ديسمبر 23 2012

لماذا تصطف النجوم من أجل فلسطين

* بقلم داود كتاب

لو كنا نعيش في عالم مثالي لتمتع الفلسطينيون منذ وقت طويل بالإستقلال والحرية في دولة خاصة بهم.  وفي حين أن هذا العالم ليس مثالياً ولأن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة فإنه لا ضمان لفلسطين في الوجود. نشرت الصحف هذا الأسبوع أن المخابرات الأميركية تتوقع أن فلسطين ستكون حرة بحلول عام 2030 سواءً من خلال  عملية السلام أم لا.  لست متأكداً أنني سأكون حياً لأشهد هذا الحدث الجلل لهذا التوقع الأميركي ولكن أود أن أقترح توقعي الشخصي.

بما أن الوقت هو وقت عيد الميلاد وقد ولد يسوع في بلدة بيت لحم الفلسطينية، فإنه يمكن للمرء أن يحلم قليلاً. تصطف النجوم من أجل فلسطين في آخر السنة وما لم يضع شخص ما أو مجموعة ما العصا في العجلات فإن الأشياء الجيدة يمكن أن تحدث حقاً.  وأعتقد أن عام 2013 سوف يشهد تقدماً كبيراً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لماذا أنا متفائل جداً؟

أنا متفائل بحذر وذلك لمزيج من الأسباب الشخصية والسياسية. بينما يعتقد البعض أن حل القضايا الاستراتيجية تتم على أساس اعتبارات المصلحة الوطنية فإنني أعتقد أن أشخاصاً ذوي شغف والتزام يمكنهم إنجاز الكثير. على الصعيد الشخصي، هناك قادة سياسيون بارزون ممن نضجوا على مر السنين وأصبحوا يعتمدون مواقف أكثر براغماتية حيال الآخر.  وكذلك، ونظراً إلى أن عدداً من السياسيين قد أعلنوا علناً بأنهم لن يعتزموا ترشيح أنفسهم مرة أخرى أو أنهم غير قادرين دستورياً على الترشح لمنصب الرئاسة، فإن هذا يعني أنهم ليسوا ملزمين بالاعتبارات التي يقلق بشأنها المسؤولين المحتاجين للمشاركة في انتخابات مستقبلية.  إن الضغط من مجموعات اللوبي أو من الحاجة إلى أن يكون موقفهم الخطابي أكثر بلاغة قد دمر في الماضي خطط التوصل إلى حل سياسي.

تحدث السفير الأميركي السابق لدى سوريا إدوارد دجيرجيان والمساعد الخاص لوزير الخارجية السابق جيمس بيكر هذا الاسبوع بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما لديه فرصة فريدة لدفع عملية السلام إلى الأمام.  أقر دجيرجيان وهو الآن أستاذ في جامعة رايس خلال حديثه مع قناة فرانس 2 التلفزيونية بأن أوباما بدأ فترة ولايته الأولى في الاتجاه الصحيح لكنه اضطر الى التخلي عن موقفه بسبب الضغوط السياسية الداخلية. ومع ذلك قال الدبلوماسي الأميركي السابق أنه يعتقد بأن أوباما يمكنه في ولايته الثانية ان يحرك العملية بشكل فعال نحو الأمام.  وأشار إلى أن هناك اختراقات قد حدثت في الماضي في الشرق الأوسط عندما كان للولايات المتحدة دور فعال.

من الجهة الفلسطينية فإن النجوم يصطفون أيضاً لصالح اتفاق تاريخي ممكن.  فقد وفى الرئيس عباس بوعده في السعي للحصول على صفة مراقب في الأمم المتحدة لدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967 واستمر في قوله بأنه ليس لديه خطط لخوض أية انتخابات فلسطينية مقبلة. خالد مشعل، قائد حركة حماس مسرور أيضاً بعد أن صدت حركته هجوماً إسرائيلياً شهد إطلاق صواريخ وصلت إلى قلب إسرائيل.  إن مشعل لا يسعى هو أيضاً إلى إعادة انتخابه رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، وقد دعم جهود عباس في الأمم المتحدة ولا يزال يشير إلى أن حركته ستقبل بما قد يوافق عليه الفلسطينيون.  إن مشعل الذي قضى أربعة أيام في غزة تحدث أمام تجمع فلسطيني كبير ضم حركتي فتح وقوميين آخرين بأن حركته ستنضم إلى منظمة التحرير الفلسطينية المعاد تنشيطها.  من خلال الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فإن حماس سوف تكون ملزمة بأي اتفاق سياسي يكون قد تم التوصل إليه طالما خضع مثل هذا الاتفاق إلى الإستفتاء الشعبي.

في حين أن قادة الولايات المتحدة والفلسطينيين يبدون أنهم في موقف قوي للعمل ولدفع بعض الاتفاقات التاريخية فإن التوقعات حول ما سيقرره الشعب الإسرائيلي في 24 كانون الثاني/يناير لا يمكن معرفتها، وماذا سيحدث إذا تم إعادة انتخاب نتنياهو خاصة مع قائمة أكثر تطرفاً شكلها حزب الليكود مع حزب ليبرمان. بطبيعة الحال، قد يقول البعض إن مع وجود قائمة من الجناح اليميني فإن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيتم دعمه من قبل الغالبية العظمى من الإسرائيليين ولكن المفتاح هو العثور على مثل هذا الاتفاق.

إن مدى استعداد الشخصيات السياسية البارزة لإجراء اتفاق تاريخي، بالرغم عن ذلك فإنه من المهم أن يكون هناك مناخ سياسي لجعل مثل هذا الاتفاق ممكناً.  إن رد الفعل الأوروبي القوي لمحاولات إسرائيل لتوسيع الاستيطان غير الشرعي في منطقة E1 يرسل رسالة قوية للإسرائيليين. إن الاتحاد الأوروبي الذي هو الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل (وليس الولايات المتحدة) يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً في دفع الإسرائيليين إلى موقف سياسي معقول وكذلك في دفع إدارة أوباما في ولايتها الثانية للعمل بمزيد من الفعالية على تنفيذ ما قبله المجتمع الدولي منذ سنوات كإطار لاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين.  إن إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 مع تبادل الأراضي (على قدم المساواة في الحجم والنوعية) المتفق عليه حسب القرار المتعلق بقضايا اللاجئين وحل وضع القدس على أساس مقترحات كلينتون هي الآن نقطة مرجعية لأي اتفاق.

إذا كان بإمكان نجم بيت لحم أن يحقق أخباراً سارة في هذا الموسم فإنه سوف نكون قادرين على أن نرنم بحلول عيد الميلاد المقبل جنباً إلى جنب مع الملائكة قائلين:

المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.

* صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .