ديسمبر 16 2012

الضمانات الدستورية مقابل التشريعات

نشرت بواسطة الساعة 12:20 م تحت فئة مقالاتي,اﻷردن -

*بقلم داود كتاب

*حرية التعبير ستكون مضمونة وسيتم ممارستها وفقا للقانون.
*سيتم المحافظة على حرية ممارسة الشعائر الدينية ستنظم وفقاً للقانون.
*المواطنون سواسية بغض النظر عن الجنس أو الدين وسيتم ممارسة هذه المساواة من خلال القانون.
*ستكون الانتخابات حرة ونزيهة ومكفولة لجميع المواطنين وفقاً للقانون. ”

النصوص أعلاه أو نصوص مماثلة غالباً ما تظهر في الدساتير ويتم استعراضها كدليل على أن بلداً معيناً يضمن لمواطنيه حقوق الإنسان والحقوق المدنية العالمية. ومع ذلك، حين يتم تفحصها، يكتشف المرء أن أي بند دستوري ينتهي بمصطلح ‘وفقاً للقانون’ هو في الواقع خالٍ من هذه الضمانات التي يمكن أن يتوقعها أي فرد من الدستور. ‘وذلك لأنه عندما يتم ‘اشتراط ضمانة ما بموجب القانون، يسمح في الواقع لهيئة تشريعية معينة أن تعمل على ترجمة ذلك الضمان بقانون بدلاً من السماح للضمان بأن يقوم بذاته. 

إن المحاكم والمحاكم الدستورية على وجه التحديد يمكنها أن تقرر ما إذا كان أي تشريع قانوني دستورياً أم لا. ومع ذلك، فإن المحاكم الدستورية لا يمكنها أن تفعل شيئاً عندما يتم ترجمة بند دستوري من خلال قانون تقره أغلبية بسيطة.

وبينما تجري ترجمة الربيع العربي في دساتير جديدة، فإنه من المهم فهم الفروق بين القيم والضمانات الدستورية والقوانين. وفي حين أن الضمانات الدستورية تهدف في كثير من الأحيان إلى حماية الأقليات، فإن القوانين تسن على أساس الأغلبيات.
من أجل ذلك ينبغي أن يتم التوصل إلى دستور على أساس توافق الآراء وليس مجرد تصويت أغلبية هيئة دستورية.

وكذلك، فإن الإدعاء بأن مسودة الدستور تمت المصادقة عليها عن طريق الاستفتاء الشعبي لا معنى له لأن غالبية الناس لا سيما إذا لم يعطوا ما يكفي من الوقت لدراسة مسودة الدستور، غالباً ما سيعملون لصالح الأغلبية وليس لصالح الأقلية.

ففي الأردن – على سبيل المثال لا الحصر- جرت تعديلات دستورية’ شملت 41 بنداً. ‘ولكن’ البند ال 67 المعدل تنازل عن كيفية اختيار نواب الأمة ‘وفقاً لقانون انتخابات’ يقره البرلمان دون وضع شروط غير قابلة للترجمة حسب مزاج المشرع. ‘فمثلا كثير من الأردنيين غير راضين بقانون الانتخابات الذي أقره البرلمان لأنهم شعروا بأنه يميز قطاعات معينة من المجتمع. وفيما يتعلق الأمر بحرية التعبير، فإن الدستور الأردني كفل حرية الرأي ولكنة اشترط ‘ان لا يتجاوز حدود القانون’. وفعلاً تمت ترجمة ذلك البند من قبل البرلمان السادس عشر بطريقة تقيد بشدة المواقع الإخبارية الإلكترونية. وفي حين أن البنود الدستورية المقيدة تنقل القوة إلى هيئات تشريعية، فإن المشكلة تتفاقم لاحقاً عندما يتم التشكك في شرعية أي برلمان. ‘فعلى سبيل المثال، تحدث مسؤولون أردنيون علناً عن المخالفات وحتى التزوير الذي شاب عمليتي الانتخابات البرلمانية الأخيرتين. لذا، إذا كانت الضمانات الدستورية غير مؤكدة، وإذا ما أعطي الحق للبرلمانات بترجمة هذه الضمانات، وإذا كانت نفس هذه البرلمانات غير نزيهة في عين الجمهور فإن العملية موصومة.

ويحدث الشيء نفسه في مصر إذ يتحول النقاش الدستوري إلى معركة في الشوارع، مع إصرار حكام البلاد على أنه يحق للغالبية الطفيفة في الجمعية الدستورية اتخاذ قرار عن جميع المصريين عن ماهية وكيفية شكل ونص دستورهم الجديد.
وعلاوة على ذلك، فقد ذكروا أنه لا يهم أن تنسحب قطاعات هامة من الجمعية أو أن يكون هناك معارضة من بعض الجماعات، لأنه سيتم وضع الدستور للتصويت العام وبأغلبية بسيطة.

إن الدساتير وثائق هامة تهدف إلى ضمان الحقوق وينبغي أن تكتب بطريقة تحمي الأقليات، وليس فقط الأغلبية. للوصول إلى مثل هذه الوثيقة دون آلية توفر هذه الضمانات فإنه يتطلب قادة غير أنانيين استثنائيين يقاتلون من أجل حقوق جميع المواطنين، خاصة ‘الضعفاء وغير الممثلين. هذا ما نحتاج إليه من أجل تحويل هذا الربيع العربي إلى ثورة ديمقراطية حقيقية يمكن للجميع أن يكونوا فخورين بها.

* صحفي فلسطيني مقيم في القدس وعمان

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .