يونيو 01 2014

الحكومة القادمة ستشكل مزيداً من النصر لعباس

بقلم داود كُتّاب

المؤشرات المبكرة للجهود الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تعكس العديد من تحديات سبع سنوات من الانقسامات الحادة. ولكن الأخبار من رام الله وغزة تكشف مزيداً من الأدلة على الاستسلام شبه الكلي لحركة حماس الإسلامية لخصومها من التيار الوطني الفلسطيني.

يبدو أن مسألة رئاسة الوزراء تتحرك باتجاه مطالب منظمة التحرير الفلسطينية فاتفاق المصالحة الذي تم التوصل إليه في الدوحة كان ينص على أن يتخذ محمود عباس نفسه مركز رئيس الوزراء من أجل تجنب الخلافات حول اسم رئيس الوزراء.  ولكن وبعد وقت قصير من توقيع اتفاقية مصالحة مخيم الشاطئ، تم إضافة فقرة صغيرة في المناقشات العامة سرعان ما أصبحت جزءً من المناقشة حول المصالحة ألا وهي أن رئيس الوزراء سيكون إما عباس أو أي شخص يختاره. والآن وعلى الأرجح، فإن رئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية قد يكون رامي حمد الله، رئيس الوزراء الحالي.

علامة أخرى على الإنتصار السياسي للفريق  الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية هي مسألة ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستطلب تصويتاً بالثقة من المجلس التشريعي الفلسطيني غير الفعّال. فريق منظمة التحرير الفلسطينية ليس مهتماً في تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي فاز المرشحون الموالون لحماس بأغلبية مقاعده. الشائعات التي تسربت ومصدرها حماس بأن إسماعيل هنية الذي ترأس قائمة الإصلاح والتغيير من المرجح أن يصبح المتحدث باسم المجلس سرعان ما تلاشت. لن يكون لهنية الذي كان رئيس وزراء حكومة حماس في غزة أي دور في الحكومة الجديدة وفقاً للإتفاق الذي ينص على أنه لا فتح ولا حماس سيكون لهما ممثلين في حكومة الوحدة الوطنية التكنوقراطية الجديدة.

فبدلاً من إعادة تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني، فإن المناقشة ببساطة تتجه إلى أن الحكومة الجديدة  ستقسم اليمن في رام الله في مقر الرئاسة الفلسطينية وأمام الرئيس عباس.

بالطبع، أسماء أعضاء الحكومة الجديدة هي أيضاً مهمة ولا سيما الوزارات السيادية مثل الداخلية والخارجية والمالية. وقد تم نشر قائمة أسماء مقترحة في بعض المواقع المحلية والدولية. تعرض القائمة أسماء مقترحة من قبل حماس وفتح لتولي الوزارات في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.  سيكون من المثير للإهتمام معرفة ما هي الأسماء التي سيتم الموافقة عليها وما هي النسبة المئوية للأسماء المقترحة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية التي سيتم اختيارها في نهاية المطاف. توقعي الشخصي هو أن أسماء الوزاراء الرئيسين سيتم اختيارها من بين الأسماء المرشحة من فتح في حين أن بعض الوزارات الأقل أهمية قد تكون لصالح الأسماء المقترحة من حماس، على الرغم من أن كل الأسماء ليست أعضاء في أي من الفصيلين.

إن المناقشة والاتفاق حول الحكومة الجديدة سيمثلان بوضوح انفراجة كبيرة في الإنقسام الأعمق بين الفلسطينيين لسنوات. في حين أنه سيتم إلغاء نظام الحكومات المكررة في رام الله وغزة فإنه سيمضي  بعض الوقت قبل أن يتم حل جميع القضايا الشائكة المتعلقة بالانقسام تماماً.  لعل المشكلة الأكبر التي ينبغي حلها هي وضع قوات الأمن الموالية لحماس في غزة. سوف تصر الحركة الإسلامية بدون شك على أن تكون جزءً من قوة المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي في حين أن منظمة التحرير الفلسطينية ستعلّق بأن هؤلاء المقاومين متورطون في العنف الداخلي وأن نشاطهم غير مختصر فقط على نشاطات المقاومة.

هناك مشكلة رئيسية أخرى وهي إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وقبول أعضاء من حماس ومن الحركات الإسلامية الأخرى في عضويتها.  والسؤال الأكبر يكمن في ما إذا كانت قيادة حماس ستوافق على أن يكون أعضاؤها ممثلين في منظمة التحرير الفلسطينية بما يتناسب مع حجمها (الذي من شأنه أن ينعكس في الانتخابات) أو في ما إذا كانت ستستمر في الإصرار على نوع من حصة ثابتة تضمن لها نسبة مئوية معينة في جميع هيئات منظمة التحرير الفلسطينية.

وهناك أيضاً مشكلة أخرى حساسة تتطلب حلاً وهي ما يسمى بالمصالحة الإجتماعية.  فالحالات الفردية من آلام ووفيات ناجمة عن هذا الفريق أو ذاك خلال سنوات الانقسام المظلمة، خاصة في قطاع غزة تحتاج إلى معالجة بطريقة مرضية.  إذا لم يتم حل هذه القضية بشكل مرضٍ فإنه من المؤكد أن البلاد ستشهد استمراراً في عدم الاستقرار والعنف الداخلي.

من الطبيعي أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة خلال مدة لا تزيد عن ستة أشهر بعد أداء اليمين الدستوري في الحكومة الجديدة ستساعد في إظهار أي اتجاه يريده الشعب الفلسطيني للسير فيه.

لقد انطلق قطار المصالحة بشكل واضح وفي الغالب باتجاه منظمة التحرير الفلسطينية. بينما حماس ستكون قادرة على تسجيل بعض النجاحات الصغيرة هنا وهناك، فإنه من الواضح أننا نشهد انتصاراً واضحاً لمحمود عباس ومنظمة التحرير الفلسطينية واستسلاماً شبه كامل لحماس. ومن المفارقات، أنه على الرغم من وضوح هذه النتيجة فإن الإسرائيليين وآخرين في الولايات المتحدة لا يزالون يهاجمون اتفاق المصالحة الذي يضع رغبتهم في السلام وفي قيادة موحدة للشعب الفلسطيني بأكمله موضع تساؤل.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .