يناير 13 2015

الحرب الحقيقية هي الحرب الأيدولوجية

نشرت بواسطة الساعة 1:53 م تحت فئة مقالاتي -

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

عدد قليل جداً من الناس يعرفون أن هناك في الإسلام نوعان من الجهاد: الجهاد الأصغر هو المعروف أكثر وهو الذي يعكس قتالاً عسكرياً بينما الجهاد الأكبر هو الأقل شهرة وهو جهاد النفس.

قلة من الناس يعرفون أيضاً أن كلمة الجهاد باللغة العربية تُستخدم في الكتاب المقدس أيضاً ولكن ليس بمعناها العسكري.  تقول رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس (4:7) “جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان.”

لذلك سواء كان الجهاد نضالاً أو كفاحاً من أجل عالم أفضل فإن الجهاد العسكري ليس بالتأكيد حكراً على الإسلاميين.

كيف يؤثر ذلك على الحرب الحالية ضد التطرف الذي تشكل ميليشيات الدولة الإسلامية التي سيطرت على قطاعات واسعة من الأرض والشعوب في شمال العراق وشرق سوريا النموذج الرئيسي الملموس له.

أشار قادة العالم وهم على حق إلى أن الحرب ضد التطرف بما في ذلك التحالف الحالي ضد داعش يجب أن تكون حرباً عسكرية وأيديولوجية على حد سواء. لقد سمعنا وشهدنا الكثير عن الحرب العسكرية إلا أن القليل جداً قد تم إنجازه لمواجهة الأيديولوجيات وراء هذه المجموعة المتطرفة.

الحاجة للتعامل مع الأفكار المتطرفة المرتبطة بهذه الحركة أوضحها المتطرفون الذين نفذوا الهجوم الشنيع ضد صحيفة فرنسية ساخرة على الأرجح بسبب الأفكار التي تبنتها.

كلما حدثت أعمال عنف فإن رد الفعل الطبيعي عليها يكمن في الحاجة إلى القضاء على الجماعة أو الميليشيات وراءها عسكرياً. قد تكون هناك حجة  للرد عليها عسكرياً إلا أنه يمكن الحصول على جهد مثمر عكسي تماماً إذا لم يصاحبه رد فعل أيديولوجي قوي ومساوٍ.

قد يكون من الممكن قتل أصحاب بعض هذه الأفكار ولكن الجميع يعرف أنه لا يمكنك أن تقتل الأفكار عن طريق استخدام القوة. الفكر المتطرف لا بد من معالجته في طرق عدة.  إن أكثر الردود الأيديولوجية أهميةً تكمن في الحاجة إلى إظهار أن هناك طرقاً أفضل وأكثر فعالية للتعامل مع مختلف القضايا التي تجعل التطرف ذا شعبية.

وهذا يشمل الحاجة إلى إجراء إصلاح سياسي حقيقي في البلدان التي هي ذات أهمية للشعوب التي تتبع هؤلاء القادة المتطرفين. وينطبق هذا على الدول العربية التي تركت قيادتها الإستبدادية قسماً كبيراً من الشعب دون أي تعليق عما يحدث لهم وأيضاً على ضرورة مواصلة إلغاء العنصرية والخوف من الإسلام في العديد من الدول الغربية حيث يبدو أن بعضاً من الإرهاب المحلي يكتسب مزيداً من القوة.  تزداد القضية تعقيداً بسبب أعمال القتل كتلك التي تم ارتكابها في باريس والتي قد تؤدي إلى زيادة العنصرية المضادة للإسلام بدلاً من التقليل منها.

بالإضافة إلى التغييرات السياسية التي يجب اتخاذها فإنه يجب على المفكرين والقادة العرب والمسلمين وضع حد للصمت المفروض ذاتياً والتحدث بوضوح وبلا خجل.

لا يوجد سبب للإستمرار في تكرار القول بأن هذه الأعمال لا تعكس صورة الإسلام الحقيقي. المطلوب هو أن يقدم الكتّاب والمفكرون أفكاراً وآراء ملموسة وعملية يمكن أن تطبق في القرن الحادي والعشرين.  يحتاج الشباب العربي والإسلامي اليوم إلى أن يكون بإمكانهم إيجاد أدوار وأفكار نموذجية بديلة يمكنهم الإعتماد عليها في هذا الصراع الفكري الذي يدافع عنه المتطرفون دون كلل بينما لا يعطي الجانب الآخر  سوى خطابات كلامية.  جمهور فكرة تكوين على موقع عمان نت  الأردني كان ولا يزال يتزايد على شبكة الانترنت بينما يقدم كتّاب إصلاحيون ومستقلون من مختلف الخلفيات تحليلاً يومياً ثقافياً وإعلامياً وحول قضايا المرأة وحقوق العمال مناهضاً لأيديولوجية داعش.

ينبغي دعم جهود بعض المثقفين الفردية ولكن الضرورة تتطلب أكثر من ذلك بكثير. لا يمكن أن ينتج الجهد العسكري في مكافحة التطرف أية نتائج إيجابية إذا لم يكن هناك تغيير مشترك في كيفية إدارة الحكومات لشؤونها (خاصة على الصعيد التمكين الإقتصادي) وفي كيفية معالجة أفكار المتطرفين وممارساتها. إن المعركة ستكون طويلة ومرهقة ولكن لأجل تحقيق الربح فإنه يجب على ذوي النوايا الحسنة أن يعملوا معاً للنهضة ولإنتاج ما هو جيد من أجل مستقبل أفضل للجميع.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .