فبراير 04 2016

حقوق السوريين في الأردن

نشرت بواسطة الساعة 1:04 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

خلصت المعلومات الأولية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة أن عدد السوريين في الأردن يقارب المليون والثلاثمئة ألفٍ، وأن نسبة غير الأردنيين تكاد تصل إلى ثلث العدد الإجمالي لكافة السكان القاطنين في المملكة، الذين يقدرون بـ 9,5 مليون.

وقد جاء في إعلان “الإحصاءات” أن عدد الفلسطينيين هو 634 ألفاً، ولم يوضح إن كان هذا العدد يشير إلى حملة الجوازات الأردنية المؤقتة لخمسة أعوام، أو أن غالبيتهم من غزة، أو من المقدسيين وغيرهم من فلسطينيي الضفة الذين لا يحملون رقماُ وطنياً.

وأفادت البيانات الأولية للدائرة أن عدد المصريين بلغ 636 ألفاً، وقد يكون أقل من المتوقع، لتخوف جزء من العمالة المصرية غير المرخصة من المشاركة في التعداد، رغم نفي الدولة لذلك. وأن عدد العراقيين 130 ألفاً، واليمنيين 31 ألفاً، والليبيين 23 ألفاً.

لا شك بأن الأرقام كبيرة، ولها دلالات قوية في المجالات الاقتصادية والحياتية. فوجود 31% من القاطنين في أية دولة من غير المواطنين يضع علامات سؤال كبيرة حول حقوق تلك المجموعات التي لا تملك أية آلية تذكر للمطالبة بحقوقها المعيشية الأساسية. حق التعليم والصحة والعمل من الحقوق المكفولة في المواثيق الدولية، وهي غير مضمونة لمن لجأ إلى الأردن لهذا السبب أو ذاك!

الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على دولة قليلة الموارد مثل الأردن لا يمكن التهاون بها، ومن المؤكد أن المجتمع الدولي سينظر بصورة إيجابية، لأن المملكة تتحمل أكثر مما تستطيع وعلى المجتمع الدولي مشاركتها بهذا العبء.

تقدير الأعباء الاقتصادية لا يغيب حقيقة أن هناك استحقاقات عديدة يجب أن تنفذها الدولة بخصوص غير الأردنيين من لاجئين ونازحين، ومن أشخاص أتوا الأردن لأي سبب كان.

وقد تكون حرية العمل من أهم الحقوق التي كفلها القانون والمعاهدات الدولية، ويجب السماح بها، خاصة للاجئين السوريين، علماً أن دراسات تشير بوضوح أنه في حال السماح لهم بالعمل، فإن ذلك سيقوي الاقتصاد ولن يؤثر سلباً على سوق العمل الأردني.

الإحصاء الأخير يعكس ارتفاعاً كبيراً في سكان العاصمة الذي تجاوز 2.5  مليون (أي 42% من السكان)، لكنه لم يوضح أي تغيير طال عدد الأردنيين العاطلين عن العمل، رغم معرفتنا أن نسبة كبيرة من السوريين غير القاطنين في المخيمات يعملون بأشغال غير مرخصة، ويتم في كثير من الأحيان استغلالهم، ولا يوفر لهم الحد الأدنى من الرواتب عطفاً على عدم إشراكهم في الضمان الاجتماعي. وبذلك تصبح مقولة استحواذ السوريين على وظائف الأردنيين غير موثقة بالأرقام وليست واقعية.

المهم في قضية ثلث الساكنين في الأردن من غير المواطنين هو كيف نستطيع أن نقلل أوجاعهم، وكيف يمكن أن ندافع عن أبسط حقوقهم الإنسانية. لا بد من إيجاد وسيلة فعّالة وقوية وشفافة توفر لهم إمكانية إيصال صوتهم إلى أصحاب الشأن في الحكومة، وإلى المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني.

تنوي الحكومة خلق مناطق للعمالة السورية على شكل QIZ  المناطق الصناعية الخاصة. إن تجربة هذه المناطق غير مريحة، وليس من المنطق حصر أكثر من مليون سوري في مناطق محددة، ناهيك أن عدد الوظائف التي قد تشكلها هذه المدن الصناعية لن تحل نسبة ضئيلة من حاجة السوريين للعمل. الحل هو بفتح باب العمل  للسوريين المقيمين في أوسع عدد من الوظائف والأعمال الحرة، وبهذا الانفتاح يمكن البدء بحل مشكلة ستتحول إلى قنبلة موقوتة.

يحتاج قرار فتح سوق العمل أمام السوريين إلى عملية تنظيمية ورقابية تضمن تقييدهم بشروط معينة، وإجبار المشغلين على الالتزام بشروط العمل واحترامها، ومنها الحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي.

تواجد أعداد كبيرة من العمالة الوافدة في الأردن يشكل مفترق طرق؛ قوى الشد العكسي لا ترغب بتشغيلهم وفق القوانين والأنظمة، منتظرين عودتهم إلى ديارهم في القريب العاجل، وهي مسألة شبه مستحيلة في المنظور القريب، مقابل فريقٍ يؤمن بأن عمل السوريين سيحسن الاقتصاد ويزيد من التبادل والنشاط الداخلي، ويفيد الدولة الأردنية.

عمل السوريين، وغيرهم من الوافدين، جزء من منظومة حقوق يجب العمل عليها كي يتوفر لهم إمكانية التمتع بحقوق الإنسان والحياة الكريمة. والمجال الاقتصادي قد يكون مدخلاً مهماً لمعرفة احتياجاتهم وتمكينهم إلى حين معالجة الأسباب التي أدت إلى لجوئهم.

 

* داود كُتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .