سبتمبر 01 2014

ما الذي يمكن عمله بشأن غزة

موقع دوت مصر

* بقلم داود كُتّاب

بينما الحرب تشتد على غزة، وصور الأطفال الذين قتلوا يتم تناقلها يسأل الناس في جميع أنحاء العالم سؤالا بسيطاً ألا وهو ماذا يمكننا أن نفعل لوقف هذه المذبحة؟

والجواب على هذا السؤال ذو شقين: جعل الاحتلال مكلفاً لاسرائيل وتعزيز صمود الفلسطينيين.

من الواضح أن الحصانة التي تتمتع بها إسرائيل تلعب دوراً كبيراً بين سياسييها وعسكرييها لاستمرار الاحتلال والعدوانية. أي عمل من شأنه أن يجعل الإسرائيليين يدفعون ثمن استمرارهم في حكم شعب آخر بالقوة ومواصلة الحصار على غزة سيكون له نتيجة إيجابية.

كثيرون يقولون إنهم عاجزون كأفراد، ولكن هذا ليس صحيحاً. بينما تعتمد إسرائيل على دعم القوى الدولية وفي معظمها الدول الغربية، هناك الكثير يمكن عمله للتأثير على القادة السياسيين للتصرف بطريقة مختلفة عندما يتعلق الأمر بهذا الدعم الأعمى غير المسبوق لبلد يقتل الأطفال بسهولة ويستمر في الإدعاء بأنه بلد ديمقراطي.  لقد رأينا، بالفعل، خلال فترة قصيرة في الشهر الماضي كيف أن المعارضة الشعبية للحرب على غزة أنتجت انشقاقات حتى في ما يتعلق  بالدعم العسكري من قبل دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

كما أن الأفراد والكنائس والنقابات وهيئات أخرى يمكنها أن تفعل الكثير أيضاً لتوجيه الرسالة المناسبة. إن الجهود الفردية أو الجماعية الرامية إلى التوقف عن شراء المنتجات الإسرائيلية والتخلي عن الاستثمارات في إسرائيل والسعي إلى فرض عقوبات على الدولة التي خفضت قيمة حياة الفلسطينيين، هذه الجهود يمكنها أن تحقق الكثير. لقد رأينا بالفعل محلات السوبر ماركت تستجيب لضغوط المستهلكين وكنائس تتخذ قراراً شجاعاً بالتخلي عن استثمارات في إسرائيل ونقابات في أوكلاند في كاليفورنيا يرفضون تفريغ السفن الإسرائيلية. هذه الجهود يجب أن تستمر حتى بعد انتهاء الحرب لإرسال رسالة واضحة إلى إسرائيل بأن سياساتها مرفوضة من قبل شعوب العالم مهما يعمل العديد من جماعات الضغط نيابة عنها.

يجب بذل جهود لدعم الفلسطينيين موازية للجهود التي تبذل لمعاقبة إسرائيل بسبب الاحتلال والاستيطان والحصار غير القانوني. خلال عطلة عيد الفطر نشرت مجموعة على وسائل الإعلام الاجتماعي أرقام مقدمات  الهواتف المحمولة في غزة ودعت الناس للإتصال بسكان غزة بدون تنسيق فقط للتعبير عن دعمهم لهم. إن عبارات التأييد بالطبع لا تحل مكان منزل مدمر أو مدرسة مهدومة ولكن تعزيز صمود الفلسطينيين هو أفضل وسيلة لمواجهة عقوبات إسرائيل الجماعية القاسية التي تهدف إلى خلق “قوة الردع”. عندما تقتنع إسرائيل بأن الفلسطينيين لن يتخلوا عن رغبتهم في العيش والتمتع بالاستقلال وحرية التحرك فإنه عندئذ ستبدأ عملية معالجة التطلعات الوطنية الفلسطينية.

أقوى مقاطعة لإسرائيل اليوم تحدث في الواقع في الأراضي المحتلة.  فالفلسطينيون بأعداد كبيرة يجعلون الإسرائيليين يدفعون التكلفة من جيوبهم.  ومع ذلك فإن المقاطعة الفلسطينية للمنتجات الإسرائيلية تصلح فقط في ما يتعلق بالمواد التي لها بديل محلياً أو إقليمياً. في حين أن بعض الشركات الفلسطينية قد نجحت في توفير منتجات ذات جودة عالية كبدائل للمواد الإسرائيلية، فإن العديد منها إما ليس لها بديل أو ليس لها بديل نوعي.

يمكن معالجة هذه المشكلة من خلال جهود كبيرة لدول مثل الأردن ومصر وتركيا الذين لديهم القدرة على تصدير منتجات إلى فلسطين لتسديد احتياجات معينة. إذا كان لا بد من الفلسطينيين أن يجعلوا الشركات الإسرائيلية تدفع ثمناً لاحتلال بلادهم، فإنه يجب أن يكون هناك جهد لتوفير منتجات عربية ودولية تستطيع أن تسد هذه الاحتياجات. يجب تنظيم الجهود الإقليمية بما في ذلك معارض للمنتوجات الصناعية لتوفير الفرصة أمام المستوردين الفلسطينيين لإغلاق هذه الفجوة الهامة وتزويد جمهور فلسطيني متعاون ببدائل للمنتجات المصنوعة في إسرائيل.

لقد كان ميزان القوى لفترة طويلة في الجانب الإسرائيلي وبالتالي فإنه كان حاجزاً لكل الجهود من أجل سلام عادل. يجب تغيير هذا التوازن، ويجب أن يدفع المحتلون ثمناً لاستمرار عدوانهم.

إن الجمع بين الضغط السياسي والاقتصادي ضد دولة إسرائيل العدائية ما هو إلا أعلى شكل من أشكال النضال اللاعنفي يمكن تحقيقه. شهد الفلسطينيون في الشهر الماضي تدفقاً للدعم الدولي لقضيتهم العادلة. يحتاج هذا الدعم إلى أن يترجم إلى ضغط سياسي فعّال وإلى سياسات اقتصادية يمكن أن تجعل الاحتلال والحصار مكلفين بينما يتم في نفس الوقت دعم الشعب الفلسطيني.

على الرغم من أن هذا الجهد يمكن أن يكون فعالاً، إلا أنه يستغرق وقتاً ويتطلب صبراً وتحملاً ومثابرة. وكون أن الفلسطينيين قد اتحدوا أخيراً بعزم ويعملون معاً ما هو إلا مصلحة إضافية هائلة يجب أن يتم دعمها لخلق استراتيجية فعّالة ملموسة ذات أهداف طويلة وقصيرة المدى.

كل واحد يستطيع أن يفعل شيئا لدعم فلسطين. الآن هو الوقت والفرصة لتحقيق النجاح كبيرة.

إن دعم فلسطين اليوم هو أمر مشرّف، وأولئك الذين سيشاركون فيه سيتذكرهم التاريخ. وسيكونون إلى جانب من يؤمنون بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية وحقوق الناس في العيش في حرية واستقلال بعيداً عن الحرب والاحتلال.

* الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .