مارس 05 2014

خطة كيري للسلام تهز العلاقات الأردنية الفلسطينية

بقلم داود كُتّاب *

يبدو أن جدية خطة الإطار الذي بادرت به الولايات المتحدة للتوصل إلى حل ممكن للمشكلة الفلسطينية الإسرائيلية  قد هزت العلاقات النائمة في المنطقة بما في ذلك في الأردن.

 العلاقة الفلسطينية الأردنية، التي تشهد أعلى درجة من التعاون والثقة المتبادلة، موضوعة على المحك.  فالتحديات التي تواجه هذه العلاقة المهمة تنبع من القضايا المتعلقة بالهوية التي عانت منها الأردن منذ عقود ولكن تم تجاهلها وإهمالها.

 السياسيون الأردنيون والنقاد والصحفيون وحتى المسؤولون الحكوميون يعبرون بدرجات مختلفة عن اهتمامهم وقلقهم بشأن عواقب خطة وزير الخارجية الأميركية جون كيري، على الرغم من أن المعلومات حول الخطة لا زالت سطحية جداً.

 إمكانات حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد أحيت نقاشاً حول الإصلاح السياسي والذي تأخر حتى يتم حل القضية الفلسطينية.

 قضية اللاجئين ربما تكون الجزء الأهم من هذا النقاش.  إن المليوني لاجئ المسجلين في الأردن هم أكبر مجموعة من اللاجئين الفلسطينيين في العالم.  قضيتهم هي أكثر تعقيداً من حيث أنهم أيضاً يتمتعون بمواطنة أردنية كاملة، وإن لم يكونوا ممثلين بشكل عادل في البرلمان نتيجة التلاعب الإنتخابي على نطاق واسع.

 بدأ التذمر على مواقع وسائل الإعلام الإجتماعية، ومن المسؤولين الأردنيين، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق الدكتور معروف البخيت، الذي طلب بأن يحضر ممثل أردني المحادثات الجارية التي تقودها الولايات المتحدة ليضمن أن الحقوق الأردنية مصانة.

 تمّ أيضاً إدراج قضية الفلسطينيين في الأردن في المناقشات حول حقوق المرأة الأردنية في إعطاء الجنسية لأبنائهن.  فقد أثار وعد حكومي لإئتلاف برلماني برئاسة نائب مادبا مصطفى حمارنة حول إعطاء الحقوق المدنية لأطفال الأردنيين ردود فعل غاضبة من قبل أردنيي الضفة الشرقية الذين يخشون أن هذا سوف يؤدي إلى تغيير  في التركيبة السكانية الحساسة في الأردن.

 علّق الكاتب المخضرم فهد الفانك على القضية قائلا- دون برهان- إن فكرة إعطاء جوازات سفر مؤقتة أو دائمة للفلسطينيين تسبب في تفريغ الضفة الغربية.

ومع ذلك، تصاعدت المناقشة أيضاً عندما طالب أعضاء البرلمان الحكومة تقديم عرض  لسير محادثات السلام.

 قدم وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة تقريراً عاماً مختصراً حول مصالح الأردن الرئيسية في محادثات السلام، ولكن هذا لم يرضِ النواب الذين يريدون مزيداً من التفاصيل.

 صعد رئيس الوزراء عبد الله النسور إلى المنصة وفاجأ البرلمانيين بالتشكيك في شفافية الجانب الفلسطيني حيال نظرائهم الأردنيين.

 وقال النسور إن الأردنيين يخشون من المفاجأة الفلسطينية، في إشارة إلى الحقيقة بأن الأردن، مثل كثيرين آخرين، أُخذ على حين غرة تماماً عندما أنتجت قناة أوسلو الخلفية مذكرة التفاهم الإسرائيلية الفلسطينية في عام 1993.

على الرغم من أنه أشاد بالرئيس الفلسطيني محمود عباس إلا أن وسائل الإعلام علقت على تشكك النسور في الانفتاح الفلسطيني على الأردن.

 ومع ذلك، فإن مطالبة النسور تم الرد عليها بسرعة من قبل وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.

أصر المالكي في مقابلة له تم بث أجزاء منها على راديو البلد في عمان، على حقيقة أن الفلسطينيين منفتحون وشفافون تماماً مع الأردن.   وقال إن الرئيس الفلسطيني يطلع جلالة الملك عبدالله الثاني بانتظام وبشكل كامل.  ومع ذلك، ألمح المالكي إلى إمكانية أن المشكلة قد تكون داخل الأردن. وختم كلامه بالقول “إن ما يختاره الملك ليطلع حكومته به ليس شأننا”.

 أحدث بيان المالكي على الراديو بعض ملاحظات غاضبة من بعض الأردنيين.

 كتب الرئيس السابق للديوان الملكي رياض أبو كركي، في صفحته على الفيسبوك أن تصريحات المالكي لم تكن لائقة واستخدم الكلمة العربية “عيب” ليصف التلميحات حول انقطاع الاتصال بين القصر والحكومة.

ليس هناك شك في أن قضايا الهوية الوطنية التي تواجه الأردنيين إذا ما تم حل القضية الفلسطينية هي مربكة.

 إن الإصلاح السياسي الحقيقي ومشاركة عادلة لجميع المواطنين التي تم تأجيلها لسنوات، لا يمكن تبريرها أكثر من ذلك.

 في حين يبقى القول الذي لا يُنسى للملك حسين بأن الأردن  لمواطنيه بغض النظر عن أصولهم ومنابتهم، هو السبيل للمضي قدماً، فإن كثيرين يخشون من أن مصالح بعض الأردنيين الذين استفادوا من الحكومة المركزية لعقود من الزمن سوف تختفي عندما تصبح الحاجة إلى المساواة بين جميع المواطنين هي القاعدة.

*  الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في عمان والقدس

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .