فبراير 24 2014

هل سيقبل الفلسطينيون أن يعيش المستوطنون اليهود في فلسطين؟

بقلم داود كُتّاب *

 المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة غير شرعية. العالم كله قال ذلك.

 عندما سُئلت محكمة العدل الدولية في لاهاي عن رأيٍها حول الجدار الإسرائيلي الذي بُني في عمق الأراضي الفلسطينية، أكدت أنه لا يُسمح لقوى الاحتلال الإستلاء على الممتلكات أو نقل شعوبها إلى المناطق الواقعة تحت الاحتلال

 عدم شرعية المستوطنات تم تعريفه بشكل واضح في معاهدة جنيف الرابعة التي عالجت الأوضاع خلال الإحتلال النازي لفرنسا الذي طال أمده نسبياً.  والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عام 1967 استمر سبع مرات أكثر من الاحتلال الألماني.  وبالتالي، عندما قال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات لوكالة أسوشيتد برس أن المستوطنين لا ينبغي أن يبقوا في دولة فلسطين كجزء من أي اتفاق سلام كان لديه ما يبرره تماماً.

 فقد كان عريقات يرد على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي صرح فيه هذا الأخير أنه يمكن للمستوطنين اليهود الذين يعيشون حالياً في الأراضي المحتلة أن يبقوا في منازلهم ويعيشوا تحت الحكم الفلسطيني. تم تعديل التصريح في وقت لاحق لجعل هذه المسألة خياراً للمستوطنين الإسرائيليين.

 باستثناء عريقات، كان الجانب الفلسطيني صامتاً نسبياً، ولكن قنبلة نتنياهو تركت العديد من السياسيين في ائتلافه الحاكم ضحايا.   فقد دعا زعماء اليمين الإسرائيلي من بينهم الوزيرنفتالي بينيت تصريح نتنياهو بأنه “خطير للغاية”. وقالت صحف إسرائيلية أن المقصود كان فخاً للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلا أنه انفجر في وجه حكومة نتنياهو.

 بغض النظر عن ردود فعل عريقات أو الإسرائيليين بشأن هذا البالون الإختباري، فإن السؤال حول من يمكن أن يُسمح له بالعيش في فلسطين هو أمر مهم ويجب ألا يتم التغاضي عنه.

 قال بعض الفلسطينيين، بما في ذلك رئيس الوزراء السابق سلام فياض، إنه ليس هناك من سبب مبدئي لماذا لا يستطيع اليهود أو الإسرائيليون أن يعيشوا في دولة مستقلة ما داموا يلتزمون بالقوانين الفلسطينية.

 تاريخياً، كان الفلسطينيون مفتوحين لفكرة الدولة المتعددة في فلسطين. إن ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية  وقادة منظمة التحرير الفلسطينية الأولين كانوا يشيرون دائماً إلى فكرة الدولة الديمقراطية العلمانية حيث يمكن لليهود أن يعيشوا جنباً إلى جنب مع المسلمين والمسيحيين والفلسطينيين غير المتدينين.

 صحيح، إن القادة الفلسطينيين الذين يعارضون الفكر الصهيوني الذي يسمح لليهود في أي مكان في العالم بالهجرة إلى فلسطين، كانوا غامضين بشأن من هم اليهود الذين سيُسمح لهم بالعيش في هذه الدولة العلمانية. ولكن مفهوم دولة فلسطين المتعددة الأديان كان دائماً جزءً من الرواية الفلسطينية التاريخية.

 واليوم يفضل كثير من الفلسطينيين حل الدولة الواحدة، حيث اليهود الإسرائيليون يكونون جزءً من المواطنين من هذه الدولة الواحدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط​​.

يشعر بعض الفلسطينيين أن هناك فجوة كبيرة بين مفهوم شخص من أصل يهودي يرغب أن يعيش في دولة فلسطينية مستقلة ومفهوم المستوطنين اليهود الذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية المسروقة والذين على مدى عقود كانوا يروّعون جيرانهم، فجأة أن يُعطوا الشرعية والمواطنة.

 أصر البعض أيضاً أنه حتى يتمكن أي مستوطن إسرائيلي حالي أن يعيش في فلسطين، يجب أن يتم حل مسألة ملكية أملاكهم أولاً. فقضايا الملكية يجب أن يتم حلها قبل أن تتمكن الحكومة الفلسطينية من إعطاء أية شرعية للمستوطنين الراغبين في العيش في دولة فلسطين.

 في حين يعتقد معظمهم أن فكرة بقاء المستوطنين في فلسطين هي احتمال بعيد المنال، لأسباب عديدة، فإن الفكرة بأن في وقت ما في المستقبل ينبغي على الفلسطينيين أن يتأقلموا مع هذا الاحتمال هي فكرة قائمة.

 اذا أراد أميركي من أصل يهودي أو إسرائيلي شراء ملك بالشكل الصحيح، وإذا قبل بقوانين دولة فلسطين هل هذا الإحتمال سيتم رفضه؟

 إن الغضب الطبيعي من ورفض مثل هذه الأفكار يذكّر بصراعات أخرى طويلة الأجل والتي تحتاج إلى عملية تحقيق المصالحة كشرط مسبق.

 قد تكون هناك حاجة إلى لجنة الحقيقة والمصالحة على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا إذا كان سيُسمح لبعض المستوطنين الذين نهبوا فلسطين أن يستمروا في العيش فيها.

 إن الفكرة بأن يعيش المستوطنون اليهود في فلسطين تثير غضباً صارخاً من جهات عديدة. قد يكون نتنياهو قد طرح هذا البالون الإختباري كجزء من تكتيك تفاوضي خاص به.  ومع ذلك، فإن هذه القضية جدية، يجب على الفلسطينيين أن يُمعنوا التفكير فيها  لمعرفة ما إذا كان يمكن إيجاد نوع من الإجماع الوطني حول كيفية التعامل معها.

* الكاتب صحفي فلسطيني مقيم في فلسطين وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .