مايو 16 2015

الغائب عن إلغاء دعم الخبز

نشرت بواسطة الساعة 11:03 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/ موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

يدور نقاش حاد حول فكرة إلغاء الدعم الحكومي للخبز مع توفير بديل مادي للمواطنين لكي لا يتكبدوا أية خسارة جراء ذلك.

رئيس الوزراء عبد الله النسور طرح الفكرة في مؤتمر صحفي له استعرض مستقبل الأردن خلال العشرة سنوات المقبلة بقوله إن الأردنيين لن يدفعوا قرشاً إضافياً لشراء الخبز، لأنه ستتوفر لهم بطاقة ذكية لتعويضهم عن الفرق بين سعر الخبز الجديد المطابق لسعر السوق وبين السعر المدعوم الحالي.

معظم النقاش تركز على غياب الثقة لدى المواطن، وعدم إيمانه بصدقية التعامل الحكومي من دون تلاعبها بالأسعار فوراً أو بعد مرور فترة قصيرة.

وبعيداً عن مناقشة مبدأ الدعم من الناحية الاقتصادية، لم يجر تناول تأثير قرار الإلغاء على غير حاملي الرقم الوطني مثل اللاجئين من أصل غزي، وأزواج وأبناء الأردنيات، والجاليات من جنسيات مختلفة، واللاجئين من دول مجاورة؛ سوريين وعراقيين وغيرهم.

قد يقال إن الحكومة ودافع الضريبة الأردني ليس ملزماً بتوفير خبز بأسعار مدعومة للأجانب كافةً المتواجدين في الأردن. نظرياً هذا صحيح، لكن هل ترغب الحكومة فعلاً في زيادة الهوة بين من يقيم ضمن حدود المملكة؛ مواطنين حاملين أرقام وطنية وسواهم.

ولاشك أن موضوعاً خلافياً مثل توفير بطاقات دعم للأردنيبن من دون غيرهم سيخلق سوقاً سوداء وبيع وشراء الخبز المدعوم بطريقة سيئة تزيد من شعور التفرقة بدل تخفيفها. ومن الضروري الابتعاد عن تصرف من شأنه ان يزيد فرص التمييز ورفع مستوى التحريض وخطاب الكراهية الموجهه لغير الأردنيين من خلال المنابر الإعلامية المختلفة.

حين جرى نقاش إلغاء الدعم للمحروقات وفواتير الكهرباء كان من السهل الإشارة إلى أصحاب الفيلات والسفارات الأجنبية الذين يستغلون دعم الكهرباء لأمور ترفيهية لا ضرورة لها. لكن الحديث عن إلغاء الدعم عن الخبز لكل من هو غير أردني، فإن المتضررين هم المليونان أو أكثر من ضيوف الأردن ممن انقطعت بهم سبل الحياة بسبب الأوضاع السياسية، وجاؤوا هرباً من الحروب والعنف، وبحثاً عن الملجأ والأمان ولقمة العيش البسيطة. فهل من أولويات الأردن أو القائمين على صندوق النقد الدولي الإضرار بهولاء البسطاء والمحتاجين من لاجئين وعمال بسطاء وغيرهم.

المختلف هنا هو أن فكرة توفير الدعم لكل الأردنيين وإلغائه عن البقية من دون الاهتمام بالوضع المالي للطرفين قد تكون خدعة هدفها إقناع المواطن بقبول الإلغاء مؤقتاً ومع الوقت يتم تدريجياً توفير الدعم للفقراء من دون الالتفات إلى أن هذا الأمر سيغضب البعض، ويوسع الهوة بين الحكومة وبين المواطن.

لا أتصور أن إلغاء دعم الخبز ينسجم مع السياسة الأردنية، التي رحبت ولا تزال ترحب باللاجئين العرب، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يتم تعويض الخزينة بأموال المتبرعين الحكوميين وغير الحكوميين من أنحاء العالم كافةً.

تحديات كبيرة تواجه الأردن، لكن محاولة وضع فوارق بين المواطن وغير الأردني سيزيد من الحساسية، ويخلق مشاكل جديدة نحن بغنى عنها.

  • داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .