أكتوبر 23 2015

دور المجتمع المدني في الإصلاح

نشرت بواسطة الساعة 12:15 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

تنطلق بين الحين والآخر حملات مغرضة تطالب بإقصاء المجتمع المدني، وتتهمه بالفساد والإفساد وحمْل أجندات خارجية. طبعاً المجتمع المدني مثل غيره، فيه أخطاء ومخطئون، وفيه صالحون وفاسدون، لكن تصريح مسؤولين كبار بأن 90% من مؤسسات المجتمع المدني فاسدة، علما أنه لم يتم تحويل أي من هذه المؤسسات “الفاسدة” للهيئات محاربة الفساد الرسمية يثبت بأن هناك حملة غير عادلة.

تعدّ مؤسسات المجتمع المدني، عالمياً أحد أهم الأعمدة في بناء مجتمع متكافئ، ويأتي دورها في توعية الأجيال، وفي مجال الرقابة على مؤسسات الدولة على خلفية تمثيلها للمجتمع المحلي غير الحكومي.

تعمل مؤسسات المجتمع المدني في الأردن ضمن القانون والأنظمة، وتلتزم بها التزاماً تاماً، وكل مخالفة لها تشكل مدخلاً سهلاً للحكومة والمواطن بإحالة المسألة إلى القضاء، لكن المتابع للنقاش العام يخرج بانطباع أن مؤسسات المجتمع المدني خارجة عن القانون ولا سيطرة للحكومة عليها، وهذا أمر عارٍ عن الصحة كلياً.

يبرز في خضم النقاش، بالطبع، موضوع التمويل الخارجي وأهدافه، وإلقاء تهم بفرض أفكار وبرامج خارجية تعارض رؤى وتطالعات المواطنين والوطن. وهنا يكون طرح الحكومة الأردنية لرؤية 2015، التي تتضمن خططها في التطوير والإصلاح في السنوات المقبلة، جيداً. ورغم أن هذه الرؤية لم تشمل كما سابقتها ملفات الإصلاح السياسي، ورغم غياب تمثيل المواطنين من خلال مجلس الأمة أو مؤسسات المجتمع المدني في صياغة تلك الرؤية، إلا أن مؤسسات المجتمع المدني وافقت والتزمت بتحديد مشاريعها وبرامجها ضمن تلك الرؤة المفصلة وشقيقتها الوثيقة الخاصة بوضع اللاجئين في الأردن، التي تشمل أي مشروع معتمد على التمويل الخارجي مخصص لللاجئين بحيث يتضمن كذلك خدمات للمواطنين، فلا يتم دعم طرف على حساب آخر.

وخلافاً لما يعتقد كثيرون ويروجون له، فإن مؤسسات المجتمع المدني تدار جميعها من قبل مجالس محلية طوعية تشمل في معظمها شخصيات أردنية وطنية مشهود لها بالعطاء والخدمة العامة، ولا ينال رؤساء وأعضاء تلك المجالس (في شقيها: الجمعيات والشركات الربحية) على أي مقابل مالي، ويجري استثمار الإيرادات الإضافية لخدمة المجتمعات المحلية، ولا توزع على مالكين تلك المؤسسات.

التمويل الأجنبي يأتي ضمن اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف مع الأردن بأهداف توافق عليها الحكومة وتخدم مصالحها. كما يأتي بعض الدعم لمؤسسات المجتمع المدني الأردنية من صناديق عالمية توفر دعم لمشاريع معينة على مستوى العالم ومخصصة لدعمها، لذا فإن وجود مؤسسات ذات كفاءة عالية تضمن للأردن والأردنيين زيادة الدعم الدولي.

يأمل ويتمنى القائمون على مؤسسات المجتمع المدني زيادة اهتمام الشركات والمؤسسات الوطنية ضمن مسؤوليتها الاجتماعية عبر دعم مشاريع تخدم المجتمع، وهو ما يتطلب التأكيد على تعديل النظام الضريبي ليسمح لتلك الشركات التي ترغب بدعم المجتمع المدني من الحصول على إعفاء ضريبي على تلك التبرعات، وليس بنسبة ضئيلة منه كما هو جارٍ الآن.

لقد تقدم الأردن في العديد من المجالات نتيجة تعاون وتشارك القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني. إن هذا التطور والنجاح مهدد للتراجع إذا استجابت الحكومة لأصوات نشاز تريد سيطرة كاملة على مؤسسات محلية أهلية وطنية تهدف إلى خدمة المجتمع وتقبل بشروط وقوانين وأنظمة الدولة الأردنية بما يضمن استقلاليتها ودورها كشريك.

 

*داود كتّاب:  مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .