أغسطس 30 2012

تصاريح عبور الخط الأخضر هل هي لأسباب سياسية أم اقتصادية؟!

بقلم داود كتاب *

بعد سنوات من القيود المفروضة على السفر، فتحت إسرائيل الشهر الماضي حدودها إلى العديد من الفلسطينيين في الضفة الغربية (ولكن ليس الكل).  في نابلس وحدها تم إصدار  17000 تصريح من أصل 25000 ممن تقدموا للحصول على تصاريح، وسمح لبعض الفئات العمرية بالدخول من دون تصريح.

كانت المناسبة هي شهر رمضان الكريم. لم يكن هناك رفض للتصاريح بل تم اتخاذ قرار في مكان ما في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للتخفيف عن السجن الكبير حيث يجد الملايين من الفلسطينيين أنفسهم فيه.  حتى ان حاجز قلنديا المرهق أصبح عبوره فجأة أسهل بكثير وكان الجنود بالكاد ينظرون إلى رخص السيارات التي تعبر وفي بعض الأحيان كانوا يتركون الحاجز من دون طوابير طويلة التي أصبحت علامته التجارية.

وبطبيعة الحال، فقد كان الفلسطينيون سعداء لأنهم سيتمكنون من أداء الصلاة في المسجد الأقصى وزيارة الأقارب والأصدقاء في القدس وداخل الخط الأخضر.  لم يتمكن العديد من الفلسطينيين من زيارة القدس على مدى عقود.  اصطحب الأهل أولادهم (بعضهم من المراهقين) لرؤية القدس التي لم يروها قط سابقاً.  فاضت القدس الغربية وتل أبيب وحيفا وغيرها من المدن بالفلسطينيين.

تسوّق الفلسطينيون في القدس (ويقال إن مول المالحة قد باع بقيمة مليوني شيكل في عطلة نهاية الأسبوع). وصل الفلسطينيون إلى الشواطئ والمتاجر وتمتعوا بفرصة نادرة للخروج من المنطقة المغلقة من الضفة الغربية.

لقد فاجأ القرار الإسرائيلي الأحادي الجانب الكثيرين بما في ذلك المؤسسة السياسية.  ما هو السبب وراء هذا “العمل الخيري الإسرائيلي” في وقت تمّ فيه رفض دخول مئات من الأجانب القادمين لزيارة فلسطين على جسر الملك حسين؟

 بلغت أصداء المعلقين الفلسطينيين موجات الأثير في أكبر مناقشات تراوحت بين ما إذا كان القرار سياسياً في المقام الأول أو إقتصادياً.  وقال المدافعون عن المسار السياسي بأن إسرائيل كانت راضية بدرجة عالية عن التعاون الأمني ​​مع السلطة الفلسطينية وبأن الوضع الأمني ​​كان الأفضل منذ سنوات وبالتالي أراد الاسرائيليون الاستفادة من هذا الهدوء الأمني للمساعدة في إرخاء التوتر الفلسطيني.  وقال البعض بأن إسرائيل قلقة من أن انتفاضة ثالثة قد تكون على قاب قوسين، وأن قرارهم بالسماح لجماهير الفلسطينيين بالتحرك قد تساعد في توجيه الناس بعيداً عن العودة الى المواجهات العنفية.

أما المؤيدون للمسار الاقتصادي فقد أشاروا إلى مختلف الإحصاءات التي تبين حجم مشتريات الفلسطينيين في إسرائيل، وقالوا إن هذا القرار كان قرارا محسوباً لمساعدة الاقتصاد الإسرائيلي وللقضاء على أي شكل من أشكال مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.  ومع ذلك، فقد قال البعض إن هذا لا معنى له لأن كمية الأموال التي أنفقها الفلسطينيون في هذا الاندفاع هو تافه مقارنة بالاقتصاد الإسرائيلي عموماً.

كان للمسار الاقتصادي بضع نقاط أخرى إذ أكد البعض قائلين إنه مع الوضع المالي الحرج للسلطة الفلسطينية، فإن عدد الفلسطينيين العاطلين عن العمل سوف يتزايد بشكل كبير مما يمكن أن يسهم في عودة العنف.  وقيل أن صمام الأمان الاقتصادي هذا، له علاقة أكبر مع فكرة عودة الاقتصاد الفلسطيني إلى الأيام التي كان فيها يعتمد كلياً على إسرائيل.

ومع احتياج الشركات الإسرائيلية إلى عمال ومعارضة من قبل الشعب الإسرائيلي لمهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، يقال إنه ربما آن الأوان للسماح للعمال الفلسطينيين العودة للعمل في إسرائيل.  فالفلسطينيون الذين يأتون ويرجعوا إلى منازلهم في نفس اليوم لا يسببون مشكلة اجتماعية في إسرائيل.

إن العمال الفلسطينيين مطلوبون كثيراً من أصحاب العمل الإسرائيليين بسبب جودة إنتاجيتهم وإلمامهم باللغة العبرية وفهمهم لاحتياجات أصحاب العمل الإسرائيليين.  وبالنسبة للكثيرين فإن العمال الفلسطينيين هم أفضل بكثير من العمال التايلنديين أو من المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين.

مهما كانت الدوافع الحقيقية وراء التحرك الإسرائيلي للتخفيف من السياسات على نقاط العبور، فإنه يبدو واضحاً أن الحل السياسي هو أبعد بكثير مما كان متوقعاً في السابق. إن دولة فلسطينية مستقلة لها علاقات اقتصادية قوية مع الأردن ومصر والعالم العربي هي ربما أبعد الآن مما كانت عليه منذ عقود.  مع عدم وجود أفق للسلام فإن مبادرة نتنياهو للسلام الاقتصادي تحتل الآن أهمية قصوى ويتم تطبيقها بأسلوب أحادي الجانب من قبل الجيش الإسرائيلي.

*صحفي فلسطيني

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .