مارس 19 2012

الصهيونية المسيحية تواجه بالتحدي في بيت لحم فلسطين

بقلم داود كتاب

وقع حدث فريد من نوعه للسنة الثانية على التوالي في مدينة بيت لحم الفلسطينية هذا الأسبوع.  العديد من المسيحيين الإنجيليين الذين يُنظر إليهم على أنهم أشد المؤيدين لإسرائيل (في كثير من الأحيان أكثر كثيراً من الإسرائيليين) كانوا ضيوفاً لتجمع مسيحي فلسطيني.

استضاف مؤتمر “المسيح أمام الحاجز” الذي عقد برعاية كلية بيت لحم للكتاب المقدس، أكثر من 600 شخص من الإنجيليين من مختلف أنحاء العالم، ولكن في المقام الأول من الولايات المتحدة. من بين الإنجيليين الرائدين الذين حضروا هذا الحدث ذات الرعاية الفلسطينية القس جويل هنتر، وهو المستشار الروحي للرئيس الأميركي باراك أوباما، واللاهوتي طوني كامبولو والناشطان الاجتماعيان رون سيدر ولين هايبس والقس البريطاني ستيفن سايزر وقائد الطائفة شاهين كليبورن والقس الآسيوي سانج-بوك ديفيد كيم. كما شارك القس اليكس عوض والناشط لبيب مدانات والاكاديمي حنا كتناشو من فلسطين والدكتور عماد شحادة من الأردن.

قبل الافتتاح في فندق جسير بالاس انتركونتيننتال، كان المؤتمر (بمنظميه وضيوفه على حد سواء) موضوعاً لهجمات متعددة.  تعرض المتحدثون لضغوط حتى لا يحضروا وذلك من خلال المئات من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية، مع اتهامات بأن مشاركتهم ستعطي الشرعية لتجمع مناهض لإسرائيل ومعاد للسامية.  

هاجم اثنان من الحاخامات اللذان يعملان في قضايا الحوار بين الأديان في مركز فيزنتال المؤتمر بقسوة على أنه من الممكن أن يهز الأسس لأنصار إسرائيل الأكثر تأثيراً.  وفي مقالتهما في صحيفة جيروزاليم بوست، قال الحاخامان ابراهام كوبر ويتزتشوك أدلرشتاين أن هذا المؤتمر هو “استهداف لمؤيدي إسرائيل الوحيدين الأكبر والأكثر موثوقية: عشرات الملايين من المسيحيين الإنجيليين الذين وقفوا مع الدولة اليهودية منذ اليوم الأول”. وقد استنتجا أنه حتى ولو حقق المؤتمر بعضاً من أهدافه فإن “العواقب ستكون كارثية بالنسبة لإسرائيل وليهود العالم”.

نتج عن تلك المقالات وعن غيرها مستوى من الإرهاب الفكري غير معروف في الأوساط المسيحية التي تؤمن في الحوار بين أقرانهم المؤمنين.

ربما كانت المجموعة الأكثر تضررا هي مجموعة القادة المسيحيين من أصل يهودي. فاليهود المسيحيون الذين كانوا ينوون الحضور اتهموا بإعطاء الشرعية لحدث مناهض لإسرائيل. ومع ذلك فقد حضروا وقالوا إنهم شعروا بالترحيب والاحترام.

لم يكن هذا المؤتمر حدثاً مناهضاً لإسرائيل بأي شكل من الأشكال. لقد استمد قوته من مناهضة بعض التفسيرات اللاهوتية السائدة أكثر من كونه محاضرة سياسية.  

شملت معظم الجلسات بالأحرى المناقشات حول مصطلحات معقدة (على سبيل المثال، من المدرسة التدبيرية الحازمة مقابل التدبيرية التقدمية – وهو نظام من اللاهوت النبوي الذي يصور إسرائيل الى حد كبير أنها جزء من خطة الله للأيام الأخيرة) أو أجوبة على أسئلة (مثل هل يشكل المؤمنون المسيحيون الفلسطينيون مشكلة للصهيونية المسيحية؟ ما هو اللاهوت الكتابي للأرض؟ هل عكس الصهيونية المسيحية يعتبر لاهوتاً بديلاً؟  وكيف يؤثر علم اللاهوت في السياسة).

هذا لا يعني أن المؤتمر تجاهل الواقع الفلسطيني. رحب رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ورئيس بلدية بيت لحم فيكتور بطارسة بالضيوف الدوليين عند افتتاح المؤتمر وجعلهم على علم تام بتطلعات الفلسطينيين في العيش في حرية وسلام الى جانب اسرائيل.  وتحدث فياض عن أهمية نبذ العنف والحاجة الى دعم السلام والعدالة.

وبالاضافة الى حضور المؤتمر، فإن معظم الضيوف الدوليين قاموا بجولات موازية  إلى مختلف المجتمعات الفلسطينية المتضررة من جراء الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الأسر التي أرضها خارج الحدود بسبب الجدار الإسرائيلي والعائلات الفلسطينية المسيحية الذين يعانون بسبب الاحتلال الإسرائيلي المستمر.

وبدا معظم المشاركين الذين حضروا المؤتمر أنهم قد وصلوا إلى استنتاج مفاده أنه من غير المقبول مزج اللاهوت بالسياسة وحاولوا استخدام بعض النصوص المعزولة من الكتاب المقدس لتبرير الأفعال الإسرائيلية. ولكن ما يبدو أنه نتج عن هذا المؤتمر هو تعزيز وتقوية مختلف الحجج التي تفضح الأساطير التي يعتبرها الكثيرون أنها الموقف النمطي للمسيحيين الإنجيليين.

بالإضافة إلى المناقشات اللاهوتية، قدم المشاركون في المؤتمر وجهة نظر فريدة من نوعها عن فلسطين وعن المسيحيين الفلسطينيين. وبالنسبة لكثير من الانجيليين، فقد قدم هذا المؤتمر جانباً إنسانياً قوياً مما يجعل من المستحيل عليهم الاستمرار في فصل بعض تفسيرات اللاهوت المسيحي عن تأثيرها على الناس الحقيقيين، وفي الواقع على الناس الذين يتقاسمون المعتقدات التوراتية المماثلة.

إن الانجيليين المتشددين، والمبشرين الإنجيليين في التلفزيونات والصهاينة المسيحيين عموماً سوف يستمرون دون شك في إظهار بشكل واضح تحاملهم ضد الفلسطينيين، وأن يكونوا في صالح نوع من الحل اليهودي المسيحي للصراع، والذي لا يتضمن أي فلسطيني، سواء كان مسيحيا أو مسلماً. ومع ذلك، فإن القدرة على إنكار المعاناة والادعاء ب “لم نكن نعرف” يزداد صعوبة أكثر فأكثر.

لقد فاض مؤتمر “المسيح على الحاجز” بالحيوية ومما لا شك فيه أن المشاركين سيعودون الى كنائسهم في الغرب برسالة مختلفة وهي أنه للتوصل إلى السلام يجب أن يكون هناك عدالة وأن السلام والعدالة هما حجر الزاوية في العقيدة المسيحية، بغض النظر عن التشويش اللاهوتي الذي حاول المسيحيون الصهاينة أن يضعوه عليه.

لا تعليقات حاليا

خدمة Rss التعليقات

أرسل تعليق

يجب عليك الدخول لإرسال تعليق .