يناير 05 2015

ثورة الأردنيات نحو مجتمع حرّ

نشرت بواسطة الساعة 12:27 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

احتفل الأميركيون الأسبوع المنصرم بذكرى بداية النضال من أجل المساواة بين السود والبيض في الولايات المتحدة. النضال، الذي تُوج برجلٍ من والد أفريقي سيّداً للبيت الأبيض، لا يزال مستمراً بسبب التمييز الواضح في سياسات الشرطة التي يسيطر عليها، في الولايات الجنوبية، رجالٌ بيضٌ يطلقون النار بلا تردد على مواطنيهم السود العزّل.

نضال السود في أميركا أطلقته امرأة تدعى روزا بارك، في الثاني من كانون الأول منذ 59 سنة، حين رفضت التنازل عن مقعدها في إحدى حافلات مدينة مونتغمري في ولاية ألاباما رغم إلحاح سائق الحافلة.

ردّت بارك، وكانت تعمل خياطة، على طلب مغادرة مقعدها بأنها “متعبة”، وقد فسّر أبناء جلدتها هذا بالموقف أنهم تعبوا جميعاً من العنصرية، وقاموا بنضالٍ لا عنفي تركّز على مقاطعة شركة الحافلات التي كانت تطبّق السياسة العنصرية، ولأيام عدّة ذهَب السود إلى عملهم مشياً على الأقدام، وبذلك تضررت الشركة مالياً نتيجة استمرار المقاطعة حتى تغيّر النظام التمييزي، ولم يتوقف نضالهم العام من أجل المساواة لغاية صدور حزمة قوانين فدرالية لحماية المواطنين.

في مجلس النواب الأردني، وفي اليوم نفسه الذي يحتفل فيه السود في أميركا بما أحدثته قضية روزا بارك، تهجّم النائب يحيى السعود على زميلته النائب هند الفايز بعبارة “اقعدي يا هند”، وواصل هجومه بشتْم المسؤول عن إدخال النساء إلى مجلس الأمة عبر الكوتا.

احتجت السيدات أعضاء المجلس النيابي في الجلسة التالية، ورفضن الجلوس في مقاعدهم إلاّ أن الموضوع جرى تسويته في ما بعد، وعدن إلى مقاعدهن من دون تقديم اعتذار أو محاسبة المسيء إلى نساء الأردن كافةً.

اعترضت الحركات النسائية في الأردن بطريقة خجولة، داعيةً اللجنة التأديبية في مجلس النواب إلى محاسبة السعود.

لا نعلم إلى أين سينتهي الأمر، فقد يُقدّم الاعتذار في نهاية المطاف غير أنه من الضروري عدم التوقف عند هذا المطلب، فالسؤال المهم أين الرجال والنساء من هذه الإهانة البليغة للمجتمع كلّه! السؤال الأكثر إحراجاً يتعلق بعدالة تمثيلنا كمجتمع في أهم مؤسسةٍ وطنيةٍ؛ إذ إن عدد النساء في البرلمان الأردني 18 عضواً من أصل 150، وهي نسبة لا تتجاوز 12% مما يضع الأردن في المرتبة الـ 115 عالمياً من بين 155 دولة. بينما نجح التونسيون في انتخاب 68 امرأةً لعضوية البرلمان بنسبة 31%، وهي أعلى نسبة في الدول العربية، لكنها تضع تونس في المرتبة الـ 34 عالمياً بنسبة تمثيل النساء في البرلمانات.

ضعْف التمثيل النسائي في بلد مليء بالمنظمات والجمعيات النسائية، مثل الأردن، وفي برلمانه على وجه الخصوص، فلا تشعر بوصفك مراقباً بهذه المؤسسات أو قدرتها على التغيير أو الحشد أو انتخاب عدد أكبر من السيدات في مجلس الأمة.

تمثيل النساء في البرلمان ليس منوطاً بالنساء فقط، فلو حظينا بمجتمعٍ مدنيٍ قويٍّ لمّا تجرأ نائب مثْل السعود على إهانة المجتمع كلّه، دون أن يحسب ألف حسابٍ لفعلته، علماً أنه أساء للنساء قبل ذلك، في أثناء عضويته في مجلس أمانة عمّان، منتقداً لباس عملهن في الأمانة وطالبَ أن يكون لهن زياً رسمياً.

ما وقع في مجلس النواب بعد 59 عاماً مما حدث لامرأة سوداء في أميركا يؤكد حاجتنا إلى ثورة من نوع آخر يكون فيها الدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها الركن الأساسي في بناء مجتمع حرٍّ.

 

·        داود كتّاب: مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي، أسس العديد من المحطات التلفزيونية والإذاعية في فلسطين والأردن والعالم العربي.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .