سبتمبر 09 2015

المال السياسي في قانون الانتخاب

نشرت بواسطة الساعة 1:11 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاويةتكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

فاجأ رئيس الوزراء، ووزير التنمية السياسية، المجتمع الأردني بالإعلان عن قانون انتخاب جديد يدفن قانون الصوت الواحد، ويمهد لحياة حزبية طالما تمناه كثيرون لكنها لم تتحقق.

قانون الانتخاب الجديد -يشابه قانون عام 1989، حين عادت الحياة الديمقراطية في الأردن- كان مطلباً رئيساً للحراك مع انطلاقة الاحتجاجات العربية، وجرى رفضه آنذاك، لتعود الحكومة بتبنيه والدفاع عنه.

يجب التوقف، ابتداءً، لدى معضلة تابعناها عندما تدخل رئيس مجلس النواب، في آخر لحظة، لسلب النواب أحقية تعديل قانون اللامركزية ليضمن انتخابات أعضاء مجالس المحافظات كافةً، وإضافة 15 % كوتا نسائية.

عارض مجلس النواب الحالي المنتخب -على أساس الصوت الواحد المتحيز- مشروع اللامركزية، وسيكون أشد معارضة لقانون الانتخاب الحالي، الذي يفقده عشرين مقعداً (من 150 إلى 130)، كما سيفقده إمكانية النجاح بسبب قلة المقاعد المخصصة لفئات معينة، وضرورة المنافسة على أسس حزبية وبرامجية، وليس على أسس عشائرية فقط. العملية الانتخابية المبنية على القائمة المفتوحة ستجمع ما يسمى بـ”البريميريز”؛ أي الانتخابات الأولوية، لمعرفة ترتيب الأشخاص في كل قائمة/ حزب، وانتخاب القائمة في آن معاً.

إذا افترضنا أن المجلس سيوافق على القانون المقدم له من الحكومة كما هو، فمن الضروري تسجيل عدد من الملاحظات حول مسودة القانون المطروح من الحكومة، الذي رحبت به قوى عديدة.

اعتماد مبدأ التمثيل النسبي من خلال قوائم مفتوحة، ودعم دور اللجنة المستقلة للانتخابات في ضمان شفافية العملية الانتخابية، والعمل على تقليص محاولات التلاعب بحقوق المواطن في انتخاب من يشاء، تعدّ جميعها ملاحظات إيجابية، مع التنويه إلى غياب توزيع معلن للمقاعد الانتخابية، رغم الحديث عن زيادته، في المدن ذات الكثافة السكانية: عمّان والزرقاء وإربد، وهو أمر إيجابي، لكنه سيُبقي أحد أهم عناصر القانون في يد السلطة التنفيذية.

لا ينظّم القانون الدوائر فقط، بل أيضاً الحملة الانتخابية وعدالتها في ما يخص المرشحين والناخبين، فلا عملية انتخابية مقبولة من دون المساواة في الدعاية، خاصة الجانب الإعلامي منها.

مسودة القانون، وفي بندها 22-أ، ضمنت فرصاً متساوية بين المرشحين كافةً، من خلال بث دعايتهم في وسائل الإعلام الرسمية من تلفزيون وإذاعة ووكالة أنباء، لكن السؤال المهم يتعرض لوضع وسائل الإعلام الخاصة، ففي الانتخابات الماضية صرح وزير شؤون الإعلام ومدير المرئي والمسموع، أن للإعلام الخاص الحرية بنشر إعلانات لأي مرشح من دون قيود، وهو ما نتج عنه نجاحاً غير مسبوق لمرشحين يمتلكون فضائيات خاصة بسبب قدرتهم على الاستفادة غير المنضبطة بأي قيد من وسيلة إعلامهم.

قد يفترض البعض أنه من الصعب السيطرة على الإعلام التجاري بسبب إمكانية كل شخص الترويج لمن يريد بالقدر الذي يشاء. من هنا يأتي الموضوع الأكثر خطورة في العملية الانتخابية، وهو المسموح والممنوع في مجال الصرف المالي على الحملة الانتخابية، وهو أحد أهم عناصر أي قانون انتخاب، الذي لا بزال غائباً عن مسودته الحالية، وتأتي تحت مسمى المال السياسي، فالحملة الانتخابية مكلفة، وستكون أكثر كلفة بسبب وجود قوائم حزبية، والخوف بأن أصحاب المال هم الذين سيسيطرون على الأحزاب والقوائم.

من الضروري أن تتم السيطرة على العملية الانتخابية بوضع سقف مالي لما يسمح بصرفه، ثم وضع آلية واضحة وقوية لمراقبة ذلك السقف المالي المسموح صرفه، وكذلك وضع آلية لمعرفة مصدر تمويل الأحزاب والقوائم من خلال بنود ذات قدرة على التنفيذ لإجبار الأحزاب والمرشحين على الافصاح عن مصادرهم.

قدمت الحكومة قانوناً متقدماً عن قوانين الانتخاب كافةً، التي عهدناها في السنوات الماضية، ويؤمل أن تُعامل مسودة القانون من منطلق أهميته في احترام حق الناخب المطلق في اختيار من يمثله من أحزاب أو نواب في المجالس البرلمانية المقبلة بصورة عادلة وشفافة.

 

  • مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .