فبراير 03 2015

مزايا أم تمييز جديد؟

نشرت بواسطة الساعة 12:31 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

بقلم داود كُتّاب *

من البديهيات أن زيادة القوانين والأنظمة تُضيّق حرية التعبير، فالمعايير الدولية تفضل عدم وجود أي قانون لترخيض الصحف على أن يُعلم كل ناشرٍ السلطات بنيّته إصدار مطبوعة من أجل وجود مرجعية لمن يرغب بالعودة إليها أو رفع دعوى ضد صحيفة ما.

المبدأ نفسه ينطبق على حقوق أبناء الأردنيات، إذ يميّز النظام الساري بين الرجل والمرأة في منح الجنسية رغم أن العديد من الفقهاء القانونيين يعتبرون التمييز الممارس مخالف للدستور وقانون الجنسيات الساري المفعول.

تقول الحقوقية هديل عبد العزيز إن “قانون الجنسية ينص أن أبناء الأردني أردنيون أينما ولدوا، وتعريف الأردني بأنه كل من حاز الجنسية الأردنية بموجب القانون، لذا يكون أبناء الأردنية أردنيين”.

بالعودة إلى قانون الجنسية الاردنية وتعديلاته رقم (6) لعام 1954، المنشور في الجريدة الرسمية رقم 1171 تاريخ 16/2/1954 والمعدل بآخر قانون رقم  22/1987، فإن المادة 9 تنص أن “أولاد الأردني أردنيون أينما ولدوا”، والمادة 1 تعرّف الأردني أنه “كل شخص حاز الجنسية الأردنية بمقتضى أحكام هذا القانون”.

وكذلك تفسير المادة السادسة من الدستور، التي تقول “الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات”، ما يستدعي أن تبت المحكمة الدستورية بشأنه، وهو غير متحقق لغاية الآن بسبب صعوبة إحالة الطعون بالدستورية إلى المحكمة حيث أن الجهات التي لها حق الطعن محصورة بموجب القانون بمجلس الوزراء أو مجلس النواب أو الأعيان، فيما يمكن إثارة الطعن من خلال القضاء ضمن إجراءات شديدة التعقيد، جعلت الوصول إلى النظر بدستورية القوانين عملية صعبة المنال.

غياب تدّخل المحكمة الدستورية يُبقى المواطن تحت رحمة الحكومة، التي رفضت منح الجنسية لأبناء الأردنيات، ووافقت على تقديم مزايا إليهم، تجاوباً مع ضغوط المجتمع المدني، لكن تعامل الحكومة مع الملف لم يكن موفقاً، ولا يزال يشوبه مشاكل وتعقيدات بدأت تظهر عبر تطبيق هذه المزايا.

فقد تبين أن هناك شروط يبدو بعضها تعجيزيةً، فعلى الأم الأردنية أن تثبت إقامة لمدة خمس سنوات، في الأردن، ليحصل أبناؤها على بعض المزايا، بالإضافة إلى وجود تمييز في تطبيق هذا الشرط، فالمتزوجة من سوري ويمني وعراقي ومن يحمل جنسية من دول مجلس التعاون الخليجي لا تحتاج أن تثبت ذلك لعدم حاجة أبنائها الحصول على تأشيرة إلى دخول الأردن ويحتاجون بدلاً منها إلى بطاقة أمنية، فيما تم حرمان أبناء الأردنية المتزوجة من فلسطيني من غزة من حق التملك.

المزايا التي وفرتها الحكومة لا تشترط جنس الأبناء، إلا أنه في التطبيق خرج علينا المسؤولون في دائرة الجوازات بتصريح يقول إن أبناء الأردنيات المتزوجين الذكور فقط يمكنهم الحصول على المزايا, أي أن بنات الاردنيات المتزوجات لن يتمتعن بتلك المزايا التي هي أصلاً لا ترقى إلى الحقوق المدنية الأساسية، وأهمها حق المواطنة المتوفر للرجال الأردنيين.

نلاحظ أن التمييز ضد المراة زاد من خلال هذا التفسير ضد بنات الأردنيات المتزوجات، لذا يجب النضال لكسب التأييد في تغيير جذري لقانون الجنسية ومساواة الأردنيات والأردنيين في الحقوق والواجبات.

إن توفير الجنسية لأي شخص هو أمر سيادي للدول ويجري تنظيمه من خلال قوانين وأنظمة، لكن عملية التنظيم يجب أن تتوفر فيها العدالة والمساواة والشفافية بعيداً عن التشبث بعادات وأعراف تمييزية بالية.

والدولة المتحضرة التي تحترم أبنائها وبناتها، كافةً، يجب أن تقيم المساواة في إحدى أهم مزايا المواطنة، ففي الوقت الذي يسمح المشرع والحاكم بقوننة التمييز ضد نصف المجتمع لا يمكن ضمان أي حق لأبناء وبنات المجتمع جميعهم.

* مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي. أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .