سبتمبر 25 2014

قضية فلسطين غائبة عن التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

حين بدأت صواريخ الولايات المتحدة توماهوك والطائرات المقاتلة قصفها  في سوريا فإن وضعاً ما غريباً تم استشعاره.

رغم ان القصف الأجنبي على دولة عربية ذات سيادة دون موافقة قيادتها أحدث استياء عاماً ضئيلاً الإ أنه  وللمرة الأولى منذ عقود تجري حرب في الشرق الأوسط دون أن يكون لقضية فلسطين أية صلة فيها.

كانت فلسطين في الحروب السابقة حاضرة دائماً. عندما قاد جورج بوش الأب التحالف ضد غزو صدام حسين للكويت، هاجم الأخير إسرائيل بصواريخ سكود. عندما غزا ابنه العراق، قدمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وعوداً قوية حول ضرورة حل القضية الفلسطينية، وحاولا متابعة الموضوع دبلوماسياً.  في بادئ الأمر، أنتجت جهود الولايات المتحدة المستمرة انعقاد مؤتمر مدريد ثم اتفاقات أوسلو.

في الحرب الثانية ضد العراق بقيادة أميركا لم يسجل أي اختراق سياسي على الرغم من أن دبلوماسيين أميركيين من بينهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قضوا ساعات طويلة في رحلات مكوكية بين رام الله وإسرائيل إلا أنه لم يتحقق تغيير يذكر.

هذه المرة، وقعت الحرب بدون جهد مضنٍ من قبل واشنطن ولم يبدو أن أياً من شركاء الإئتلاف العربي الخمسة قد حقق تقدما بشأن قضية فلسطين كشرط لمشاركتهم في الضربات الجوية وفي التحالف لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

وعلى الرغم من أن هذه الحرب تجري على الأرض السورية ودون إذن منهم، فإن الحرب ليست موجهة مباشرة ضد النظام وإنما ضد الجماعات التي تقاتل على أرضها.

بينما الحرب ضد المجموعة التي تطلق على نفسها اسم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا ليست شعبية، فإنه ليس هناك حب مفقود للمجموعة الإسلامية التي تقطع رؤوس معارضيها وتهدم قروناً من التنوع والتسامح في العالم العربي.

وخلافاً للحروب السابقة التي كانت فيها واشنطن القائد المتحمس الذي يحتاج إلى تحالف عربي ليدعمه، ففي هذه المرة، تم جر إدارة أوباما إلى هذه الحرب لذلك فإن دول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية غير قادرة على استخدام تأثير القضايا الإقليمية مثل قضية فلسطين للموافقة على الإنضمام إلى الإئتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة.

كان الرئيس أوباما متردداً للغاية في تنفيذ أية هجمات ويبدو أن إقامة تحالفات في آخر لحظة تطلب جهداً من الولايات المتحدة.  فالمملكة العربية السعودية والأردن ودول أخرى هم  قلقون للغاية من التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية وبالتالي لم يكونوا أقوياء للتأثير على الولايات المتحدة بشأن فلسطين.

الانقسام الفلسطيني، رغم أنه عُلّق لفترة قصيرة خلال الحرب الأخيرة على غزة، إلا أنه ساهم أيضاً في عدم وجود ضغط عربي على الولايات المتحدة للمطالبة في محاولة فعالة التأثير على الولايات المتحدة حيال إسرائيل.

العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد توترت منذ انهيار التسعة أشهر من المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية. لا يوجد هناك حب مفقود بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومع اقتراب الإنتخابات الأميركية النصفية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، فإنه من غير المرجح أن يجازف قائد حزب الديمقراطي اتخاذ موقف غير شعبي يمكن أن يفقده مجلس الشيوخ الأميركي في الانتخابات المقبلة.

عدم تدخل الولايات المتحدة ليس بالأمر السيء. فإذا كان غياب واشنطن عن المشهد الفلسطيني الإسرائيلي يعني أيضاً أن أميركا قد لا تدعم تلقائياً إسرائيل في كل الحالات، إذاً فإن عدم التدخل هذا مرحب به.  في حين أن العديد من الفلسطينيين ومؤيديهم يريدون تدخل الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل للإلتزام بالقانون الدولي وإنهاء احتلالها، فإن كثيرين يكونون سعداء إذا توقفت الولايات المتحدة فقط عن حماية إسرائيل في المحافل الدولية ولا سيما في مجلس الأمن الدولي.

عدم وجود رغبة قوية لدى الولايات المتحدة بإعطاء الأولوية لفلسطين يضع المزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية لاتخاذ موقفاً قيادياً.  تعكس مبادرة محمود عباس هذا الأمر في نواح كثيرة.  فمن خلال إعطاء الأولوية لحدود دولة فلسطين وضرورة الإعتراف بها من شأنه أن يسمح للرئيس الفلسطيني التركيز على الصورة الأكبر.  إن خطة الرئيس محمود عباس بالذهاب الى الأمم المتحدة إذا ما رفضت الولايات المتحدة الإعتراف بفلسطين ومطالبة مجلس الأمن بالإعتراف بفلسطين بحسب حدود عام 1967 سوف تضع بالتأكيد واشنطن في موقف صعب. هل ستستخدم حق الفيتو في الوقت الذي تسعى فيه الحفاظ على التحالف لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية وزيادة عدده؟ هل سيتّبع أوباما أسوة بالرؤساء السابقين ويحمي إسرائيل من المجتمع الدولي في الوقت الذي يتحدث فيه مسؤولون إسرائيليون بشكل روتيني بلغة قاسية عن الولايات المتحدة؟

كما ستقع الدول العربية التي انضمت إلى الولايات المتحدة في القصف الأخير على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا تحت ضغط كبير بشأن دعم واشنطن إذا ما استخدمت حق الفيتو لأي قرار في المجلس الأمن يهدف إلى إعطاء العدالة للفلسطينيين.

قد لا تكون فلسطين جزءً من الصفقة في الإئتلاف الحالي، إلا أن هذا الإئتلاف الذي تم تشكيله بسرعة سيصبح هشاً إذا ما تصرفت الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي كما كانت تتصرف قبل أن يتم تشكيل الإئتلاف مع خمس دول عربية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .