يونيو 27 2016

هل خطة محاربة التطرف غطاء لقمع المعارضين?

نشرت بواسطة الساعة 12:27 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كتاب

يعي المسؤولون في الأردن موقف المجتمع الدولي من موضوع التطرف وضرورة محاربته. وفي نفس الوقت يعرف هؤلاء المسؤولون موقف المجتمع الدولي من ضرورة الإصلاح السياسي ورفضه المبدئي لتحديد من حرية التعبير والتجمع.  كما ويعلمون أهمية دور المجتمع المدني في دعم الإصلاح والدفاع عن حقوق الإنسان وتمكين الفئات المهمشة وضرورة توعية المجتمع وتوفير الدفاع القانوني عن الفقراء.

ومن المعروف أن الإصلاح ومحاربة التطرف ليسا أمرين متضاربين بل بالعكس كلما تحسنت البيئة السياسية وتوفرت الحريات كلما ضعفت التيارات المتطرفة والتي تعتاش على ادعائها أنها توفر بديلاً سياسياً واجتماعياً وليس فقط بديلاً دينياً عن الأنظمة الحالية.

هذه الأمور كلها اجتمعت معاً في صياغة خطة كانت ولغاية فترة قصيرة سرية.  فالمواطنون والنشطاء علموا عن العديد من تطبيقات الخطة من خلال ممارسة الجهات المعنية لها دون معرفة أحد بخلفية العديد من القرارات المحدة للحريات.  ونشكر صحيفة “الغد” لنشرها تفاصيل الخطة والتي رغم أنها تحتوي على العديد من البنود الإيجابية إلا أن السواد الأعظم منها أمور مبنية على استخدام القوة والحكام الإداريين لتحديد الحريات تحت إطار “محاربة التطرف.”

ففي الآونة الأخيرة تواصلت شكاوى مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء النقابيين وغيرهم من وجود قرارات غير دستورية تحد من حرية التجمع الذي كفلته تعديلات 2011 إبّان الربيع الأردني. لم تكن أي من تلك النشاطات مؤيدة للتطرف لا من قريب أو بعيد ولكن وجود خطة سرية أطلقت عنان الحكام الإداريين والجهات الأمنية الأخرى وفّرت أرضية مناسبة للقمع والتضييق على من لا ترتاح لهم الحكومات بغض النظر عن موضوع “مكافحة التطرف” والتي يبدو أنها أصبحت قميص عثمان يستخدمها المسؤول دون التطلع على حقوق المواطنين التي كفلها الدستور.  فهذه النقابات المستقلة تُمنع من عقد احتفال جماهيري بمناسبة يوم المرأة، وهذه مؤسسات المجتمع المدني تفاجأ بقيام الأجهزة الأمنية بالاتصال بالفنادق ومنع إقامة ورشات عمل وغيرها من النشاطات المدنية التي تهدف إلى الإصلاح والتنوير.

الأمر نفسه ينطبق على محاولة التغوّل والسيطرة على المجتمع المدني من خلال سن قانون جديد يحد من حرية إنشاء الجمعيات مروراً بإجراءات مقيدة تشمل ضرورة وجود 50 شخصاً لإنشاء جمعية ووضع آلية غير واضحة لتمويل الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني تفرض قيوداً وإجراءات مشددة وغير مبررة. الغريب في الموضوع أن تلك الإجراءت والتقييدات لم يتم حصرها على ما يسمى بمحاربة التطرف بل تم استخدامها بصورة موسّعة ضد كل نشاطات المجتمع المدني وحتى أن أحد المشاريع الذي يهدف إلى “محاربة التطرف” تعرّض لتأخير في الموافقة عليه وتقييدات غير مبررة.  لقد شكّلت حجة ضبط التمويل الأجنبي فرصة للبطش والتقييد ومحاولات الإحتواء وحتى في بعض الأحيان السعي لمكاسب خاصة وتعقيدات غير مبررة بعمل مؤسسات محلية ودولية مؤمنة بأهمية الحوار والتعددية واحترام الآخر وكلها مبادئ واردة في خطة “محاربة التطرف.”

إن فكرة محاربة التطرف فكرة مهمة ولكن الطريق لها يتطلب العمل الإيجابي في مجال التنوير والتوعية الحقوقية والإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي لا البطش وتقييد عمل النقابات المستقلة والمجتمع المدني.

تقول الاستراتجية “إن التطرف والعنف يجب التصدي لهما ومواجهتهما ومحاصرتهما لمنع انتشارهما وهذا يتطلب جهوداً مشتركة تشمل كل الجوانب التي تتعلق بهذه الظاهرة، تربوياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً. وينبغي أن تكون هذه الخطة خطة مستمرة متكاملة لا هبّة آنية، تشارك فيها المؤسسات المعنية كافة رسمياً وشعبياً.”

إذاً فضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية يتطلب المصارحة والمكاشفة والتعاون الحقيقي والجدي مع الجهات الممثلة للشعب منها مجلس الأمة والنقابات المهنية والمستقلة والمجتمع المدني لا التضييق على تلك المؤسسات الشعبية التي يجب أن تكون نصيراً للحكومة في دعم الإصلاح والتنوير وهما الأعمدة الحقيقية التي سيستند عليها الوطن في محاربة كافة أنواع العنف والتطرف.

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .