مايو 09 2015

يوم الصحافة العالمي

نشرت بواسطة الساعة 10:59 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

زاوية تكوين/ موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

شارك الصحفيون في العالم بيومهم المميز الموافق 3 ايار عبر تذكّر زملائهم الذين قضوا حياتهم بالهجرة أو في السجون أو بالوفاة. وقد أقامت منظمة اليونيسكو احتفالاً مركزياً في الهيئة الملكية للأفلام تخلله ندوة حول مستقبل الصحافة في الأردن تحت شعار “دعوا الصحافة تزدهر”، حيث ألقيت كلمات ومداخلات قدّم أصحابها صورة قاتمة ومتشائمة عن فرص ازدهار أو حتى استمرار العديد من وسائل الإعلام، سواءً أكانت صحفاً ورقية أم إلكترونية، أو إذاعات ومحطات تلفزة.

ناقشت في مداخلتي، خلال الندوة، صعوبة ازدهار الصحافة ما دامت الحكومة مسيطرة على الملكية المباشرة وغير المباشرة لأهم وسائل الإعلام، إذ تستحوذ على ملكية كاملة للتلفزيونات والإذاعات الرسميةـ، كما تسيطر على أهم وأكبر الصحف، خلال 65% من أسهم صحيفة “الرأي” باسم الضمان الاجتماعي، و35% من أسهم “الدستور”، وتملك الحكومة إهم الإذاعات: “هلا” التي تملكها القوات المسلحة، و”أمن اف ام” للأمن العام، و”هوا عمان” لأمانة عمّان الكبرى، التي تعين الحكومة رئيسها ونصف أعضاء مجلسها، وكذلك مواقع إلكترونية مهمة رئيسة يملكها رؤساء تحرير أو محررون يعملون في الصحف الرسمية.

وزير شؤون الإعلام د. محمد المومني لفت إلى أن الحكومة بصدد إنشاء محطة تلفزيونية جديدة من نوعية “إعلام الخدمة العامة”، هذه المرة، كما في دول غربية مثل هيئة الإذاعة البريطانية، وغيرها من وسائل الإعلام الرسمية، التي تدار بصورة مستقلة عن الحكومة، وتمول من الميزانية العامة.

لست متفائلاً من نجاح الفكرة لأسباب عدة؛ فالحكومة الآن غير قادرة على تغيير عمل التلفزيون الرسمي الأردني، الذي يشغّل عدداً كبيراً من الموظفين يفوق الـ2000، وبميزانية كبيرة ويقدم برامج ذات لون واحد،  فهل ستوافق الحكومة طوعاً التخلي عن أي تدخل إداري أو مالي لصالح التلفزيون الجديد؟ الرغبة الحكومية بالتدخل في الإعلام والتأثير عليه ستفوق كل أشكال الرغبة بخلق تلفزيون مستقل وبتمويل من المال العام.

ولو افترضنا أن الدولة الأردنية (وليس الحكومة) مصرّة على ذلك، فهل سيكون هناك قرار أن لا يجني التلفزيون “العام” دخلاً من الإعلانات، كي لا يكون يتاثر سلباً، كما هو الحال في محطة BBC المثل الأعلى للقائمين على الفكرة الجديدة.

يحلّ علينا شهر رمضان المبارك، قريباً، وسنرى على شاشة التلفزيون الرسمي كيف يؤثر السعي وراء الإعلان في تشويه صورة ونوعية البرامج من حيث الهبوط في المستوى، والسعي وراء الإثارة في البرامج المسابقات السخيفة، واستغلال المشاهد من خلال أرقام هواتف تبدأ بـ 90، وتكلف المتصل مبالغ كبيرة من دون تقديم تحذير على الهواء حول تكلفة المكالمة.

قد يكون اقتراح وزير الإعلام نوعاً من الاعتراف بفشل التلفزيون الرسمي، الذي يموله جميع سكان الأردن شهرياً بدينار التلفزيون، لكن الاعتراف بالفشل لا يُعالج بخلق وسيلة إعلام جديدة مكلفة لا يكون للمواطن دور حقيقي في وضع أسس ذلك التلفزيون بالعودة- على أقل تقدير – إلى مجلس الأمة، وليس من خلال السلطة التنفيذية.

من أهم المعايير الدولية في تنظيم الإعلام المرئي والمسموع كان عاماً أو تجارياً أو مجتمعياً هو وجود جسمٍ مستقلٍ يمثل الطيف الوطني بأشكاله كافةً، وهو الأمر المتعثر في الأردن حيث ينظم الإعلام مديرٌ تعينه الحكومة ومرجعيته وزيرٌ فيها.

إن الاعتراف بفشل التلفزيون الرسمي (ولو بصورة غير مباشرة) هو أمر مهم، غير أن معالجة ذلك لن يكون بخلق تلفزيون جديد سيجلب تشويهاً إضافياً لقدرة الإعلام التجاري المستقل على النهوض والازدهار.

ليس مطلوباً توسيع وسائل الإعلام المملوكة والمسيطر عليها من الحكومة (بصورة مباشرة أو غير مباشرة)، إنما بوضع الأسس المناسبة لخلق إستراتيجية إعلامية وتنظيم مستقل من شأنه تحفيز الإعلام بتنوع وسائله وملكياته على الازدهار.

داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .