أبريل 23 2013

توزير النواب بيد النواب

نشرت بواسطة الساعة 2:38 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

* بقلم داود كتاب

من الملاحظ في متابعة الشان السياسي الاردني أخيراً، ان ثمة عدم وضوح في الرؤية في موضوع تشكيل الحكومات وخاصة قضية “توزير النواب”.

وكما جاء في الورقة النقاشية الثالثة للملك فان الدستور الاردني لا يعارض الفكرة من ناحية المبدأ ، ولكن يبدو ان هنالك عدة عقبات بحاجة الى تجاوزها او ما تسميه الورقة النقاشية “نضوج سياسي” قبل الوصول لهذه المرحلة.

ورغم ان مصادر “رفيعة المستوى” تؤكد ان رأس القرار السياسي الاردني لا يحبذ توزير النواب وفق المعطيات الراهنة، الا ان الموقف الرسمي المعلن يضع الكرة في ملعب النواب انفسهم في تحدي واضح لهم. فإن كانوا يرغبون بتوزير “أنفسهم” عليهم إنجاز بعض الامور على المستويين التشريعي والتنظيمي، إضافة الى تطوير في الاداء الكتلوي والحزبي البرلماني.

ومن الناحية التشريعية، فإن الضرورة الملحة تحتم تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب على مختلف المستويات وخصوصا في ما يتعلق بتأسيس وتنظيم العمل “الكتلوي”. وقد لاحظنا “هلامية” هذه الكتل خلال المشاورات والانشقاقات التي حصلت في بعضها.

أما في الناحية التنظيمية، فلا بد من توضيح العديد من الأمور المتعلقة بطبيعة عمل النواب والتي من الصعب تضمينها في التشريعات أو حتى النظام الداخلي للمجلس، وهنا يظهر اهمية إقرار مدونة سلوك واضحة المعالم تمنع وجود تضارب مصالح في حال السير في طريق توزير النواب.

ومن ناحية الاداء، فمن الضروري الابتعاد الخطاب الشعبوي والاستمرار في “دغدغة المشاعر الشعبية” في غياب البرامجية الواضحة المعالم التي من المفترض أن تشكل خارطة طريق للنواب.

قراءة سريعة واولية لما يجري في الاسابيع الاولى من عمر مجلس النواب السابع عشر لا توفر اي بادرة امل بأن يتم تغيير تلك الاسس القديمة.

ورغم تأكيد الملك عبد الله الثاني في خطبة العرش على ضرورة تعديل النظام الدخلي للمجلس وإقرار مدونة سلوك نيابية، وهذا ما جاء في تصريحات متكررة لرئيس مجلس النواب سعد السرور، إلا أنه من الصعب تصور تغييرات ذات جدوى في النظام الداخلي للمجلس خاصة ان النظام يعطي صلاحيات كبيرة لرئيس المجلس.

كما ومن الصعب تصور ان يقوم المجلس الحالي باقتراحات ذات بعد تتموي ديمقراطي في حين انه من الواضح ان الغلبية النيابية غير مقتنعة بالعمل الديمقراطي المبني على احترام الاخر وتبادل الاراء وارتقاء النقاش و تحمل النواب دورهم كنواب امة بدل من تركيزهم على مطالبات خدماتية محصورة بدوائرهم ومصالحهم.

ولعل المشادات اللفظية والفوضى التي سادت بعض جلسات النواب في الايام الاولى من عمر المجلس والتي كانت ذروتها اشهار السلاح تحت القبة دون عقاب او محاسبة لدليل واضح على صعوبة تحقيق مثل هذا التغيير.

ورغم بساطة الموضوع فان عدم التزام النواب بما فيهم رئيس المجلس بقانون الصحة العامة الذي اقره مجلس الامة بمنع التدخين في الاماكن العامة دليل على غياب الجدية لدى النواب باحترام اسس العمل النيابي والنظام الداخلي لمجلسهم.

وفي مجال الاداء النبابي فحدث ولا حرج، فمن الصعب جدا تصور مجلس نواب ناضج بحيث يمكن توزير نوابه في حين ان كتله النيابية مرنة لدرجة “الزئبقية”.

فمن المعروف لدى الانظمة البرلمانية العالمية ان التصويت على الثقة في الحكومة والميزانية العامة تعتبران من اهم مسؤوليات نواب الامة بحيث يتم اتخاذ القرارت الحزبية في تلك المواضيع من خلال توافق او تعارض سياسات الحكومات مع برنامج الاحزاب، ومن المعروف ان الطاعة الحزبية تكون مفروضة في تلك الاحوال بحيث يلتزم اعضاء الحزب او الكتلة بقرار الاغلبية مهما كان ومن اجل اعطاء رئاسة الحزب القدرة على التفاوض والمناورة. ولكن ما شهدناه في المجلس السابع عشر هو نفس “الهلامية” التي كنا نشاهدها في السابق، الامر الذي ادى الى اتخاذ هذه الكتل قرارا بتعويم التصويت على الثقة خوفاً على سلامة تلك التكتلات من الانشقاقات والتي من الواضح انها ليست مترابطة وملتزمة بفكر معين يجمع بين اعضائها.

من الواضح ان غياب شجاعة تشريعية وعدم وجود قدرة على اجراء تعديلات للنظام الداخلي للمجلس وغياب الالتزام والانضباط الحزبي يشير الى صعوبة وصول المجلس الحالي الى امكانية توزير النواب وفي نفس الوقت الابقاء على الفصل بين السلطات وقيام مجلس الامة بدورة في التشريع ومراقبة اداء الحكومة.

ورغم وعد رئيس الوزراء د. عبد الله النسور بتوزير النواب خلال هذا العام، إلا أن من الصعب تخيل قبول رأس القرار السياسي على توزير نواب المجلس السابع عشر الا في حالة تغيير جذري في اداءهم وطريقة عملهم.

 

*  الكاتب مدير عام راديو البلد وموقع عمان نت

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .