مارس 13 2013

النسور وسر القوة

نشرت بواسطة الساعة 9:48 ص تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

بقلم داود كتاب

ينص ملصق لفراشة جميلة العبارة التالية: “السعادة مثل الفراشة. إذا سعيت إليها تهرب منك ولكن إذا أبعدت النظر عنها ستأتي وتجلس على كتفك.”

تذكرت هذا الملصق عند سماعي خبر تكليف عبدالله النسور كأول رئيس وزراء مكلف بعد مشاورات نيابية ملكية في الأردن. فقوة الرئيس المكلف جاءت بسبب عدم سعيه للمنصب واستعداده علناً وعملياً قبول إمكانية – كما قال- أن يكون رئيس وزراء انتقالياً فقط.

 لقد قام معالي عبد الله النسور بكل شيء ممكن أن يسبب عدم اختياره للمنصب.  فقد رفع أسعار المشتقات النفطية رغم معرفته بعدم شعبيتها. ثم قام مرة أخرى بالموافقة على رفع جديد بعد تقديم الكتل بتسميته مما شكل إحراجاً لهم.

 ما سماه البعض بعناد النسور وما يسميه هو بالعمل على المصلحة العامة قد شكل مصدر إعجاب للعديد من الأردنين ونجح في رفع موقعه من رئيس إنتقالي إلى أول رئيس معين بناء على تشاورات الملك.

 لقد أظهر عبد الله النسور درجة كبيرة من الذكاء السياسي والحنكة البرلمانية.  فنجحت تكتيكاته برفع شعبيته في أوساط مؤثرة وحتى في أوساط شعبية كان هناك العديد من المعجبين بالسر.

في مجال التواصل مع المجتمع الأردني قام رئيس الوزراء بحملة مكثفة شملت مقابلة مطولة على التلفزيون الأردني قام خلالها بتقديم حجة مقنعة للمواطن البسيط حول ضرورات اتخاذ القرارت الصعبة والتي أوضح بصورة يصعب التشكيك فيها أن هدفه المصلحة العامة وهدفه للبلد طويل الأمد وليس الحصول على رد إيجابي سريع.

 ومن أسباب نجاح تجربة النسور التنفيذ السريع وغير المهين لموضوع المساعدات المباشرة للفئات الفقيرة وإيضاحه أن هدف إلغاء الدعم يعود لتوفيره من الأجانب والأغنياء.

شهدت الانتخابات النيابية التي جرت خلال فترة تولي النسور ولأول مرة نسبة عالية من الحياد للحكومة فيما لعبت الهيئة المستقلة للانتخابات وبعد ذلك المحاكم دوراً أساسياً في عملية الانتخابات ومتابعة شكاوى المعترضين.

كما وكان لقرارات النسور في متابعة ملفات الفساد مثل ملف وليد الكردي وتقديمه للمحاكمة علاوة على الملفات الأخرى رد فعل ممتاز في الشارع الذي احترم وجود رئيس وزراء نظيف اليدين في الدوار الرابع.

نظرة سريعة للوراء ومن الصعب أن يستطيع أي مراقب تسمية رئيس وزراء بشخصية قوية مثل عبد الله النسور في السنوات الماضية.  فالنواب الذين هرجوا ومرجوا لم يكن تأثيرهم يذكر في تغيير موقف الرئيس وسيعود العدد الكافي منهم قريباً بالتصويت بالثقة للرئيس الذي هاجموه بشراسة وبصوت مرتفع.

أما باقي القرارت الصعبة والتي عصيت على رؤساء وزراء آخرين فإن رفع أسعار الكهرباء سيتم – بالتأكيد بعد دراسة وتحضير للجمهور وسنعود مرة أخرى لصراخ في البرلمان، ثم سيصوت الغالبية لصالح رئيس وزراء لم يسعَ للرئاسة وعمل ما بدا ظاهراً ضد ما اعتقده الكل أنه لمصلحته الشخصية.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .