستوى الرئاسة الفلسطينية وأبعد من ذلك.

مستوى الدعم للقضية الفلسطينية دولياً ساحق، ولكن المرء يحصل على انطباع بأن القيادة الفلسطينية غير مستعدة أو غير قادرة على الاستفادة من هذا المخزون الكبير من الدعم الدولي.

بعض فلسطينيي الشتات الأكثر نشاطاً لديهم مشكلة سياسية مع قيادة رام الله، وبالتالي، فإن خطوط الاتصالات ميتة تاركةً مساحة واسعة للآلة الإعلانية الإسرائيلية لتعمل التقارير والادعاءات التي تمر دون منازع.

كما أنه لا يتم استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية حيث الأصوات الفلسطينية قوية ومسموعة لمساعدة المعارضة وفضح الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة.

قصة اليونسكو هي مثال صغير من مشكلة أكبر من ذلك بكثير. القضية الفلسطينية هي القضية الأكثر عدلاً والتي تفتقر إلى محامين ومعلنين أقوياء.

لقد حان الوقت أن يعطي مؤيدو الفلسطينيين والقيادة السياسية والنشطاء في جميع أنحاء العالم اهتماماً جدياً للاستراتيجية الإعلامية الفلسطينية.

هناك ما يكفي من الحجج والوثائق لتقديم دفاع قوي لفلسطين.  لقد حان الوقت لوضع استراتيجية شاملة تتضمن القيادة السياسية وجميع الأطراف الأخرى ذات الصلة.

*صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .