مارس 09 2014

المفاوضون الفلسطينيون والقيام بمهام متعددة

AlHayat

بقلم داود كُتّاب

جلب التطور التكنولوجي الحديث معه ظهور مصطلح جديد ألا وهو «تعدد المهام» (multi tasking) يحل محل المثل الشعبي اللبناني «مسبّع الكارات».

يواجه المفاوضون الفلسطينيون الآن تحدياً صعباً وهو التقدم للانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة المختلفة بينما يوافقون على مواصلة محادثات السلام حتى نهاية نيسان (أبريل). هذا الإجراء ظهر علناً بينما كان الرئيس محمود عباس يوقع وثيقة تسمح للدولة الفلسطينية بالانضمام إلى 15 وكالة مختلفة للأمم المتحدة.

مؤخراً كان يُعتقد أن الفلسطينيين عليهم أن يختاروا بين إما الانضمام إلى الوكالات الدولية أو المشاركة في المفاوضات. وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري انتزع منهم التزاماً بالامتناع عن مثل هذه الأعمال الأحادية الجانب مقابل إفراج إسرائيل عن 104 سجناء فلسطينيين أمضوا أكثر من 20 عاماً في سجونها. تم الاتفاق سلفاً على الإفراج عن هؤلاء خلال توقيع اتفاق شرم الشيخ في أيلول (سبتمبر) 1999.

عوضاً عن الإفراج عن جميع السجناء في وقت واحد، قرر الإسرائيليون إجراء ذلك على أربع مراحل، وآخرها التي كان من المقرر أن تجرى نهاية آذار (مارس). ومع ذلك، قرر الإسرائيليون، من طرف واحد، عدم الإفراج عن الدفعة النهائية مصرين على ألا يتم ذلك إلا إذا وافق الفلسطينيون على تمديد المفاوضات المقرر أن تنتهي في نهاية نيسان.

الجهـــود المختلفة لتقديم اقتراحات رمزية، كالإفــراج عن السجناء الذين بقي شهر واحد من فترة محكوميتهم لإقناع المفاوضين الفلسطينيين، فشلت بتغيير رأي الجانب الفلسطيني الرافض اتفاقيات المقايضة.

قدم الفلسطينيون طلباً أكثر عمليةً في بداية محادثات السلام ألا وهو اتفاق على مرجعية المحادثات والتزام إسرائيل بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية. طلبوا أن تهدف المحادثات إلى التوصل لحل الدولتين على أساس حدود الـ67. خطة السلام العربية التي اقترحت تطبيع إسرائيل مع 57 دولة عربية ومسلمة مقابل انسحاب قواتها من المناطق العربية المحتلة وحل متفق عليه كمشكلة اللاجئين قُدمت كأساس للمحادثات. رفضت إسرائيل أن يكون هناك مرجع للمحادثات. رفضت أيضاً وقف الأنشطة الاستيطانية بل زاد الاستيلاء على الأراضي، ناهيك عن هدم المنازل خاصة في القدس الشرقية المحتلة.

تذمرت إسرائيل بأن العمل الفلسطيني الأحادي هو ضد نص وروح عملية السلام. يسخر الفلسطينيون من هذه التصريحات وتفشل إسرائيل في الوفاء بالبنود الرئيسية لاتفاقات السلام، فضلاً عن الاستمرار في انتهاك القانون الدولي الهادف إلى تنظيم الاحتلالات الطويلة الأمد. تنص اتفاقية جنيف الرابعة بوضوح على عدم شرعية أية قوة محتلة تنقل شعبها إلى المناطق المحتلة. أعطت محكمة العدل الدولية قراراً استشارياً بشأن الجدار الذي بني في عمق الأراضي الفلسطينية. ينص الحكم الاستشاري لعام 2007 بوضوح على أنه يحظر على إسرائيل كقوة محتلة أن تقوم بعمل توطيني في المناطق العربية المحتلة.

الإجراءات ورفض تنفيذ الالتزامات المتفق عليها لها عواقبها. بالانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة، لا يرفض الفلسطينيون المسار التفاوضي. فالرئيس الفلسطيني أكد عبر تفسيره قراره، أن الفلسطينيين لن يستخدموا سوى الوسائل السياسية وغير العنيفة في رفض الاحتلال.

الجولة الحالية من المحادثات تقترب من نهاية غير ناجحة. لا يمكن لعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة أن ينتج منها السلام المرغوب إذا كان طرف واحد يهتم فقط بعملية السلام وليس بتحقيقه. الإجراءات الفلسطينية لا تحل بالضرورة مكان المحادثات. ومع ذلك، فالانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة، وبخاصة محكمة العدل الدولية، سيعزز الموقف الفلسطيني التفاوضي.

تحتاج إسرائيل إلى أن تفهم أنه لا يمكن أن تستمر في انتهاك القانون الدولي، واحتلال الأراضي بالقوة من دون أية عواقب. محادثات السلام القناة الوحيدة التي يلتزمها الفلسطينيون، ولكن يجب ألا ينظر إلى هذا الالتزام الطوعي كمصدر للضعف.

تفتخر إسرائيل بأنها احتلت الأراضي الفلسطينية في ستة أيام. شهر نيسان الجاري ما هو إلا فترة كافية ليأتوا إلى طاولة المفاوضات ويقبلوا الثمن المطلوب لتحقيق انفراج ما. فالأرض مقابل السلام على أساس حل الدولتين هو ما أعلنه العالم كحل عادل للصراع. فإذا أظهر الإسرائيليون جدية في المحادثات استطاعت العملية أن تنتج سلاماً حقيقياً.

 

 

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .