يوليو 21 2015

إلغاء الفلس

نشرت بواسطة الساعة 11:34 ص تحت فئة مدونتي,اﻷردن,غير مصنف -

زاوية تكوين/موقع عمان نت

من بديهيات التعامل الإقتصادي أن تكون عملة البلد بما في ذلك العملة المعدنية متوفرة لمن يطلبها مقابل شيك أو ورقة نقدية. البنك المركزي الأردني لا يوفر الفلس عبر البنوك المعتمدة من دون سبب مقنع.

لاشكّ أن الفلس غير ضروري وغير مهم لمعظم المواطنين، لكن وجوده على الحسابات والشيكات والمعاملات المالية يعني أنه جزء من المنظومة الإقتصادية الأردنية، فلماذا لا يتوفر؟ لو صرفت شيكاً بقيمة 52.343 ديناراً لدى أي بنك معتمد، فإن موظف البنك لن يقدم لك الثلاثة فلوس، لأنها ببساطة غير متوفرة.

قد يكون مفهوماً سبب غياب الفلس من البنوك، فتكلفة تصنيع الفلس أكثر بكثير من قيمته. الموضوع ليس منحصراً في الأردن، إذ إن دولاً كبيرة مثل كندا قامت مؤخراً بإلغاء السنت تدريجياً، لأن تكلفة إنتاج السنت تتجاوز 1.60 سنتاً.  عملية إلغاء السنت الكندي جرت بصورة مرحلية، ورافقها حملة توعية، وتفسيرات لكيفية تعامل مع أي تساؤل قد يثيره قرار إلغائه.

قد تكون تكلفة تصنيع الفلس الأردني، وربما القرش، أكثر من قيمتهما الحقيقية، فما هو داعي بقائهما، فنحن لا نتعامل بهما إلاّ نادراً.

يشكل وجود الفلس مشكلة إضافية يجب أن يتم التفكير جدياً بها، فالدينار ينقسم إلى ألف فلس، مما يعني أن هناك ثلاث خانات مخصصة لكل ما هو أقل من الدينار، في حين أن تقسيم عملات العالم، كافةً، تكون إلى مئة؛ أي أنها تتضمن خانتين بدلاً من ثلاث، كما هو الحال في الأردن والدول التي تتعامل مع تقسيم الدينار لألف فلس.

المشكلة في الخانات تتعلق ببرامج حسابات إلكترونية، خاصة عند تبديل الدينار بعملات أجنبية أو بالعكس. منذ مدة أرسلت شركة سياحة أتعامل معها فاتورة بالدولار تتضمن ثلاث خانات لرحلة قمت بها لحساب مؤسسة عالمية، لأن برنامج الفواتير مخصص للدينار ومشتقاته، غير أن تلك المؤسسة العالمية رفضت دفع الفاتورة، متعذرة بعدم وجود ثلاث خانات لمشتقات الدولار الأميركي.

سألت محافظ البنك المركزي، في مناسبة عامة، حول إلغاء الفلس الأردني، فنظر إلي وكأنني كفرت ورفضت وجود الخالق.

قد يعتبر البعض أن وجود الفلس أو عدمه أمرٌ غير مهم، ولا علاقه له بالإقتصاد أو أحوال الناس. قد يكون هذا صحيحاً للبعض، لكن غياب العملة المعدنية وعدم الإهتمام بالمشاكل التي يشكلها وجود ثلاث خانات في الحسابات المالية الإلكترونية يسبب مشاكل في التعامل بسلاسة مع العالم، الذي يعد التأقلم مع معاييره أحد عناصر وأسس نجاح الدولة الأردنية في مجالات عديدة.

 

داود كُتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .