يناير 25 2015

ماذا يقصد الأميركيون عندما يستخدمون المصطلح “فلسطين”ØŸ

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

كان رد الولايات المتحدة لجهود الرئيس الفلسطيني للإنضمام إلى المنظمات الدولية بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية رداً محيراً. فبعد أن أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن طلب فلسطين للإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية قد تم قبوله رسمياً أعلنت جين بساكي، الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح هجومي غير عادي “إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن فلسطين هي دولة ذات سيادة وبالتالي لا يحق لها الإنضمام لمنظمات الأمم المتحدة ومنها المحكمة الجنائية الدولية.”

كون أن فلسطين  ليست دولة ذات سيادة هو أمر لا خلاف حوله وهو المشكلة بحد ذاتها القائمة منذ 47 عاماً، والتي حاول القرار الأخير لمجلس الأمن تصحيحها لولا تصويت الولايات المتحدة السلبي والضغوط غير العادلة على البلدان الأفريقية.  وقد صرّح الرئيس الفلسطيني بشكل واضح لفترة من الوقت أنه إذا كان مجلس الأمن الدولي لا يعالج هذا التناقض فالدولة الفلسطينية غير العضو في الأمم المتحدة سوف تنضم إلى نظام روما الأساسي الذي ينظم مسألة المحكمة الجنائية.

قبل بدء عملية مدريد للسلام التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، كان الأميركيون حريصين على عدم استخدام المصطلح “فلسطين”.  جيمس بيكر الثالث، وزير الخارجية الأميركية، أعطى تعليمات لموظفيه باستخدام المصطلح “الفلسطينيين” بدلاً من الإشارة إلى فلسطين. ولكن كل هذا تغير بعد أوسلو.

عقد مسؤولون أميركيون لقاءات عديدة مع القادة الفلسطينيين منذ المصافحة الشهيرة في البيت الأبيض في عام 1993. في تلك الإجتماعات، تم وضع العلم الفلسطيني على الطاولة إلى جانب العلم الأميركي.

ومع ذلك، فهذا يكشف أن الولايات المتحدة التي كانت ولا تزال تدعم حل الدولتين تعارض محاولات قانونية متحضرة للوصول الى تلك الدولة ذات السيادة.  ولكن إعادة طرح قضية ما إذا كانت فلسطين دولة أم لا يعارض موقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن دعم قيام دولة فلسطينية. فعندما كان الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن يريد أن يُظهر لحلفائه العرب أن واشنطن تدعم إقامة دولة فلسطينية كان يستخدم علناً المصطلح “فلسطين” على الرغم من أن فلسطين السيادية لم يكن لها وجود الأمر نفسه استمر في الحكومات المتعاقبة.  هل كان الأميركيون (الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء) جادين في دعم حل الدولتين أم أن الأمر كان  يهدف إلى استرضاء حلفائهم العرب؟

ممكن ان يتفهم متابع للسياسة الأميركية لماذا تعارض أميركا انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية. الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وذلك لأسباب عدة من بينها القلق بأن التوقيع على نظام روما الأساسي من شأنه أن يتيح الفرصة لمحاكمة جنودهما وضباطهما بتهمة ارتكاب جرائم حرب.  فعدم الإنضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية يعني أنه لن يكون لدى الولايات المتحدة تفقد قدرتها في التأثير بشأن من يمكنه أو لا يمكنه الإنضمام.

تقول أميركا أن هذا الأمر هو لصالح قيام دولة فلسطينية، هذا إذا كانت أميركا تعتقد فعلاً أن تحقيقه على أفضل وجه يكون عبر المحادثات الثنائية وليس الأحادية الجانب.  وبالتالي كان دور واشنطن فعالاً في الجهود الأخيرة في محاولة تحقيق مثل هذه النتيجة خلال تسعة أشهر والتي انتهت فجأة عندما غيّر الإسرائيليون قواعد اللعبة.  أعطى جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، شرحاً مشرقاً حول ما حدث وكيف تسببت الإجراءات الإستيطانية الإسرائيلية وعدم إطلاق المسجونين في تلاشي المحادثات ونسفها.

إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن حل الدولتين، فإنها تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود للمساعدة في إنهاء الإحتلال ودعم الإجراءات الفلسطينية اللاعنفية في هذا الاتجاه. ومع ذلك، إذا كانت الولايات المتحدة غير مهتمة بالفعل في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، فإن الدولة العظمى الوحيدة في العالم أمامها مسؤولية تجاه الفلسطينيين والعالم للتعبير عما تعتقده حقاً وعن كيفية تحقيقه.

ينوي الفلسطينيون العودة إلى مجلس الأمن الدولي، وذلك ولمرة أخرى لوضع خطة تسمح بسنة واحدة من المفاوضات وبسنتين أخريين لتنسحب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها في غضون ستة أيام منذ حوالي 47 عاماً. إذا أرادت واشنطن الإستمرار في استخدام كلمة “فلسطين” يجب أن تصوّت لصالح هذا القرار المعتدل والسلمي وإلا فإنه ينبغي عليها استخدام مصطلح “الأراضي المحتلة” والإمتناع عن خداع الفلسطينيين والعالم من خلال استخدام المصطلح “فلسطين” بينما تفعل كل ما في صلاحياتها لمنع فلسطين من أن تصبح دولة ذات سيادة.

 

*صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .