سبتمبر 22 2014

عيون الحرامية – فيلم يعكس الإنسانية الفلسطينية

موقع دوت مصر

بقلم داود كُتّاب

اكتظت المقاعد السبعماية لقصر رام الله الثقافي في التاسع من شهر أيلول/سبتمبر حيث يقع قبر الشاعر الفلسطيني محمود درويش بالناس. أكثر من ثمانماية شخص ملأوا القاعة  لمشاهدة عرض الفيلم الروائي الثاني الطويل لنجوى نجار “عيون الحرامية”.

يتابع الفيلم الفلسطيني نجاح فيلم نجوى نجار الأول “الرمان والمر”ØŒ الذي افتتح مهرجان دبي السينمائي في عام 2008ØŒ وقد حقق عدداً كبيراً من الجوائز.

“عيون الحرامية” هو فيلم يرجع بالمشاهد إلى مكان خالٍ من السكان في الوادي بين نابلس ورام الله وهو موقع كانت تقع فيه عمليات سطوٍ، مما دفع بحكومة الانتداب البريطاني إلى بناء مركز للشرطة لحماية المسافرين. الثكنات البريطانية التي لا تزال قائمة في المنطقة هي مهجورة منذ زمن طويل لكن الإسرائيليين يستخدمونها كموقع لإقامة نقطة تفتيش دائمة.

في عام 2002، وفي ذروة الانتفاضة الثانية، قتل قناص فلسطيني أحد عشر جندياً إسرائيلياً.

اعتقد الخبراء الإسرائيليون في وقت ما أن القناص قد يكون رجلاً فلسطينياً كبيراً في السن شارك في الحرب العالمية الثانية أو مقاتلاً من البلقان تسلل الى الأراضي المحتلة.

أخيراً، اعتقل الإسرائيليون ثائر حمد البالغ من العمر 22 عاماً وأدانوه، وهو عضو في كتائب شهداء الأقصى لحركة فتح، والذي قال إنه تعلم مهارات الرماية من جده الذي كان صياداً.

تختار نجوى نجار عمل المقاومة البطولي هذا وتقول إن فيلمها ما هو إلا دراما نفسية حول أب يبحث عن ابنته المفقودة في المدينة بينما يحتفظ في نفسه بسر خطير.

تجري معظم أحداث الفيلم “عيون الحرامية” في نابلس وبيت لحم أيضاً.  تم تصويره خلال 25 يوماً؛ وفي هذه الفترة، كانت هناك غارات ليلية في مخيم بلاطة للاجئين القريب.

طارق، الممثل الرئيسي، هو المصري خالد أبو النجا الذي جاء بتصريح خاص لأربعة أسابيع تصوير والممثلة الرئيسية هي المغنية الجزائرية سعاد ماسي.

تحاول نجوى نجار، كما في فيلمها السابق، استخدام السينما لكسر الصور النمطية والتشكيك في الوضع الراهن.

عندما تساوت المقاومة بالإرهاب في وقت مضى سلطت الضوء على مقاومة مسلحة حقيقية وهي التي استهدفت فيها المقاومة الفلسطينية جنود الإحتلال الإسرائيلي.

من ناحية أخري وفي وقت الذي أصبح المقاومون في غزة وفي أماكن أخرى مترادفين للجهاديين الإسلاميين، قدمت نجار، مقاتلاً مسيحياً فلسطينياً مثلها.

دون الإدلاء ببيان سياسي، استعرضت نجار طريقة تصرف المحتلين، ليس فقط في تقييد الحركة، بل أيضاً في سرقة الأراضي والمياه.

كلمة “العيون” في اللغة العربية تعني أيضاً ينابيع المياه.  وبالتالي فإن الفيلم يشمل أيضاً بعداً آخر، خفياً، من تصرفات الإحتلال نحو المخزون المائي الفلسطيني.

ومع ذلك لعل أكبر إنجاز لها، هو أنها قدمت للمشاهد المقاومة الفلسطينية بصفة إنسانية.

إن إظهار البطل كشخص حساس يسعى لإيجاد الأسرة المفقودة، مع تلميحات عن قصة حب ما ممنوعة، يجعله أكثر تعقيداً وأكثر إنسانية بكثير من معظم الشخصيات الفلسطينية التصويرية المعروضة عالمياً والتي تظهر الفلسطيني إما  كإرهابي أو كبطل.

وعندما تحاول معظم الأفلام الفلسطينية أن تظهر الفلسطينيين بطريقة إيجابية ذات بعد واحد، والذي يتجاوز النقد، فإن نجار تعرض صورة من النسيج الفلسطيني الداخلي أكثر تعقيداً وواقعية بكثير.

إنها لا تحاول تلطيف الحياة الفلسطينية، كما أنها لا تحاول إظهار التاريخ الفلسطيني بأكمله في فيلم واحد، لكنها تعطي لمحة عن بعض عناصر الحياة الفلسطينية.

“عيون الحرامية” يمكنه أن ينجح بسهولة كفيلم تجاري دولي حيث رجل الأعمال البرجوازي هو الرجل السيء الذي يقوم بأعمال المحتلين بينما يستفيد هو.

رغم مواجهتها للعديد من الصعاب، بما في ذلك الصعوبات المعتادة في تمويل فيلم كبير وغياب صناعة السينما والجمهور الذي يريد فيلماً أحادي البعد، فإن نجوى نجار نجحت مرة أخرى في خلق فيلم معقد لا يمكن فهمه تماماً في عرض واحد.

أفلام نجار هي نوع من أنواع العمل الإبداعي الذي يمثل جزءً مهماً في أي مجتمع لذلك فإن أحدث فيلم لها يعتبر وثيقة إبداعية وفنية هامة تعكس الحياة الفلسطينية بجوانبها الصعبة وتعقيداتها وتعلق عليها في ظل الإحتلال.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .