أغسطس 05 2014

نتنياهو يرضي اليمين الإسرائيلي لكي يستمر في الحكم

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

السياسيون في جميع أنحاء العالم يزنون قراراتهم وبياناتهم على مستويات عدة. ماذا ستكون التأثيرات المترتبة على موقف ما؟  هل ستنجح؟  وكيف ستؤثر على مهنة السياسيين على المدى الطويل؟

القادة الإسرائيليون وخاصة نتنياهو لا يبدو أنهم يهتمون بالتأثيرات الناجمة عن موقفهم وفي ما اذا كانت ستنجح أم لا.  يبدو أن اهتمام نتنياهو الوحيد هو الترويج للدائرة الإنتخابية اليمينية على أمل أن هذا سيؤدي به إلى ولاية رابعة غير مسبوقة.

لنأخذ على سبيل المثال موقف نتنياهو من إيران. سار ضد العالم وواجه أقوى حليف لإسرائيل ثم فشل فشلا ذريعاً.  يقول المحللون إن مبالغة نتنياهو كانت محسوبة.  لقد بالغ في الموقف الإسرائيلي حول المخاوف من النووي الإيراني على الرغم من أنه يعرف جيداً، وأبلغته مصادر مخابراته كذلك، أن إيران بدأت تتبع منهج الإعتدال بعد فوز المعتدل حسن روحاني.

واستمرت مبالغات نتياهو من خلال موقف إسرائيل المبالغ فيه في ما يتعلق بحكومة رامي حمد الله الجديدة والذي جسد إتفاق المصالحة. علم نتنياهو جيداً أن الحكومة الجديدة لم تشمل أعضاء من حماس، وأنها لن تكون مدعومة بتصويت المجالس التشريعية من حماس وبأنها ستلتزم بالرسالة في الشروط الثلاثة التي وضعتها اللجنة الرباعية (تحت الضغط الإسرائيلي) في عام 2007.  ردود الفعل  من المجتمع الدولي بما في ذلك إدارة أوباما كشفت ما حدث وهو أن واشنطن وبروكسل سيدعمون الحكومة الفلسطينية الجديدة، إلا أن نتنياهو عارضهم واستمر في رفض المصالحة وكل ما نتج عنها.

وعندما فشل نتياهو في جر العالم لتبني موقفه اختلق مشكلة أدت إلى حرب التدمير ضد الشعب الفلسطيني في غزة وتحت كذبة مكشوفة أن قيادة حماس في غزة هي من أمرت بخطف وقتل ثلاث إسرائيلين.

إذاً، لماذا يفعل نتنياهو ذلك؟ لماذا يتخذ قائد دولة موقفاً راديكالياً مثل هذا في قضايا تدل جميع المؤشرات حولها أن المجتمع الدولي لن يقبل به؟

هل وصلت الغطرسة الإسرائيلية إلى مثل هذه المستويات، إلى الإعتقاد بأنه يمكنهم التأثير على القوى العالمية فقط بقولهم لا على أية قضية؟  وهل كانت إسرائيل وقادتها مهووسين بالسلطة والنفوذ حتى أنهم توقفوا عن الاستماع إلى نصيحة وتوقعات الخبراء؟  لقد كان ولا زال النقاد الإسرائيليون يطلبون من رئيس وزرائهم الخروج من العزلة التي وضع نفسه فيها، وأن يدرك أن العالم لا يتحرك بناء على أهوائه وتصريحاته.

بطبيعة الحال، ينبغي على المرء ألا يستبعد الزاوية الأيديولوجية. خلق نتنياهو على مدى عقود ملفاً تعريفياً أيديولوجياً وقيّد نفسه فيه بحيث يصعب الخروج منه. أولئك الذين يتبعون نتنياهو يشكّون في هذا التفسير مشيرين إلى أنه حيوان سياسي، وأنه يغيّر وغيّر مواقفه الأيديولوجية في الماضي.

وهناك حجة أكثر إقناعاً ألا وهي الحجة السياسية.  إذا كانت كل السياسات محلية، فالإجابة على هذا السؤال إذاً يمكن أن يكون ببساطة أن نتنياهو يرضي اليمين الإسرائيلي الذي أصبح هو غالبية السكان في إسرائيل.  يبدو أن تأثير أيديولوجية المستوطنين أصبحت عميقة بحيث لا يمكن لأي سياسي إسرائيلي أن ينجح في الانتخابات دون أن يتحدث لغتهم الأيدولوجية المتطرفة.  وبكونه حيواناً سياسياً، فإن نتنياهو قد أجرى عملية حسابية تمكنه من الصمود بشكل أسهل أمام الضغوط الدولية أو حتى الأميركية أكثر من أمام ضغوط السياسيين اليمينيين من حزبه.  خلافاً لنداء نتنياهو السابق أن عباس يجب أن يختار بين الوحدة مع حماس أو السلام مع إسرائيل، يبدو أن نتنياهو نفسه هو الذي يجب أن يختار بين السلام مع الفلسطينيين والعالم أو السلام مع المستوطنين الإسرائيليين والأيديولوجية اليمينية.

 

  • الكاتب صحفي فلسطيني ومؤسس أول إذاعة عربية على الإنترنت – عمان نت

التعليقات على نتنياهو يرضي اليمين الإسرائيلي لكي يستمر في الحكم مغلقة

م إغلاق التعليقات في هذا الوقت .