أبريل 14 2015

أعياد بلا حقوق!

زاوية تكوين/موقع عمان نت

بقلم داود كُتّاب

خمسة أيام تفصل بين اليوم العربي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجامعة العربية في قرار لها عام 2010، وبين عيد الأم الذي يحتفل العالم العربي به منذ قرون في الحادي والعشرين من آذار مع بدء فصل الربيع.

ينطلق تحضير الاحتفالات بعيد الأم منذ أسابيع في المدارس وعبر وسائل الاعلام والقطاع الاقتصادي من خلال الرسائل الخلوية. الإذاعات تحتفل من خلال أغنية “ست الحبايب” من كلمات حسين السيد، وألحان محمد عبد الوهاب، كما تعيد أغنية “أحن إلى خبز أمي” للشاعر محمود درويش بصوت مارسيل خليفة.

الكل يتبارز في إظهار أهمية الأم ودورها، وتكرّم أمهات الشهداء والأبطال وغيرهن من الوالدات الفاضلات، ولا يجرؤ أحد على أن يقدم الرواية الأخرى مهما كانت محقة، فهذا يوم للاحتفال وللتكريم وليس لبحث حقوق المرأة والمساواة المغيبة بينها وبين الرجل في أبسط القضايا، ومنها إعطاء الجنسية لأبنائها، والسماح للأم الأرملة السفر من دون موافقة أبنائها أو أنسبائها، عدا عن سلبها حقوقها في الميراث رغم أنه مكفول لها شرعاً وقانوناً.

عيد الأم مناسبة مهمة للتنزيلات والعروض على أدوات المطبخ من غسالات وطناجر ضغط وغيرها من السلع التي تجلب التعب للأم ويزيد من عملها، في حين يخرج علينا معلّقون تقدميون يطالبون بشراء هدايا شخصية كالجواهر والحلي بدلاً من الأدوات المنزلية احتفالاً بالأم، لا بطباخة المنزل.

يحتفل الجميع بأمهاتهم شكلياً، بينما يمرّ يوم حقوق الإنسان العربي من غير اهتمام يذكر سوى احتفال رسمي  وورشة عمل في أكاديمية الشرطة في عمان.

من الصعب مقارنة يوم مؤثر عاطفياً مثل عيد الأم بيوم أقرته الجامعة العربية فاقدة القرار والهيبة، لكن أليس الإنسان أغلى من نملك، وأليست حقوقه أشمل وأكبر من عيد لجزء (ولو مهم) من هذا الإنسان؟

قد يسأل سائل، بالطبع، عن الفارق بين حقوق الإنسان العربي وبين حقوق الإنسان العالمي، إذ أصدرت الأمم المتحدة في عام 1948 لائحة مهمة باسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتحتوي حقوقاً توافقت عليها معظم دول العالم.

دول أقرت الإعلان مثل الأردن لم تترجمه إلى قوانين، وهو لا يسمو على الدستور ولا يُستند إليه في  قرارت المحاكم، بل أن غالبية الدول التي أقرته، ومنها الدول العربية، تعارضه ليل نهار، وتقوم بمخالفته بتشريع قوانين وأنظمة وتعليمات وممارسات فاضحة تنتهك أبسط محتويات الإعلان المكون من ثلاثين بنداً تدعو إلى الحق في الحياة الكريمة والمساواة بين الناس كافةً، وحق التعبير والرأي والتجمع والاختلاف. وينص البند الأول منه “يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء“.

نحن في العالم العربي أحوج من أية منطقة أخرى لمن يدافع عن حقوقنا في العيش والمساواة والحرية، وحماية العربي وحقوقه لا تتم بإعلان خجول ليوم في السنة، إنما بالعمل الدؤوب على ترسيخ مبادئ لحقوق الإنسان ومتابعتها ومحاسبة من يخالفها.

تتفق الغالبية -ولو لفظياً- على أهمية ومركزية وحتى قدسية الأم، بينما يبقى الإنسان خارج منظومة الاحترام والأهمية والقدسية، لذلك من الصعب أن نحقق اختراقاً اصلاحياً مؤثراً قبل أن يصبح  حق الإنسان العربي، وغير العربي، في بلادناً مصوناً ومكفولاً على كل الأصعدة.

خمسة أيام تفصل عيد الأم عن اليوم العربي لحقوق الإنسان، والحقيقة أن الأم والإنسان في بلادنا لا احتراماً حقيقياً لهما، ومعظم حقوقهما مغتصبة!

  • داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .