أغسطس 01 2015

اليوم التالي للقضاء على داعش

نشرت بواسطة الساعة 1:29 م تحت فئة قضايا عربية,مقالاتي -

بقلم داود كُتّاب

زاوية تكوين/موقع عمان نت

مع انضمام تركيا – وإن كان لأسباب مغايرة- للتحالف ضد ميليشيات داعش يمكن التوقع أن الجانب الظاهر لتنظيم الدولة الإسلامية قد ينتهي قبل نهاية العام الحالي، لكن حتى لو انتهت على الأرض سيبقى فكرها معنا سنوات مقبلة، إن لم يتم التعامل مع الجانب الأيديولوجي، وليس فقط العسكري لهذه الظاهرة المتطرفة.

يشكل احتلال مناطق والسيطرة على الأرض والسكان عاملاً جذاباً لكل من يعتقد أنه يستطيع فرض فكر ويخلق نموذج حياة بالقوة، إلاّ أن الظهور العلني لأية حركة متمردة يشكل هدفاً يمكن التخلص منه ما دام هناك إجماع للدول المجاورة كافةً على محاربته، وثمة رفض من الدول والشعوب التي تقع ضحية التطرف.

تعثر الجيش العراقي في إعادة تحرير الرمادي والموصل لا يلغي حقيقة قرب تواجد المقاتلين التابعين للخليفة البغدادي عاجلاً أم آجلا، فعامل الوقت وحصار داعش من الشرق والجنوب يصب لصالح بغداد، ومن الشمال والغرب شكّل دخول تركيا ورغبتها بخلق منطقة آمنة تغييراً استراتيجياً لا بد أنه سيساهم تدريجياً في التخلص من “تنظيم الدولة” عسكرياً.

الاتفاق الإيراني الدولي، أيضاً، سيلعب دوراً هاماً في توحيد الجهود سواء مع النظام السوري أو من دونه، وعملية الكماشة العسكرية في سوريا والعراق ستحشر مقاتلي داعش وتنهيهم، وقد يؤدي ذلك إلى تبعثر من سيبقى حياً منهم في مناطق مختلفة.

تأخر العالم، ربما، في حسم موقفه، لكن بات من المؤكد هزيمة التنظيم قبل نهاية عام 2015، وفق تقديراتي، وبذلك تكون الأسئلة الراهنة حول موعد انتهاء الحملة العسكرية، وعن الجهة أو الجهات التي ستدق المسمار الأخير في نعش ما يسمى بـ”داعش”.

ما يهم شعوب المنطقة والعالم بأسره هو ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ هل سيحتفل الجميع ويتم العودة إلى سابق عهدنا حيث الأجواء والبيئة الطائفية، وغياب الحريات، وفشل التنمية وتشغيل الشباب، الذي شكّل الحاضن لداعش، أم سيجري الاستفادة من دروس هذه المأساة، ومراجعة العوامل التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة.

تعلم الدروس ومواجهة الفكر الظلامي، طبعاً، يجب أن لا ينتظر الحسم العسكري، فمن المؤكد أن المطلوب تغيير جذري على مستويات عدة، فالمجتمعات -والشباب فيها خاصة- لم تعد مستعدة لانتظار الحكام لإدخال التغييرات المطلوبة، وتمكينهم من اسماع صوتها من أجل تغيير جذري يوفر مقومات حقيقية لمستقبل أفضل من كافة النواحي السياسية والإجتماعية والإقتصادية.

عملية النقد الذاتي الحقيقي تتطلب شجاعة لتشخيص الأمراض، التي تنخر عظامنا، وتمنعنا من التقدم كما كل الشعوب. ومن الضروري أن ترافق الحملات العسكرية حملة فكرية تقتلع التطرف من جذوره، وتوفر لنا وللأجيال المقبلة فسحة الحرية لتقول ما نشاء، ونعيش ونرتدي ونتعامل كما نشاء، وفي الأساس أن نفكر كما نشاء.

* داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .